مقالات

خبز وماء الأتراك ؟؟؟

مصطفى عبدو

هناك مثل كردي يختصر جميع الصفات التي يتصف بها الأتراك, وهذا المثل بات معروفاً لدى كافة الناس, وفحوى المثل (أن الأتراك خبزهم وماؤهم على ركبتهم) أي بمعنى أنه لا يمكنك الثقة بالأتراك وأنهم سيغدرون بك متى ما أتاحت لهم الفرصة.

هل تثق بالأتراك ؟؟؟

لو طُرح هذا السؤال على أي شخص مهما كانت جنسيته أو دينه أو مذهبه أو قوميته، وفي جميع مراحل التاريخ, فإنه سينفي هذا السؤال بالتأكيد، لأنه ما من أحد إلا ونال نصيبه من غدر وطغيان وفظاظة الأتراك, فالكل مقتنع بأن تركيا في كل الأوقات كانت منبع الإرهاب ومازالت تدعم كل أشكاله في المنطقة, فهي تعتبر مركز الإرهاب ماضياً وحاضراً.

ورغم كل ذلك، فإن أغلب دول العالم ما تزال على صلة وثيقة بتركيا. بصريح العبارة يمكننا القول أنها صلة متسمة بعدم الثقة.

من بين هذه الدول التي ترتبط بتركيا بمثل هذه العلاقة هي روسيا.

رغم التوتر الشديد بين الدولتين, ورغم العداوة التاريخية بينهما, وفي كثير من الأحيان أخذت هذه العلاقة بينهما شكلاً ومنهجاً تصعيدياً، إلا أنه كان يحصل في الوقت نفسه تعاون سري بين الجانبين في كثير من الأحيان مثلما حصل مؤخراً في التعاون بينهما للتدخل في سوريا؛ ومحاولة زعزعة الاستقرار في عفرين والشمال السوري, الأمر الذي أدى إلى كشف الكثير من الأقنعة.

 لا يمكن التغاضي عن وجود ميراث تاريخيّ من الخلافات بين البلدين، ومن أهمها الخلافات حول المرور في مضيق البوسفور، والتنافس على نقل بترول آسيا الوسطى وبحر قزوين، والموقف من قضية النزاع حول منطقة ناغورني  كاراباخ بين أذربيجان وأرمينيا، والمسألة السورية، والقضية القبرصية، والدعم الروسي لليونان، ومشكلة الشيشان والموقف التركي منها.

الكيانات السياسية الكبرى لا تتقارب أو تتباعد على قاعدة الانعطافات الحادة، بل على أسس متدرجة وراسخة، تبدأ بالتعاون وصولاً إلى التكامل، فالتحالف الوثيق.

وفي هذا السياق، لا يتردّد الرئيسان، أردوغان وبوتين، في الانطلاق من الجغرافيا السياسية؛ فبوتين يدرك أنّ أي زعيم روسي يجب أن يوفّر مناطق عازلة لروسيا في أوروبا الشرقية والقوقاز، وأردوغان  يدرك أنّ بلاده يجب أن تصبح قوة مهمة في الشرق الأوسط، من أجل كسب النفوذ في أوروبا، وكلاهما يشعر بمزيد من عدم الارتياح من الغرب الذي يقارب كلًا منهما بحذر، وينأى بنفسه عنهما، ويبدو أنّ الطرفين يدركان بدقة أهمية ترميم العلاقات، إنها سياسات المصالح التي تجمع الأعداء وتفرق الحلفاء..

تكمن مشكلة التعاون بين تركيا وروسيا في أنها اكتسبت في هذه الأثناء أبعاداً تهدد أمن واستقرار المنطقة، فتركيا تسعى إلى السيطرة على سوريا بشكل أو آخر, وتشارك في المحاولات لتغيير النظام في دمشق وفقاً لمصالحها وأجنداتها؛ في حين تحافظ روسيا على مصالحها في سوريا سواء بدعم النظام أو بترسيخ قواعدها العسكرية ومصالحها الاقتصادية.

فهل بدأ العالم يدرك مدى استحالة الثقة بالأتراك؟

زر الذهاب إلى الأعلى