مانشيتمقالات

قراءة في الانتخابات البلدية في شمال شرقي سوريا

د. أحمد سينو  ــ                                    

لاشك أن هذه الانتخابات بالغة الأهمية، خصوصاً البلدية منها، لأنها تلامس مباشرة كل الاحتياجات والمتطلبات الاجتماعية والاقتصادية والصحية والتعليمية والخدمات الأخرى من توفير فُرص العمل وتعبيد الطرق وتوفير المستلزمات الزراعية للفلاحين من بذور وسماد وقروض وغيرها وفق خطط مدروسة ومُعَدَّة قبل نضوج المواسم وقطافها، وتمنح الرُّخَص للبناء وتُنظِّم المخالفات وتراعي تحقيق التنمية المستدامة وتراعي حالة التطور الراهنة، كما وتقدم الخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة وتؤمِّن رعاية الأطفال والمسنين وتوفير الأدوية المجانية لذوي الأمراض المستعصية، كما تعمل البلديات على إقامة الحدائق العامة وتقوم برعايتها وتقوم بتأسيس المنشآت الصناعية وتنظم عمل الحِرَف بها، كما وتشرف على إدارة المرور ومراقبة الأسواق والمحلات التجارية وغيرها، بمعنى أن البلديات لها مسؤولية كبيرة في البلدة أو المقاطعة أو المدينة وهي الممثل الأول للحكومة أو للدولة التي تنظم الحياة بكل جوانبها، للمواطن والمقيم” ولسنا هنا بصدد الواجبات والمهام التي تقع على عاتق البلديات والتي باتت الغالبية من الكومينات  وعامة الشعب يعرفونها، ولكننا من وحي التجربة والذاكرة نستعرض مجالس المحافظات والبلديات والمؤسسات التي كانت تتبع الدولة والنظام السوري الذي كان مركزياً من أصغر حلقة إدارية إلى أكبرها قبل الأزمة السورية وثورة المكونات في شمال شرقي سوريا، فالانتخابات كما يعلم الجميع كانت صُوَرية وغالباً ما كان المرشحين هم الفائزون في قوائم الحزب والجبهة الوطنية التقدمية، وكيف كان الفساد يضرب أطنابه والمحسوبية تفعل فعلها ويلعب الولاء للأحزاب وللقادة دوره المنحرف، إضافة إلى البيروقراطية التي كانت تنهك المواطن وتسد نفسه، الأمر الذي خلق عقماً متراكماً ولعدة عقود جعل الفرد غير مبالياً بكل استفتاء وبكل انتخاب مهما كان نوعه وشكله، ولكن الملفت في الإدارة الذاتية الديمقراطية؛ أنها ومنذ مرحلة التأسيس وضعت نُصْبَ عينها أهمية المواطن ودوره في البناء والديمقراطية وتعزيز دوره في البناء والتنمية المستدامة والعمل على رفع مستوى وعيه وعيشه الاجتماعي والسعي إلى تحقيق الاستقرار والرفاهية رغم الظروف الصعبة المحيطة بالإدارة الذاتية  من الهجمات التركية المعادية التي تستهدف كل البنية التحتية وجعل منطقة شمال شرقي سوريا منطقة طاردة للاستقرار، وبث الخوف والرعب بين المكونات حتى تفرغ المنطقة من السكان عن طرق المخربين من العملاء وخلايا تنظيم داعش.

فالإدارة الذاتية تدرك هذه المخاطر، ولذلك هي لا توفر جهداً بالعمل والسعي الحثيث؛ فأصدرت العقد الاجتماعي وتمت مناقشته في المجالس التشريعية، كما فَرغت من وضع قانون للانتخابات في شمال شرقي سوريا، وهيأت المفوضية العامة للانتخابات، وتبع ذلك القيام بإجراء انتخابات تمهيدية في المؤسسات ومراكز التصويت والاقتراع.

ما تعمل عليه الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال شرقي سوريا يتبع النُّظُم الدولية لدى الدول المتقدمة ووفق القوانين والأعراف الدولية بما ينسجم مع قوانين الأمم المتحدة وحقوق الإنسان ويحقق الرفاهية والعيش الكريم للأفراد، كما وتعمل على ترسيخ ثقافة جديدة مستدامة قائمة على احترام الإرادة الحرة للأفراد؛ كيفما كانت ميولهم وتوجهاتهم المجتمعية والسياسية والفكرية على أساس أن التنوع في الفكر النير يعمل على تقدم الأفراد والمجتمع ويحفظ كرامة الإنسان وإرادته الحرة ويفتح الطريق أمام الإبداع والابتكار والنمو. لنعمل معاً على ترسيخ هذه الثقافة عبر الممارسة والتوجه إلى مراكز الاقتراع واختيار ممثلينا ليمثلو في مجالس البلديات وليقوموا بمهامهم على أكمل وجه مع مشاركة المرأة الحرة في جميع المؤسسات وفي الأحياء لتعطي هذه الانتخابات ثمارها.

زر الذهاب إلى الأعلى