مانشيتمقالات

الحقائق البارزة في شخصية القائد عبد الله أوجلان

أحمد بدوي

قلة قليلة من القادة يخلدهم التاريخ؛ لِما قاموا به من أعمال جليلة في تحرير الشعوب والأمم وازدهارها ورُقِيِّها في كل مجالات الحياة، ولهذا تعتبر القيادة اللَّبِنة الأساسية لنهضة الأمة.

إن القائد الذي تحتاجه الأمة إنسان صادق يتميز بعقل نيِّر ومُخلِص مع نفسه ومجتمعه، وقلبه مليءٌ بالخير والإيمان، وهو قدوة حسنة لمن حوله أينما ذهب يترك أثراً طيباً ويخلق القيم الجميلة.

فالقيادة إذاً هي المفتاح الرئيسي الذي يحرك الجماهير ويحفزها لتبني الأهداف الوطنية والمجتمعية بل وحتى الأممية، والعمل بكل إخلاص لتحقيقها رغم الصعاب.

فلو وُجد قادة حقيقيون في فترة ربيع الشرق الأوسط وبالتحديد الربيع العربي لتحقق أعظم الثورات.

كيف استطاع القائد “عبد الله اوجلان” أن يتحول من شخص طبيعي إلى أقوى رجل في العالم؟

إن نشأة القائد “عبد الله اوجلان” وظهور سمات فريدة في شخصيته منذ نعومة أظفاره وامتلاكه قدرات ذهنية تجاوزت أقرانه؛ جعلت منه نموذج تاريخي منقطع النظير، ويضاف إلى ذلك أن تعمقه بأسرار الحياة والكون وتقييمه للواقع واطلاعه على حضارات وإثنيات وأديان وفلسفات العالم كونت لديه حالة نادرة من الاقتراب إلى حقيقة الوجود ومعرفة كوامن النفس، وبالتالي طرحه البديل الجديد ومسيرته النضالية الحافلة بالمحطات الهامة بدأت من طفولته وانتقاله إلى المدينة ودراسته الجامعية وتشكيله حزب العمال الكردستاني PKK وصولاً إلى إمرلي.

والمؤامرة الدولية جعلت من القائد عبد الله اوجلان شخصية تاريخية على مستوى العالم؛ امتلكت فلسفة ومعرفة وحكمة استطاع من خلالها استقراء المستقبل ووضع حلول جذرية لكل قضايا الشرق الأوسط، واستطاع طرح البديل للحداثة الرأسمالية.

ما السر في إنجازه المستحيل؟

هو حفر البئر بإبرة.

في فلسفة القائد “عبد الله اوجلان” لا وجود للمستحيل أو الشيء غير الممكن، والقائد استطاع تحقيقه وتغييره والقيام به.

ظروف وشروط ظهور القيادة:

هناك مقولة معروفة للقائد آبو: (مهما كان الانحطاط عميقاً فإن تجاوزه يتطلب شخصية عظيمة).

يمكننا القول إنه لا تظهر القيادة بالطلب أو الرغبة؛ بل تظهر نتيجة تراكم حجم القضايا والمشكلات الكبيرة، ولو قمنا بالبحث في أعظم الثورات في التاريخ البشري؛ سنلاحظ الثورة الإسلامية في شبه الجزيرة العربية والثورة الروسية والفيتنامية.

أما في حقيقة كردستان كانت الحياة بلا معنى، والتناقضات الاجتماعية في ذروتها بالإضافة إلى حرمان الكرد من جميع حقوقهم.

باختصار كان الكرد على شفا الفناء والزوال، وفي هذه الظروف الصعبة ظهر بريق الأمل متجسداً بشخصية القائد (آبو APO) حيث قام بتطوير العواطف والمشاعر والفكر الأخلاقي والجمالي، وهنا تمكّن من تحقيق ثورتين في كردستان؛ الانبعاث الوطني والحداثة الديمقراطية.

أهم ميزات القائد عبد الله أوجلان:

يقول القائد عبد الله أوجلان (من أراد أن يكون معي أو ضدي في البداية عليه أن يتعرف على حقيقتي).

إن القائد منذ نعومة أظفاره كان مختلفاً عن القادة والفلاسفة الآخرين، واستطاع الوقوف بوجه نماذج القيادة المزيفة التي تعادي مصالح الكرد وشعوب الشرق الأوسط والشعوب المضطهدة، وقام بتطوير الأيديولوجية والفلسفة النظرية والممارسات العملية.

يقول القائد بخصوص النظام العالمي (الرأسمالية)

(إن الفردية الرأسماليةَ تشكلت بناءً على إنكار المجتمع، معتقدةً أنها ستحقق كينونتها بقدر طعنها في شتى ثقافات المجتمع التاريخيِّ وتقاليده. هذا هو الزيغ الأكبرُ الذي تعرضهُ الأيديولوجيا الليبرالية. ويتخلصُ شعارها الرئيسي في مقولة “المجتمع غائب والفرد موجود” وعليه؛ فالرأسمالية نظام مرضيُّ مرتكزُ أساساً إلى استهلاك المجتمع).

كان لثورة فيتنام والثورات التحررية الأفريقية أثراً واضحاً من حيث بعث الأمل والنجاح في النفس للثورة في كردستان، كما كان لليسار الثوري التركي وموقف الثوار الأتراك ــ أمثال “ماهر جايان ودينيز كيزميش وابراهيم كايباكايا” وتشبثهم بمبادئهم على منصات الإعدام ــ الأثر البالغ على القائد.

فقد قام القائد بمظاهرة احتجاجية ضد انتهاكات الدولة في إعدام “ماهر جايان” ورفاقه، وإثر هذه الأحداث اعتقل القائد لمدة سبعة أشهر، وكان بمثابة الشرف والفخر لأبناء قريته، وبعد بزوغ نجم القائد وأصبح شخصية مرموقة في المجتمع؛ بدأ ضده مرحلة المؤامرة التي بدأت منذ ١٥ شباط ١٩٩٩ وما زالت مستمرة حتى هذه اللحظة، وتعتبر أكبر مؤامرة في التاريخ البشري تمت في العقد الأخير والألفية الأخيرة.

موقف القائد تجاه المؤامرة

في البداية كخطوة أولى اتخذ القائد موقفاً؛ كيف يكون فيه قائداً للرفاق والأصدقاء من خلال اتخاذ مقاومة السجون أساساً لهم.

إذاً مما سبق نستنتج أن شخصية القائد هي سلسلة من الأخلاق والقيم، وهي محصلة جامعة لكافة طرق القيادة التي يجب أن نتخذها أساساً لنا في العمل والنضال المستقبلي، وأن نواصل نشر فلسفة القائد وروحه وطراز قيادته حتى نصل الى مجتمع تسوده الحياة الحرة الكريمة، وأن نمثل الديمقراطية ونعمل من أجل وصول شعبنا إلى الديمقراطية الحقيقية، وإذا قمنا بذلك فإننا نقوم ببعض واجباتنا تجاه القائد الذي سيبقى حراً طليقاً بيننا مهما فرضوا العزلة عليه.

زر الذهاب إلى الأعلى