مقالات

مَنْ يسد الطريق أمام بناء البيت الكردي…ولماذا؟

استكمالاً لما دَوَّنتُهُ في زاويتي السابقة تحت عنوان “التحول الجديد في الوعي الوطني الكردي”.

يبدو أن بين التخدير والتحذير وإمكانية عودة الوعي السياسي الكردي تأخذ التصريحات السياسية ووسائل الإعلام حيزاً واسعاً من الاهتمام والترقب؛ بعد أن أصبح الانقسام السياسي الكردي واقعاً مؤرقاً؛ يؤرِّق حياة المواطن الكردي، حيث بات السؤال المُلح يتركز حول سُبل إعادة بناء وترتيب البيت الكردي بعد أن صار أشبه بحلم يراود الجماهير المتعطشة إلى هذا البيت، وكيف ستتوحد الجهود السياسية والإعلامية في محاربة هذا الواقع المؤلم؟ وهل يفيد التحذير و ينفع التبرير اليوم؟

 لا شيء يفيد غير عودة الوعي السياسي والعمل الموحد للواجهة كونه الوحيد الذي يمكنه درء الخطر المحدق بالشعب الكردي.

ولعل هذا ما يضع المراقب الموضوعي لتطورات ما يحدث سياسياً وميدانياً في سياق ما أصبح قيد التداول الجاد حول الحوار الكردي –الكردي ــ أمام تساؤلات تستند بمجملها إلى كيفية الخروج بإجماع جميع الأطراف إلى إيجاد صيغة توافقية.

 هل بمقدور أطرافٍ متأزمةٍ سياسياً واجتماعياً أن تشكل عوامل إغلاق لطريق الحل السياسي، وخاصة أن الجميع يعلن ضرورة إيجاد حل للانقسام والتشتت الكردي.

بقراءة موضوعية يمكن فهم العلاقة القائمة بين مَنْ يريد إغلاق الطريق أمام الحل السياسي وإنهاء التشتت الكردي وبين من لا يريد إغلاق هذا الطريق؛ علماً بأن بعض الأطراف مثقلة بتداعيات أعباء سياسات خاطئة لا تستطيع التخلص منها؛ مضافاً إليها ارتباطاتها بأطراف معادية للشعب الكردي.

وبالتالي لا يمكنها أن تدير أمورها الشخصية فكيف لها أن تدير أمور مجتمع كامل، يبقى المشروع الديمقراطي(فرس الرهان) لِما يتمتع به من تأثير على مكونات المجتمع السوري ناهيك عن المكون الكردي، ولديه علاقات جيدة مع غالبية القوى الكبرى التي لديها تأثير ونفوذ كبيرين في المنطقة وعلى الأطراف الكردية تحديداً.

نريد أن يكون لجميع الكرد صوتاً في مستقبل شامل، وهذا يعني أن لكل طرف حق التعبير عن رأيه بكل صراحة، وأن يكون له رأي في مستقبله، وذلك يعني جلوس جميع الأطراف على طاولة واحدة؛ بعيداً عن أية رؤية لا يمكن تحقيقها في ظل استمرار الانقسام والتشتت الحاصل الآن، والذي لن ينتهي إلا عبر الحوار والإجماع على آلية عقلانية.

الأفكار لا تترسخ إلا بالحجة والإقناع  وتاريخ العلاقات بين الأطراف الكردية عُرفت بالفتور أكثر من التعاون، والحوار شهدت فترات صراع وتطاحن, وعلينا أن ندرك أهمية التغيرات على الساحة الإقليمية والدولية؛ لذلك نحتاج اليوم إلى حوارٍ ناقدٍ للذات قبل نَقدِ الآخر, حوار حضاري متمدن ليكون الفعل الأقدر على تجنب كل الصراعات والتشرذمات الحالية, والعمل على إزالة الستار التي تحجب محاولة فهم الآخر.

وبطبيعة الحال فإن من يستعيد قراءة المشروع الديمقراطي يدرك أن هذا المشروع بمحدداته الموضوعية؛ رَسَمَ السبيل إلى حلٍّ وطني، وفَتَحَ الطريق باتجاه انتصار إرادة جميع الشعوب.

زر الذهاب إلى الأعلى