مقالات

الكردي الجيد والكردي السيء

أوجدت الأزمات التي تعصف بالمنطقة وأخصُّ بالذكر هنا الأزمة السورية, الأمل في كسر حلقات مفرغة لدى الكثيرين, كون الأزمة تجاوزت الشعوب والمكونات السورية والأحزاب وتوحدت على مطالب شعبية تحت راية وطنية، ولكن يبدو أن الأحداث لم تغير السياسات والأوضاع إلا بنسبة ضئيلة جداً.

و لعل من أكبر ميزات هذه الأزمة أنها أسقطت الأقنعة وأزالت الأوهام، وأثبتت أنه لا جدوى من تغيير الذهنية الفوقية والإقصائية لدى الكثيرين, ومن لا يزال يعلق الآمال على انتهاء الأزمة وبشكل يرضي جميع الأطراف فهو واهم.

يبدو أن قدر الشعوب الشرق أوسطية ومن ضمنها الشعب الكردي أن تستحدث سبلاً للتغيير تستعصي على الإجهاض والشمول، تغييراً يبدأ ولكن لا ينتهي بسلب الحرية، تغييراً شعبياً سلمياً وطنياً  وتغييراً بالذهنية وليس مجرد تغيير أنظمة وحكام وإحداث إصلاحات شكلية.

ما دفعني إلى هذه المقدمة هو نظرة أنظمة المنطقة إلى شعوبها والشعب الكردي تحديداً, فهم ينظرون إلى هذا الشعب بوصفه شعب من درجات أخرى عليه أن يقدم ثمرات عقوله وزهرات شبابه دون أن ينال إحساناً؛ عليه واجبات ولكن تتناسى هذه الأنظمة أن لديهم حقوق، هو مواطن مع وقف التنفيذ !!! عليه أن يدرك أنه ملك للوطن, لكن الوطن ملك لغيره.

بالمحصلة لتكون كردياً جيداً عليك أن تتناسى حقوقك وتستميت من أجل واجباتك…وتثق في أنظمة تسلب لقمة الطعام من أفواه أطفالك .. !!!

والكردي السيء بنظر هذه الأنظمة هو الذي يضع في أولى أولوياته الحق في الحياة والمطالبة بكرامته وإنسانيته وباحترام حقوقه وأن يعامل كإنسان من الدرجة الأولى.

وهو الذي يقف في وجه مَن نهب خيرات الوطن و ما زال ..وهو الذي يطالب بما يحق له و لغيره, وهو الذي يريد أن يجلس أمام التلفاز ليشاهد أخباراً تسره وليس أخباراً تنذره بالقتل والدمار والتشرد !.

فمتى كانت المطالبة بالحقوق المسلوبة و المنهوبة جريمة تعاقب عليها؟!

أو ليست أغلب أراضي سوريا أصبحت مقابر لمن تعتبرونهم كرداً سيئين ؟

هذه الأنظمة سلبت من المواطن الحافز, وأضعفت لديه الحس الوطني وأشغلته بنفسه وألهته بشتى الوسائل، والصحوة تقتضي التخلص من تلك العقليات والسلوكيات وتحفيز الأفراد لتغيير ما بأنفسهم وأوضاعهم لتنشأ علاقة تفاعلية بين جميع أفراد المجتمع ومكوناته فإذا تعانقت الشعوب والمكونات فأي درب ستسلكها هذه الأنظمة ؟؟

من هنا, لا ينبغي للشعوب أن تترك الشأن العام وتعتمد على هذه الأنظمة لإصلاح الأوضاع وتحقيق الآمال، نعم لقد  امتلأ كأس الشعوب والمكونات السورية بالتمييز والتفرق  وتفضيل طرف على آخر وحان الوقت لأن تنطق هذه المكونات والشعوب كلمتها.

فلا كرامة لشعب يعيش غريباً في وطنه و” لا كرمة لوطن لا يقدِّر أبناءه ومكوناته على حد سواء”.

و”شتان ما بين ساسة يخططون لتحصين المجتمع ودفعه إلى الأمام، وبين ساسة يتنازعون المصالح”

زر الذهاب إلى الأعلى