مقالات

الاحتضار الروسي والعقدة العمياء بين تركيا والاتحاد الأوربي

بدران الحسيني

 العَدَاء التاريخي في التحالفات الوظيفية التي وإن طالت لابد أن يطفو على السطح وتتبين الحقائق والتي استفاضت بها المشاهدات العينية  في الحرب الدائرة على الأرض السورية التي أصبحت ملعباً يتبارى فيها المتنافسون لتسجيل الأهداف بدماء السوريين والمشاهد والمقاربات الصادمة لمعايير الأخلاق والوقائع والمعطيات وآخرها ما حصلت بين تركيا وروسيا (في عملية الاستعمار التركي في عفرين) مما خولهما التماشي والمجاراة وظيفياً إلى حين انقضاء هذا التحالف المحكوم بالضرورة الوظيفية، وهذا ما بدا يلوح في الأفق بين تركيا التي تريد أن تطعن روسيا في خاصرتها من الناحية الاقتصادية بعد طعنها في كرامتها وعلى أعلى المستويات حين أسقطت طائرتها وتباهت بذلك؛ حيث إن تركيا بدأت تروج لمشروع خط تاناب الذي ينقل الغاز الأذربيجاني إلى تركيا ومنها إلى أوربا عبر الأناضول والذي سيشكل تهديداً كبيراً للاقتصاد الروسي ولروسيا التي كانت تزود أوروبا ب 35 بالمائة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي بموجب اتفاقات وقعت بين الدولتين في العام 2014 لنقل الغاز الروسي إلى أوربا عبر تركيا.

قد تكون تركيا في محاولتها هذه تحويل نفسها إلى معبر أساسي للغاز الطبيعي إلى أوربا للضغط على الأخيرة في تحقيق حلمها  الذي لطالما لم تستطع تحقيقه حتى في ذهن حاكمها وهو الانضمام الى الاتحاد الاوربي رغم كل المحاولات العبثية التي قام بها ولمَّا تنجح بعد؛ إلا أن التدقيق في الهذيان السياسي الذي تسلكه تركيا وانجرارها نحو جذورها المتعصبة القائمة على الذهنية التسلطية القومية والاستفراد في البلاد يشي بأن تركيا دقت آخر مسمار في نعشها للانضمام إلى الاتحاد الأوربي وخصوصاً من بعد الانقلاب الذاتي والذي كان الهدف من ورائه استلاب مكامن القوة كاملة والاستلاء على مفاصل الدولة لتنفيذ سياسته في القضاء على الحريات وتكميم الأفواه والزج في السجون في انتهاك صارخ لحقوق الانسان وسيادة القانون منافياً بذلك الأعراف السياسية والأخلاقية في دولة المواطنة المزعومة والتي برزت ونبتت في أقصى درجاتها في انتخابات 24 يونيو التي جرت مؤخراً والمليئة بالتزوير والتزييف والتي كانت بمثابة المسمار الأخير في نعش المفاوضات التركية للانضمام إلى الاتحاد الأوربي إذ أنه بات من المعروف أن مصير تركيا معلق على حاكم واحد يدعمه تحالف إسلامي قومي قوي وتنسلخ عن معايير كوبنهاجن شيئاً فشيئاً والتي على إثرها صدر بيان سريع وحاد عن مجلس الاتحاد الأوروبي والذي جاء فيه

حالة الطوارئ التي فرضت في 15 يوليو في العام 2016، تشير إلى عدم التزام أنقرة بعملية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

 إن معايير كوبنهاغن تتطلب أن يكون لدى الدولة المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي مؤسسات للحفاظ على الحكم الديمقراطي وحقوق الإنسان.

كانت الانتخابات الأخيرة المسمار الأخير في نعش مفاوضات عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، ولم تعد تركيا تدور في فلك الاتحاد الأوروبي.

يقوم نظام جديد في آسيا الوسطى بترسيخ نفسه وهو نظام لا يمكن التوفيق بينه وبين المعايير الأوروبية ولم يعد لدى أردوغان وائتلافه الحاكم أي اهتمام بالعضوية في الاتحاد الأوروبي.

وقال البيان “يلاحظ المجلس أن تركيا بدأت تتحرك بعيدا عن الاتحاد الأوروبي… وبالتالي فإن مفاوضات انضمام تركيا قد وصلت فعلياً إلى طريق مسدود ولا يمكن النظر في أي فصول أخرى لفتحها أو إغلاقها. وبقراءة متأنية لبعض الشروط والمعايرة (معايير كوبنهاجن) التي يتوجب توفرها في الدولة الطالبة للعضوية:

شروط الانضمام إلى الاتحاد الاوربي

أن تكون الدولة قادرة على تحمل الالتزامات السياسية والاقتصادية للعضوية

أن تكون الدولة مستعدة لتطبيق قوانين الاتحاد الأوربي

أن تتحلى الدولة المطالبة للعضوية بمبادئ الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الانسان وحريته وسيادة القانون

بعض من معايير كوبنهاجن

  قدرة المواطنين على المشاركة السياسية في كافة مستويات الحكم

 إجراء الانتخابات بشفافية ونزاهة

 حرية الصحافة وحرية النقابات المهنية وحرية الفكر والرأي والتعبير

 أن تكون السلطات التنفيذية محكومة بالقوانين.

وهذا ينتفي تماماً في ممارسات النظام الحاكم في تركيا في العجز والشلل التام في تطبيق هذه المعايير على أرض الواقع وخصوصاً بعد تحول تركيا إلى دولة فاشية في ظل نظام حكم الحزب الواحد.

زر الذهاب إلى الأعلى