مقالات

هلوسات مواطن على طاولة وطن

لا نختلف في كون مجتمعنا البائس هذا يعيش مجموعة أزمات, وتستنزفه أزمات سياسية خانقة, وتظهر بين كل فترة وأخرى عوائق جديدة، تؤدي بالمواطن إلى حالة من الاكتئاب وأمراض نفسية أخرى.

إنه الفساد هذا الذي يتميز بوجوه متعددة وينتشر تحت مظلات الحماية متمدداً أفقياً وعمودياً دون رادع.

مؤخراً, بدأنا نسمع عن قضايا فساد بأساليب جديدة وعن أشخاص أتخمت بطونهم، وليت الأمر يقتصر على هذا فقط .. ولا يتعداه الى صفقات أخرى والاستحواذ على المال العام بشتى الوسائل، وما يخرجنا عن طورنا أن الجميع يشجب الفساد وكأنه ليس هو المعني  أو المسؤول عنه ..

من أطرف هذه الأنشطة الصغيرة حدثت مؤخراً, أخبرني أحد الأصدقاء أن موظفاً في الإدارة سرق راتبه الشهري من قبل أحد زملائه في العمل, وبعد أن كُشِف أمر السارق أعاد ما سرقه؛ لكن سرعان ما قامت الإدارة بفصل الموظف المسروق منه, وبقي السارق مداوماً في وظيفته ومازال, ربما لأنه يمكن الاستفادة منه في بعض الأمور…

ما هكذا تورد الإبل يا سادة, فرعاية مصالح المواطنين هي الأساس وهي المطلوبة على وجه التحديد .. دون غيرها من المصالح …

وباختصار شديد يمكن القول :

تصبح الحياة مستحيلة حين تختل الموازين الاساسية؛ لذلك نقول لمن يدعي الحرص على مصالح الشعب:

لماذا تبتعد أصحاب الكفاءات والتحصيل الأكاديمي من الانضمام إلى وظائف هي من طبيعة اختصاصهم؟ ولماذا يُعيَّن محلهم أنصاف المتعلمين؟ ما معنى التغاضي عن حيتان الفساد ؟!

الكثيرون تملّكوا العقارات والدولارات والسيارات بأرخص الأثمان، وهي في مواقع جغرافية مهمة للغاية …

 كيف نزعم (النجاح) وفشلنا واضح في توفير الماء الصالح للشرب والغاز والمحروقات والرغيف الجيد للمواطنين؟

والى متى تبقى انقطاعات التيار الكهربائي تقطع القلوب معها؟ كل هذا يجري أمام مرأى ومسمع المسؤولين الذين يتحججون بانشغالهم المستمر وبأن الوقت المناسب لم يحن بعد لمثل هذه القضايا.

إن السَّخَط الشعبي وصل الى مرحلة الغليان وإلى حدٍّ لا يُطاق، وهذا مؤشر خطير، ولا نجد في ممارسات معظم المسؤولين ما يشعرنا بأنهم أدركوا خطورة الموقف؛ فعملية الضحك على الذقون قد تنجح لبعض الوقت، ولكن ليس على المدى الطويل.

وبصراحة :

ولا نريد أن نبخس المخلصين حقهم، ولكننا لا نستطيع أن نعتبر كفتهم هي الراجحة مع الأسف الشديد.

لن نكون مثاليين وندَّعي أن عَصَانا السحرية تستطيع مواجهة مافياتٍ تفننتْ في ممارسة أنشطتها؛ بحيث يصعب في كثير من الأحيان توفر الأدلة والوثائق التي تدينهم.

ولكننا كمواطنين نتمنى أن نتلمَّس على أرض الواقع أعمال جدية في سبيل مكافحة الفساد، فقد تمادى الفاسدون واستهانوا بأبسط حقوق المواطن ولم يعد السكوت ممكناً.

وفي ” سوريا ” كثيراً ما تخيب الظنون والآمال والتوقعات…

زر الذهاب إلى الأعلى