مانشيتمقالات

زيارة أردوغان للعراق والمثل الشعبي “حليمة رِجْعِتْ لعادتها القديمة”

محمد ايبش ــ

قد يستغرب البعض من هذا العنوان، ولكن من خلال مراقبة سلوكيات الرئيس التركي عبر سنوات حمكه لتركيا كرئيس للحكومة ومن ثم كرئيس لتركيا وبعد أن تمكن من تعديل الدستور  وتغيير النظام من نظام برلماني إلى نظام رئاسي استبدادي بكل كل ماتعني الكلمة من معنى ناهياً  بذلك جميع مظاهر الحياة الديمقراطية بدءاً من انتخابات ٢٠١٥ ولغاية اليوم، ففي ظل غياب الديمقراطية؛ حوَّل اردوغان تركيا إلى سجن كبير، ناهيك عن عجزه في معالجة الأزمات التي تعصف بتركيا وعلى جميع الأصعدة؛ فنتيجة سياسات أردوغان وإخفاقاته في حل أي مسألة من المسائل العالقة في تركيا وفي مقدمتها حل القضية الكردية، وهذا لن يحصل مادام سياسة التجريد والعزلة مستمرة بحق القائد عبدالله أوجلان، وعلى العكس من ذلك يحاول أردوغان حسم القضية عسكرياً، وبات هذا الأمر صعب المنال؛ لذلك أردوغان لم يزور العراق محبة بالشعب العراقي أو يرغب بإقامة علاقات متوازنة معه بل يحاول جر العراق إلى مستنقع الحرب الذي أوقع الجيش التركي فيه دون فائدة أو تحقيق هدف؛ ففي هذه الزيارة يريد أردوغان أن يوهم الشارع التركي بأنه مازال يملك وسائل الحل بعدما فقد هو وحزبه ثقة الناخب التركي، إضافة الى قيام القوى الديمقراطية مراجعة سياساتها بعدما فقدوا قسم من أصوات مؤيديهم في الانتخابات التشريعية والرئاسية التي جرت في ١٤ حزيران من العام الماضي؛ فأحد أهم أسباب زيارة أردوغان للعراق جاء نتيجة  خسارة حزبه وحليفه حزب الحركة القومية في الانتخابات المحلية التي أجريت في ٣١ آذار من هذا العام، وذلك بحثاً عن إنجاز وخاصة في ملف حزب العمال الكردستاني  PKK إلا أن الحكومة العراقية تدرك تماماً هدف الزيارة، وبالعودة إلى بنود التفاهمات التي تم الاتفاق عليها بين الجانبين؛ فحكومة بغداد تدرك جيداً  المتغيرات الدولية، وليس للعراق
أي مصلحة بأن تشارك في الحرب ضد حزب العمال الكردستاني PKK   إلى جانب تركيا، مع العلم أن الأمور باتت واضحة للقاصي والداني بأن هدف زيارة أردوغان للعراق في ظل الظروف الراهنة، والتي تشهد فيها المنطقة صراعاً محفوفاً بالمخاطر نتيجة المواجهات الحالية بين إسرائيل وإيران، هو ملف حزب العمال الكردستاني PKK، أما باقي البنود كان بإمكان الحكومتين الاتفاق عليها دون أن يقوم أردوغان بزيارة بلدٍ ألحق به الضرر ومازال مستمراً في نهجه، لذلك وجدنا  استنكاراً شعبياً عبر عن سخطه  ومطالباً أردوغان بسحب قواته من إقليم جنوب كردستان، كونه جزء من العراق الفيدرالي، فأردوغان حاول أن يراوغ ويمهد الطريق أمام اتفاق أمني أو على الأقل أن تقوم الحكومة العراقية بإقناع حزب الاتحاد الوطني الكردستاني لتشارك في الحرب أو على الأقل أن تضغط على حزب العمال في إقليم جنوب كردستان، ولكن هذا الأمر بعيد المنال لأن أي تنازل من الحكومة في حقها القانوني فيما يتعلق بحصتها من مياه نهري دجلة والفرات تعد تخاذلاً واضحاً وتنازلاً عن أمور سيادية إن جاز التعبير، لذلك مرونة أردوغان وهذه السياسة مارسها في عام ٢٠٠٢ حينما أصبح رئيساً للحكومة، إضافة إلى الوعود التي أطلقها لحل القضية الكردية في تركيا.

وفي زيارته هذه للعراق، وما تم من التفاهمات حول البنود ال ٢٦ التي جاءت في مذكرة التفاهم وأعلن عنها المكتب الإعلامي في الحكومة العراقية، يذكرني بالمثل الشعبي “حليمة رجعت لعادتها القديمة” أي أن وعود أردوغان ستكون خُلَبية في مجملها، وتاريخ أردوغان حافل بالتقلبات والمراوغة، فقط يريد أن يحصل على كل شيء دون أن يقدم أي شيء. فهل وصلت الرسالة؟

زر الذهاب إلى الأعلى