مقالات

دير الزور والأخطاء المكررة

رياض درار

يخطئ من يظنُّ أنه قادر على تحرير دير الزور بدون الاستعانة بقوات سوريا الديمقراطية، وقراءة الواقع الديري يؤكد ذلك، فالفصائل التي واجهت النظام باسم الجيش الحر؛ سلمت أمورها لداعش بعد أن تعاونت مع فصائل إسلامية من قبل بما فيها جبهة النصرة، وجميعها خذلت الثورة ثم لجأت إلى تركيا توزع الاتهامات لبعضها البعض، بعد أن شبع قادتها من الاسترزاق من الحواجز والمعابر، ومن الحراقات النفطية، ولم يبق إلا عشرات المقاتلين يتمحورون حول المقدم مهند الطلاع الذي شكل مغاوير الثورة على إثر الفشل الذي لحق بجيش سوريا الجديد بعد محاولته الهجوم على البو كمال، واحتلال مطار الحمدانية فيها منتصف العام 2016م، آنذاك خسرت القوات أكثر من أربعين مقاتلاً، وأُسِرَ عددٌ آخر وعادوا إلى التنف خائبين، السبب أن القتال لا يكتفي بوجود روح قتالية فقط أو دعم بسلاح نوعي فقط، القتال يحتاج لهدف؛ وهدف القوات التي تقاتل إلى اليوم باسم مغاوير الثورة ليس موجوداً والحاضنة الشعبية ليست موجودة، ولم يتعلم أبناء الدير الدرس وهم يشكلون اليوم مجلساً محلياً يتألف من 41 عضواً ومكتباً تنفيذياً من 12عضواً برئاسة مدنية للدكتور أنس إياد فتيح ومساعده عبد الباسط الويس ودعم من وزارة الإدارة المحلية في الحكومة المؤقتة؛ والتي أعلنت إفلاسها منذ فترة قريبة طالبة من العاملين فيها أن يعملوا كمتطوعين بلا أجر ولا أجرة .. هذه الإدارة ستعمل على متابعة أوضاع أبناء المحافظة في الخارج؛ منتظرة أن يتم العمل على تشكيل قوة عسكرية من فصائل المعارضة السورية المسلحة، نواتها «جيش مغاوير الثورة»، برعاية التحالف الدولي، بهدف المشاركة في طرد التنظيم من المحافظة، على أن تنطلق عملياته من الشدادي جنوب الحسكة.

لقد فشلت مفاوضات إنشاء قاعدة الشدادي العسكرية في ريف مدينة الحسكة، عقب رفض جيش مغاوير الثورة التنسيق مع قوات سوريا الديموقراطية. وكان الطلاع قد قال: “إن المفاوضات حول قاعدة الشدادي الجديدة تعرقلت بسبب استقلالية المغاوير عن قوات سوريا الديمقراطية. والحقيقة أن حواراً قد جرى مع التحالف ولكن لم يكن هناك أي تصريح رسمي حول اتفاق، وقد يعود ممثلو الفصائل كما حصل مع قوات النخبة التي سمح لها بالمشاركة في تحرير الرقة بناء على رغبة من التحالف في إشراك العنصر العربي، لكن هذه القوات خذلت المعركة، فهي قوات غير مدربة وغير مؤهلة وليس لديها القدرات القتالية، وتسعى أن تكون مستقلة برأيها ومفاصل القتال التي تعمل فيها، ما جعل اختراق داعش لها في المنطقة الصناعية يؤثر على سير المعركة، ومن ثم على العلاقة مع هذه القوات. فكان لابد من أن تنخرط الفصائل المشكلة في جسم القوات ولا تعمل مستقلة مهما كان عددها وعتادها، حتى لا تتكون فصائلية جديدة تؤثر على مسارات المعارك ومرجعياتها، ومن ثم على النتائج المستقبلية في المطالبة بحصص وأثمان. إضافة إلى ضرورة أن تقاتل هذه القوات بدلالة واحدة هي شكل سوريا المستقبل، وأن القوات المقاتلة والمحررة هي التي ستحمي هذا الشكل وهي موحدة القرار والقيادة، لهذا كان نائب القائد العام في قوات سوريا الديمقراطية عبدالقادر العفيدلي قد قال : “لا يوجد شيء اسمه جيش المغاوير” وأكد أنهم كقوات سوريا الديمقراطية لم يسمعوا بها، ولن يسمحوا بتشكيلات عسكرية في مناطق فعالية “قسد”، إلا بما يتوافق مع معاييرهم العسكرية والسياسية. واستطرد السيد العفيدلي بالقول: “شركاؤنا في التحالف الدولي لم يخبرونا بشيء عن هذا الاسم الذي تتداوله الأخبار، إذاً والحال هذه فإنها لا تتجاوز كونها ظاهرة افتراضية لا قيمة لها. هذه محاولة يائسة لعرقلة حملة تحرير الرقة”.

وهي أيضا محاولة يائسة لتمييع فكرة تحرير دير الزور التي تحتاج من أبنائها مزيداً من اليقظة والتكاتف والعمل بلا خلفيات مرضية، ونزع العنصرية التي تتلبس ببعضهم، وعدم الالتفات إلى الخلف، فمن أضاع الدير أول الأمر هم الذين يعودون بوجوه جديدة لن تكون أقل تخذيلاً ممن سبق، فحذار حذار من تكرار الخطأ يا أهل الدير.

زر الذهاب إلى الأعلى