مقالات

الإدارة الذاتية.. خطوات هادفة؛ ونتائج ملموسة عالمياً

بدران الحسيني

بين حسابات البيدر التركي قبل غزوه لشمال سوريا وتمنياته ما بعد الاجتياح عبر الفصائل الفاشية ومجموعة اللصوص وقطاع الطرق ثمة فارق كبير لا يقاس بحدود التوقع لدى رأس الإرهاب الحاكم في النظام التركي؛ فأخطأ المسار وتاه في تحديد سقف التوهم الذي تغير وتبدل تبعاً لتحولات المواقف وردود الأفعال الدولية.

لم يكد أن يبدأ عملية القرصنة الأخلاقية والسياسية (نبع السلام) المبنية على حجج وذرائع تفوق وتتجاوز الرعونة الأخلاقية ولا ترقى إلى أدنى درجات اللباقة السياسية والتي ارتبطت بسلسلة لا تنتهي من الأطماع التركي المضمرة والعلنية حتى توالت ردود الأفعال الصادمة  ضد النظام التركي وعمليته

كانت تلك المواقف والتنديدات بالعملية والتي قصمت ظهر البعير في مسار خطط أردوغان الذي جمع داعش ومشتاقاته من التنظيمات الإرهابية الأخرى وموَّل ودَعَمَ هذا الخليط من المرتزِقة في محاولة منه لتعويمها بعد أن تلاشت وتضاءلت حد الزوال من الحضور الميداني والعسكري والسياسي؛ نِتاج المقاومة الأسطورية التي أبدتها قوات سوريا الديمقراطية في التصدي لهذا الغزو التركي وكبح جماحه وإفشال مخططه الاستراتيجي البعيد المدى في إنشاء كيان أو كريدور على طول حدوده الجنوبية مع سوريا وتوطين مرتزِقته ولصوصه الموالين له بالأصل والجذر والشروش.

مما لا شك فيه ولا يمكن القفز من فوقه أن ما أفضى إلى هذه المواقف الرافضة ــ الغربية والعربية ــ للغزو التركي ووضع حد للعربدة التركية بالتوازي مع المقاومة الشعبية التاريخية هو مسار الخطوات السياسية والدبلوماسية الهادفة والمرتكزة على الحقائق والوقائع التي قامت بها الإدارة الذاتية عبر ممثليها والجولات المكوكية في دول مراكز القرار والشخصيات النافذة في هذه الدول لوضع العالم في الصورة الصحيحة من أهداف الغزو التركي والنتائج الكارثية التي ستفضي إليه.

رغم التطبيل لهذا الغزو عبر المكنة الإعلامية التركية والأبواق المأجورة وتماهي شبكة كبيرة من قنوات التلفزة التركية الناطقة بالعربية وعرض العضلات تارة بالترهيب وأخرى بالترغيب في ممارسات زعيم التنظيمات الإرهابية أردوغان وابتزاز أوربا باللاجئين السورين الذين باتوا آخر ورقة خاسرة بيده في مقامراته السياسية على المستوى الدولي والمحاججات والتبريرات التي قدمها وسوَّقها لم تكن في محصلتها كما رسم لها النظام التركي وبدا المشهد أمامه أكثر ضبابية وقتامة حتى التخمة إذ أن المواقف الدولية تبدلت منذ اللحظات الأولى، ومما زاد ويزيد في وضع حد للهيمنة التركية واقتضته الضرورة القديمة الجديدة هو الالتفاف الشعبي بكل مكوناته والتلاحم في التصدي للعدوان التركي وخصوصاً في سياق الحديث المتزامن مع بذل الجهود واطلاق المبادرات في تحقيق وحدة الموقف الكردي الذي يحتمه خطر الإبادة والتغيير الديمغرافي في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها مكونات المنطقة عامة والكرد خصوصاً ومحاولات القفز فوق الأصوات النشاز والمتزملين بمعطف أردوغان وإخراجهم من تحت عباءته، والحضور السياسي والميداني القوي يجنح بنا التفكير ضمن هذه المعطيات والمعادلات أن ركائز الحل وحوامل الاستقرار تكمن في مشروع الإدارة الذاتية وخطواتها السياسية الموزونة والهادفة رغم جعجعة الدولة التركية ومحاولاتها الالتفافية على هذه الإدارة.

زر الذهاب إلى الأعلى