مقالات

هل لدينا إستراتيجية وطنية  كردية جامعة؟

mustafa abdoمصطفى عبدو

هذا عنوان مطروح للنقاش، خصوصاً في هذه المرحلة الحساسة بالذات، ذلك أن الوضع الكردي برمته يشهد تراجعاً في ظل متغيرات دراماتيكية إقليمية ودولية.

هذه المتغيرات حساباتها مختلفة عن حسابات الوضع الكردي، ويبدو للناظر والمتابع أن المحيط الكردي قلق ومقلق، فهناك أطراف كردية  منشغلة جداً بأوضاعها الداخلية وأزماتها السياسية، أما الدول الكبرى والغربية فهي منشغلة في قضايا تعتبرها مهمة وملحة  لها في ذات الوقت.

كثيرة هي الملفات المعقدة التي تطغى على الملف الكردي…

فلو وضعنا الحالة الكردية برمتها تحت المجهر، فإننا سنلاحظ الكثير من القضايا الخائبة، وفي مقدمتها أن البنية السياسية الكردية ملتبسة ونتائج الانقسام الداخلي وفرت وغذت حالة الالتباس هذه، إلى جانب أن الوضع الكردي صعب للغاية، قد يتحدث البعض عن وجود بعض التقارب والتفاهم بين هذا الطرف أو ذاك , وان وجدت فإما أنها متراجعة أو متوقفة أو في أفضل حالتها “متسلحفة”.

لا يمكن الحديث عن التفاهمات بدون وضوح في الرؤية السياسية، وبدون التسلح بإستراتيجية وطنية تشكل خط سير العمل الكردي، مع العلم أن الانقسام الداخلي أحدث شللاً كلياً في الجسم الكردي وأعادنا إلى الوراء على مستويات كثيرة.

المرجعية الكردية ملتبسة وهذا الرأي يتبناه أناس كثر في الداخل والخارج، إذ ينبغي تجديد الخطاب الكردي حتى تعبر عن المجموع الكردي.

إذا كانت المرجعية ملتبسة والتشريعي معطل، فإن الحياة الكردية أيضاً معطلة، وهي كذلك مسيَّرة بواسطة …..

 هذا الفعل  ينعكس على الأداء الكردي العام المترهل الذي يعاني من ضربات الانقسام الملعون.

العدو يغرد داخل السرب ونحن نغرد خارجه، ونظل مختلفين في الرؤية والمنهج والمعتقد، وكل تنظيم يحيل موقفه بناءً على خطه السياسي ومعتقداته الخاصة، وفي النهاية لا أحد يعرف إن كانت هناك استراتيجية وطنية كردية جامعة ومتفق عليها أم لا.

هذا البون الشاسع في الرؤية والمنهج لا يمثل حقيقةً الإستراتيجية الوطنية الكردية الجامعة، لأن هذه الأخيرة تقوم على مرتكزات من ضمنها وحدة الحال ووحدة الرؤية والخطاب، ومثل هذا الانقسام في المواقف يضعف القضية الكردية.

لم يعد بمقدور أحد  أن يعلم إذا كانت بالفعل هناك خطط بديلة من قبل الأطراف الرئيسية الكردية للتعامل مع وقت الأزمات، وكل ما يجري هو محاولات خجولة للعودة عن الانقسام الداخلي في ظل غياب التوافق بين أطرافه.

إن الوضع الحساس الذي تشهده المنطقة، يستلزم من القيادات الكردية صياغة خطاب جديد يستند إلى رؤية تستهدف الكل الكردي، وهذه المرحلة الصعبة ينبغي فيها على الجميع أن يتحمل مسؤولية عالية لإعادة اللحمة الوطنية.

الإستراتيجية الوطنية إن لم تكن غائبة فهي غير موجودة، وتتطلب توافقاً حولها وهذا يعني التخلص من الانقسام واعتماد شراكة وطنية قائمة على المرجعية الشعبية، ويحتاج الموضوع إلى معالجة جذرية تعني استنهاض وإحياء جميع المؤسسات واعتماد برنامج وطني موحد ومؤهل للتعامل مع مختلف الأزمات.

ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، وإنما يتجاوزه إلى الاتفاق حول مسائل المقبول والمرفوض والثوابت في العمل الكردي، وإيجاد طرق لإعادة تمكين الشعب الكردي بثوابته وهويته الوطنية وتفعيل علاقته وبناء الثقة بقيادته.

ويجوز القول، إن الاستراتيجية الوطنية الجامعة تمثل صمام الأمان للجميع، للقيادة والتنظيمات والأحزاب والشعب أيضاً، وهي تشكل عامل قوة وثبات في وجه المخططات العدائية، لأن وضوح الرؤية مع الاستناد إلى قاعدة جماهيرية عريضة، توفر السلام وتحصن المشروع الفيدرالي.

إذا كانت الاستراتيجية الوطنية حاجة ومطلبا ملحا للنهوض بالحالة الكردية، فإن البحث عن قوة دولية جديدة تدعم الكرد، ينبغي أن يؤخذ في الحسبان .

زر الذهاب إلى الأعلى