مقالات

نحن نسعى لبناء الديمقراطية في سوريا ، فلماذا تهاجمنا تركيا ؟

هيفي مصطفى هي الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي في عفرين، وهي منطقة في شمال سوريا من 1.5 مليون شخص تضم حاليا حوالي 500،000 نازح داخلياً.

قبل ثلاثة أشهر، كنت جالسة هنا في مكتبي مع زملائي، احتفالاً بتحرير الرقة من تنظيم الدولة الإسلامية. وفي الوقت ذاته هزمت قوات سوريا الديمقراطية ارهابيي تنظيم
الدولة الإسلامية بمساعدة حلفائنا الأمريكيين.
كان لدينا آمال كبيرة في ذلك اليوم القضاء على التهديدات وتوفير الأمن والاستقرار ​​و أنه بالأمكان أن نبدأ أخيراً الاستثمار في العديد من المشاريع كالتعليم والخدمات الاجتماعية.
كمرأة، كنت حريصة بشكل خاص على تمكين دور المرأة في المجتمع والتي رأيت أنها جزءاً حاسماَ من خططنا لتحويل مجتمعنا إلى ديمقراطية حقيقية بعد حياتنا في ظل النظام الاستبدادي” الرئيس السوري بشار الأسد”.
وتطورت واجباتي لتشمل الإشراف على عمل 15 إدارة حكومية توفر الأمن والخدمات للأشخاص بغض النظر عن أصلهم العرقي أو دينهم أو سياستهم.
من بين إنجازاتنا هي جامعة جديدة تقدم تعليماً في الهندسة والعلوم الاجتماعية وتوفر إمكانية الوصول الكامل إلى النساء وكذلك الرجال.

واليوم كنت أجلس في نفس المكتب، عندما قصفت الطائرات التركية وقذائف المدفعية منازلنا.
كنا نحصل على مكالمات من مسؤولين محليين يحذرون من أن تركيا تحاول الدخول إلى عمق أراضينا، وربما حتى على أمل أن تأخذ مدينة عفرين لنفسها.
وتتهمنا تركيا بأننا حزب تابع لمنظومة حزب العمال الكردستاني.
وقد نفى جميع قادة المنطقة ومسؤولو الولايات المتحدة هذه الادعاءات.
ومع ذلك، لا يزال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عازماً على شن حربه ضد عفرين.
غزوه في أراضينا يخدم أيضا” الغرض من تشتيت شعبه من الاستيلاء على السلطة الاستبدادية في الوطن

منطقتنا متنوعة دينياَ وعرقياَ ،وتشمل سكاننا الكرد والعرب والأرمن واليزيديين والعلويين، وكثيرون منا من نسل الناجين من الإبادة الجماعية التي ارتكبتها الدولة التركية ضد الشعوب غير التركية خلال الحرب العالمية الأولى وبعدها. وقد رفضت جميع هذه المكونات مغادرة عفرين على الرغم من تهديد الحكومة الإسلامية في تركيا والمجموعات الارهابية المرتبطة به التي تهددنا علناً ​​بالتطهير العرقي. كل هذه المجتمعات تعمل معاَ لبناء بديل ديمقراطي في سوريا.

أردوغان يريد تدمير هذه الحرية والأستقرار ، فقد قتلت قواته بالفعل 18 مدنياَ بريئاَ، على الرغم من أنه ظاهرياً حليفاً للولايات المتحدة، فإن أردوغان لا يخجل من استخدام الجماعات الارهابية للقضاء على عفرين كبديل ديمقراطي. ولم يسمح أردوغان فقط لتنظيم القاعدة بأن تنمو على طول الحدود التركية مع إدلب، ولكنه نسق معها أيضاً لتسهيل دخول القوات التركية إلى منطقتنا و أردوغان لا يقاتل القاعدة فهو متعاون معهم.

منذ عام 2011، عندما بدأ نظام الأسد في الانهيار، عملت المؤسسات السياسية الديمقراطية في منطقتنا بلا كلل لتعبئة الناس في الكفاح من أجل الديمقراطية والأمن ضد بربرية الدولة الإسلامية وفوضى الحرب الأهلية السورية.
لقد نظمنا دفاعنا عن النفس ونفذنا حقوق الإنسان العالمية. والأهم من ذلك، أن قوات الأمن التابعة لنا لا تنفذ عمليات إعدام بإجراءات موجزة مع رجل واحد كقاضي ومحلفين وخادم كما يحدث في المناطق الأخرى التي لا تخضع للقانون في سوريا. إن قواتنا تلتزم بالقوانين المكتوبة في المجلس التشريعي.
ومن المفارقات الحقيقية أن الدولة الإسلامية لم تسيطر أبداً على منطقتنا وهذا قد حد من الوجود الأمريكي هنا، ونحن الآن ندفع الثمن
وخلافاً لبعض المناطق الأخرى في شمال سوريا، ليس لدينا قواعد عسكرية أمريكية أو حتى مراقبين عسكريين. وشجع ذلك أردوغان على شن حرب ضدنا تحت ذريعة “محاربة الإرهاب ،هو يتهم جميع الكرد بأنهم إرهابيون بحكم ولادتهم.
ولكن اليوم ليس فقط الكرد الذين يتعرضون للهجوم من قبل أردوغان ، حيث إن السجون التركية مليئة بالنشطاء السياسيين السلميين من مجموعة واسعة من الخلفيات، ولكن كلهم ​​متهمون بالإرهاب.

وينبغي ألا نتراجع؛ لأن نضالنا من أجل الديمقراطية والحرية يحد من طموحات أردوغان. ولا ينبغي أن ننهزم لأننا حافظنا على منطقتنا من احتلال تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة. ونحن نتطلع إلى تركيا بوصفها جارة ونسعى إلى إقامة علاقات أفضل مع شعبها ، كما أننا نميز بين تركيا كحكومة وشعبها، وبين أردوغان كدكتاتور إسلامي وموضوعه المضطهد ،ونعتقد أن هذا التمييز ينبغي أن يقوم به أصدقائنا في الولايات المتحدة وأوروبا أيضاً.

ويبدو أن الدبلوماسية الأمريكية لا تؤثر كثيراً على تركيا، وهذه ليست بشي جديد، حيث فشل أردوغان في دعم البديل الديمقراطي لنظام الأسد ورفض مساعدة الولايات المتحدة على هزيمة القاعدة في سوريا.
لقد قامت قواتنا الدفاعية بتجنيد العديد من السوريين ذوي التفكير الديمقراطي من المناطق التي تتركز فيها القاعدة الآن، ونحن على استعداد تام للعمل مع الولايات المتحدة لإنهاء هذا التهديد للأمن العالمي. ولتحقيق ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى فرض منطقة حظر جوي مماثلة للاتفاقيات المبرمة بين الولايات المتحدة وروسيا لمنع القوات الجوية من التحليق والقصف لأهداف قوات الدفاع الذاتي، وإقامة تعاون أوثق مع قوات الأمن في المنطقة.
لكن واشنطن يجب أن تتصرف قريباَ فالوقت ينفذ.

ترجمة عن الواشنطن بوست

زر الذهاب إلى الأعلى