مقالات

مخاتلةٌ أم فشلٌ جديد يضيف إلى دبلوماسية أردوغان

دلبرين فارس

 انتهت جولة الرئيس التركي أردوغان الخليجية كما كان متوقعاً بالفشل في إحداث أي اختراق في الموقف السعودي من الأزمة المتصاعدة مع قطر على خلفية دعمها للإرهاب في سوريا والعراق وعموم العالم.

  وغادر أردوغان الدوحة مسحوباً بخيبات الأمل، من دون أن يبعث بأي إشارات طمأنة إلى قطر بعد زيارته إلى السعودية والكويت، في محاولة لأثبات نفسه للقطريين بأنه قادرٌ على حل العقدة القطرية تجاه شقيقاتها العربية.

هذا ولم تحصل الدبلوماسية التركية المرافقة لأردوغان على أية إشارة، أي إشارات سعودية يمكن أن تحفظ له ماء الوجه، فضلاً عن أن الزيارة التي أداها للرياض لم يتجاوز برنامجها المسألة القطرية، ولم تتم مناقشة أي مشاريع مشتركة أو وعود بالمشاريع، وهي المهمة الأصلية للزيارة، والتي سعى أردوغان لتغليفها بالوساطة في الأزمة، خاصة أنه ضم في الوفد المرافق له وزير الاقتصاد نهاد زيبكجي، ووزير الطاقة والموارد الطبيعية براءت البيرق، ووزير الدفاع نورالدين جانكلي، ورئيس الأركان العامة للجيش الجنرال خلوصي أكار، ورئيس الاستخبارات العامة هاقان فيدان.

ومن الواضح  أن حصيلة تركيا من التدخل في الأزمة القطرية ستكون سلبية بكل المقاييس، لجهة خسارتها فرصة بناء تقارب مع الجوار العربي، خاصة المملكة السعودية وجمهورية مصر العربية، وما يحمله من آفاق لتعاون اقتصادي كان يمكن أن يعوض أنقرة خساراتها بسبب الأزمات التي تسبب فيها الرئيس التركي بتصريحاته العنيفة ومواقفه الشعبوية وتدخلاته غير المحسوبة في الملفات الإقليمية والدولية.

من جهة أخرى أن السعودية لم تعد سهلة المنال اتجاه السياسة وخاصة اتجاه الخطاب التركي المخاتل في العلاقة مع إيران، والتي بحث من خلالها أردوغان عن بناء تحالف انتهازي مع الرياض، بالبحث عن مظلة سنية للتمدد التركي اقتصادياً وايديولوجياً في المنطقة؛ خاصة بعد فشل مشروعه الإخواني في مصر.

وهذا لن تقدر عليه أنقرة في الوضع الحالي، وفي وجود رئيس موهوم بالزعامة وباستعادة الزمن العثماني، ما جعله يراهن على جماعات الإسلام السياسي المتطرف، ويتحالف مع داعميها مثل قطر، وهو ما لن تقبل به الرياض.

 والجدير بالذكر إن ما يربط  قطر وتركيا دعمهما للإرهاب، ولو بنسب وأساليب وأدوار مختلفة، إضافة إلى علاقات عسكرية واقتصادية تفيد الأجندة التركية في المنطقة الخليجية.

 ومن المعلوم أن المستفيد الأول والأخير من هذه التناقضات في المنطقة هو اردوغان.

هذا واعتبر المراقبون أن الموقف التركي هدفه الإيحاء للدوحة بدعم خارجي، تتشارك فيه أنقرة مع طهران، ما من شأنه تعقيد الموقف ورفع مستوى التعنت القطري بما يتناقض مع الدعوات التركية المزعومة (وقبلها الإيرانية)، لإيجاد حل سلمي للقطيعة التي أعلنتها السعودية والإمارات والبحرين مع قطر.

والدليل على ذلك موافقة برلمان تركيا في وقت سابق على نشر قوات في قاعدة عسكرية تركية في قطر، واعتبرت هذه الخطوة مؤشراً على الدعم التركي لقطر، وتطبيقاً لاتفاق دفاعي يجيز نشر قوات تركية في قطر؛ أبرم في 2014، وتم بموجب هذا الاتفاق فتح قاعدة عسكرية تركية في قطر، والقيام بتدريبات عسكرية مشتركة، كما ينص الاتفاق على إمكانية نشر قوات تركية على الأراضي القطرية.

ومن طرفٍ آخر استغرب بعض المحللين الخليجيين من مسارعة البرلمان التركي للمصادقة على مشروع القرار هذا، وما اعتبره مراقبون أتراك أسرع مصادقة في تاريخ البرلمان التركي، في حين إن دول الخليج لم تلوح في عقوباته وشروطها  على قطر بخيارات عسكرية لا على المستوى الرسمي ولا على المستوى الإعلامي.

زر الذهاب إلى الأعلى