مقالات

المشروع الديمقراطي السوري

عباس عمر

في ظل المتغيرات التي عصفت بالمنطقة تحت يافطة الربيع العربي خرج السوريون بادئ الأمر إلى الشارع ونادوا بالحرية ومن ثم بالإسقاطات والحراك الشعبي وللأسف دون أن يكون هناك قيادة ناضجة حقيقية تقود المرحلة وعكس ذلك بل ولّدت أشخاص غير مكتملي النمو من رحم الحراك فأجهضت الحراك المنشود وآلت إلى عدم تحولها إلى ثورة بل إلى آلة قتل وسلب ونهب الشعب ومقدراته وسلموا جميع ملفات فشلهم إلى القوى الإقليمية وبالتالي تحولت إلى عمليات قتل وتدمير ممنهجة وأخذت أبعاداً أكثر خطورة وتدميراً وذلك عبر تزاوجها بالفكر القومواسلاموي الراديكالي وبمساعدة النظام القائم نفسه لتصل إلى ما وصلت إليه وهي مرحلة شيطنة الثورة وبدأت الدعاية والتحريض لها عبر مؤسسات إعلامية مشبوهة بحيث اختلطت فيها جميع المفاهيم والأفكار وبالنتيجة أثبتت أن الخاسر الوحيد هو الشعب السوري بكل أطيافه ومكوناته.

لذلك وعلى ضوء ما سردته تبين حاجة هذا الشعب إلى مشروع ديمقراطي حقيقي يجسد تطلعات هذا الشعب عبر احترام وجوده ومقوماته وتطلعاته وحرياته.

فمنذ بدايات الحراك تريثت القوى الديمقراطية الحقيقية عن الانخراط  فيه دون معرفة الوجهة الحقيقية التي تؤدي إلى نتائج ملموسة.

فهذا المشروع تعثر وتمت محاربته بشتى الوسائل والسبل وأخذ أشكالاً عديدة تارة عبر ممن سموا أنفسهم بمعارضة الداخل وتارة عبر ممن سموا أنفسهم بالمعارضة المعتدلة في الخارج يعني مرة مع هيئة التنسيق وأخرى مع تيار قمح ناهيك عن المنصات وحتى على مستوى الأفراد إلا أن كل هذه المشاريع ماتت قبل ولادة حقيقية لها ويعود ذلك لأسباب منها

أولاً: العقلية الشوفينية هي التي كانت سائدة لدى الغالبية منهم وأدت إلى الفشل كونهم لا يستطيعون قبول الكرد رواداً لأي مشروع حتى ولو كان لمصلحتهم

ثانياً: إن هذه المعارضات جميعها وُلدت في أحضان النظام القائم ومرتبطين به عن طريق السرة ولا يستطيعون التنفس إلا عبر رئتيه

ثالثاً: والأخطر هو هيمنة القوى الإقليمية المعادية لتطلعات الشعب الكردي لنيل حريته وذلك عبر حروب مدمرة وقاتلة وبكل الوسائل المتاحة وكوباني وعفرين ومنبج والرقة وديرالزور وباقي المناطق من سري كانيي وإلى يومنا هذا، وما ولادة مجلس سوريا الديمقراطية إلا تحصيل حاصل وخلاصة فكر حر وتجربة مفعمة بالحيوية وهذا هو السبب الأساسي الذي جعل من هذا المشروع مشروعاً متكاملاً يحمل في طياته جميع معادلات ومقومات الحلول المستدامة لهذا البلد العريق وكافة موزاييكه القومية منها والدينية

لهذا نجد من متطلبات المرحلة الراهنة هي تقوية الجبهة الديمقراطية عبر ممثلها مجلس سوريا الديمقراطية وخاصة بعد فشل المشاريع القوموية والاسلاموية وكشف زيف ادعاءاتهم  وبرزوهم في النهاية على أنهم جميعاً ليسوا إلا دمى ارتزاقية لا ترتقي إلى مآل وتطلعات الشعب.

لذلك علينا جميعاً كسوريون أن نعود بذاكرتنا إلى الماضي القريب والذي لا يتجاوز ثمانية أعوام مضت بأن مسيرة الديمقراطية التي انطلق وميضها في أقصى الشمال الشرقي السوري عبر مؤتمر شعبي ذو إمكانات محلية بسيطة (مؤتمر ديريك) في حين كان متزامناً مع مؤتمرات جنيف والتأييد اللامتناهي للدول والحكومات لها وربطات العنق كانت تتصارع على الأموال المهدورة على حساب دماء الشعب السوري؛ لذا قَبِلَ المشروع الديمقراطي السوري أن يتمدد والمشروعات الأخرى تبددت.

والخلاصة هي أن مَنْ يعتمدون على إرادة شعوبهم هم من سيمثلون تطلعات شعوبهم نحو الحرية والديمقراطية التي دفعوا فيها دماء خيرة شبابهم وشاباتهم.

لذلك علينا جميعاً كسوريين أولاً وككرد ثانياً تقوية هذا المشروع الديمقراطي السوري الذي يمثله مجلس سوريا الديمقراطية لنصل إلى أهدافنا المنشودة وهي سوريا ديمقراطية لامركزية وفيدرالية.

زر الذهاب إلى الأعلى