مقالات

الحوار السوري السوري

سليمان شبيب

في غياب التفاهمات الدولية اللازمة لتطبيق القرارات الأممية المتعلقة بسوريا نتيجة تدويل القضية السورية بشكل كبير وانسداد الأفق أمام الحلول السياسية، تتفاقم مشاكل السوريين ومصاعبهم، وتزداد المخاطر التي تحيق بهم وبالتالي يصبح الحوار “السوري ــ السوري” ونجاحه أكثر أهمية وضرورة؛ لأنه الأمل الوحيد أمام السوريين لوقف الانهيار المتسارع ووضع أسس النهوض وانتاج مشروع وطني سوري تقوم عليه سوريا المستقبل دولة اتحادية لامركزية، دولة المواطنة والحريات والديمقراطية والكرامة لجميع ابنائها ومكوناتها.

بالتأكيد إن من أهم مفاصل الحوار (السوري ــ السوري) وأكثرها ضرورة هو الحوار بين السلطة السورية والإدارة الذاتية، وهذا ما يدفعنا في حزب سوريا أولاً إلى المطالبات المتكررة والملحة للطرفين للانخراط الجدي بحوار فوري ومتواصل ينطلق من حسابات وطنية خالصة ومخلصة لحل كل الإشكاليات القائمة، وهي برأينا رغم صعوبة بعضها وتعقيد الظروف المحيطة بها فأن كلها قابلة للحل والمعالجة، فإذا كانت الحكومة السورية تبدي استعدادها للحوار والتفاوض بل انخرطت فعلياً بذلك مع أطراف ودول تعتبرها شريكة أساسية في المؤامرة على وحدة سوريا وسيادتها وفي سفك الدم السوري وتدمير سوريا، فَحَرِيٌّ بها أن تحاور أولاً شركاءها في الوطن ممن أقاموا تجربة وطنية مميزة وهي “الإدارة الذاتية” ويعلنون بشكل واضح تمسكهم بوحدة سوريا وسيادتها ودفعوا آلاف الشهداء في مواجهة قطعان الإرهاب من داعش والنصرة وغيرهما.

وأساساً لا نملك كـ “سوريين وسلطة وإدارة ذاتية” أي خيار حقيقي وجدي إلا الحوار ونجاحه، وأي خيار آخر هو خيار تدميري وانتحاري.

ومن المؤكد في أجواء غياب الحوار، نعطي لمحتلي أرضنا والطامعين بها كالاحتلال التركي، الفرصة الذهبية ليلعب على تناقضاتنا الصغيرة القابلة بالتأكيد للحل والمعالجة لينجح في تعميقها أكثر واستغلالها لننسى تناقضاتنا الرئيسية معه ونمنحه الفرصة لاستمرار احتلال أرضنا الوطنية والتهديد باحتلال المزيد منها وتنفيذ أطماعه ومخططاته التوسعية.

إننا نعتبر الحوار بين السلطة السياسية القائمة والإدارة الذاتية هو الأساس الفعلي لنهضة سوريا، ولذلك يتحمل الطرفان مسؤولية تاريخية أمام الشعب السوري لإنجاحه لأن الحوار أصبح في الظروف الحالية أكثر من ضرورة. إنه مسألة بقاء ومصير لسوريا والسوريين، ويجب على الطرفين الانخراط فيه وفق الحسابات الوطنية السورية بعيداً عن حسابات المصالح الخاصة الضيقة وبعيداً عن لعبة والمناورات.

والطبيعي والمنطقي أن يكون الحوار خارجَ أي استقواء بالأجنبي أو استخدامه كفزاعة للحصول على تنازلات أو أوراق إضافية

فكل التنازلات والأوراق والمكاسب يجب أن تكون لسوريا الوطن وشعبها بكل مكوناته.

زر الذهاب إلى الأعلى