مقالات

نحو اقتصاد كومونالي ايكولوجي

هدية علي

تنطلق التجربة الاقتصادية التي تنتهجها الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا من مبدأ أساسي وهو “تلبية حاجات المجتمع دون الحاق الضرر بالبيئة” وبما يحقق توازناً حيوياً متفاعلاً ومنسجماً، وتختلف هذه التجربة تماماً عن النُّظم والمصطلحات المتعارف عليها كالاقتصاد الدولي والسياسي والعالمي وهي مفاهيم غير صحيحة للاقتصاد وتهدف إلى وضع المجتمع تحت سيطرة سلطة محددة شديدة المركزية.

واختيار هذا المسار الاقتصادي من قبل الإدارة الذاتية والذي عرفه بالاقتصاد الكومونالي الأيكولوجي “الاقتصاد الاجتماعي” هو لإعادة الاقتصاد إلى المجتمع بعد أن تعرض إلى النهب وأصبح أداة للتسلط والقمع والاستبداد وأنتج دكتاتوريات مركزية هدفها الربح وتراكمية المال.

يعرِّف المختصون في علم الاقتصاد أن “الاقتصاد الاجتماعي أو التضامني يعتمد على مرتكزات أساسیة تقوم على المشاركة الدیمقراطیة للأفراد والمكونات الاجتماعية في تحقیق التنمیة المستدامة، ویرسخ لقیم المساواة وتكافؤ الفرص والتوزیع العادل للثروة، ویعمل من خلال مجموعة من الأدوات التي تختلف فیما بینھا من حیث الأشكال والأسالیب التنظیمیة التي تنتھجھا.

وھو نموذج اقتصادي یسعي لمواجھة الاختلالات الناجمة عن اقتصاد السوق “المرتبط بالاحتكار والربح الأعظمي فضلا عن قدرته على العمل كقطاع مستقل إلى جانب القطاعین الحكومي والخاص في تحقیق التنمیة المستدامة بأبعادھا الاقتصادیة والاجتماعیة، كما يحافظ على البيئة، والتوازن الحيوي الطبيبعي”

الاقتصاد الإيكولوجي هو نموذج للاقتصاد يهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة عن طريق موازنة الاحتياجات الاقتصادية مع الاحترام للبيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية.

يُعَدُّ الاقتصاد الإيكولوجي نموذج بديل عن النموذج الاقتصادي التقليدي الذي ينظر إلى البيئة والموارد الطبيعية على أنها موارد غير محدودة وقابلة للاستغلال دون تأثير سلبي.

تتمحور أهمية الاقتصاد الإيكولوجي في حماية وتحسين البيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية لضمان استدامتها للأجيال الحالية والمستقبلية.

كما أن الاقتصاد الإيكولوجي أيضاً يعد أداة فعّالة لتحسين جودة الحياة وتحقيق التوازن بين الاقتصاد والبيئة.

بشكل عام، يهدف الاقتصاد الإيكولوجي إلى تحقيق التوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والاحترام للبيئة والموارد الطبيعية، وهو يعتبر أحد الأدوات الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة في المجتمعات الزراعية على وجه الخصوص.

إن مضمون شبه الاستقلال الاقتصادي لا يتخذ من الرأسمالية الخاصة ولا من رأسمالية الدولة أساساً له، بل يعمل بموجب الصناعة الأيكولوجية والاقتصاد الكومونالي باعتباره انعكاساً للديمقراطية على حقل الاقتصاد.

كما ينبغي عدم الخلط بين الاقتصاد الكومونالي في شبه الاستقلال الاقتصادي مع رأسمالية الدولة واقتصادها كما أنه لا يشبه جهود التأميم في الاشتراكية المشيدة.

ما يلزم هو قانون اقتصادي لا ينكر ظاهرة السوق الوطنية ويضع السوق المحلية نصب العين مثل ترتيب شؤون المُلكية – الشركات – المياه – الثروات الباطنية – الزراعة والصناعة ــ بحيث يتم التناغم والتوازن بين الاقتصاد الوطني والمحلي.

إن الاقتصاد الاجتماعي هو الحل الأمثل للقضاء على الاستغلال، بسبب ابتعاد الفرد عن الاقتصاد وبسبب الاستغلال القائم على يد النظام الرأسمالي وبسبب خروج الاقتصاد من يد المجتمع فكان لابد من تطوير نظام اقتصادي اجتماعي يأمن كافة احتياجات المجتمع.

الاقتصاد المجتمعي الكومونالي بطبيعته التشاركية يسعى إلى تأمين احتياجات المجتمع في ظل نظام ديمقراطي بعيد عن احتكار وسائل الإنتاج، وسِمته الأساسية سيادة الملكية الجماعية والعمل التشاركي إلى جانب احترام الملكية الخاصة ووضعها في اطرها الصحيحة.

يعتمد الاقتصادي الكومونالي على   نظام “الكوبراتيف” وهو التنظيم البنيوي الذي يعمل على خدمة مكونات المجتمع السياسي والأخلاقي وبناء أسس ديمقراطية.

والكوبراتيف لا يقوم على الإنتاج فحسب بل يتعداه الى النشاطات الاقتصادية المتفاعلة بين جميع مكونات المجتمع الديمقراطي، ويتخذ من ذهنية الاقتصاد الديمقراطية الكومينالي.

زر الذهاب إلى الأعلى