ثقافة

مهرجان يكتا هركول بدورته الرابعة اختُتم بمسرحية “أنت لست كارا”

تحت شعار “غصن الزيتون” أُقيم مهرجان يكتا هركول للمسرح بدورته الرابعة برعاية هيئة الثقافة والفن في إقليم الجزيرة وكومين المسرح، وذلك في مركز محمد شيخو للثقافة والفن بمدينة قامشلو وافتتح المهرجان بتاريخ 27 آذار واستمر حتى 5 نيسان الجاري، عُرِض خلال هذه الأيام 9 مسرحيات من مناطق عديدة شمال شرق سوريا ومن مختلف المكونات.

يعقد هذا المهرجان استذكاراً للفنان المسرحي يكتا هركول الذي دافع عن قضيته من خلال فنه ومسرحياته، وبداية سنلقي الضوء على حياة هذا الفنان الذي أصبح مثالاً للفن والحياة الرفاقية، ونتحدث عن أهم المحطات في حياته.

ولد المسرحي الكردي “يكتا هركول”، في شهر آذار من عام 1968 في مدينة هوزات، وعاش قصص مجزرة ديرسم، درس في جامعة غازي، وعمل في مجال التمثيل المسرحي في أنقرة، ولعب خلالها دور السلطان عبدال، كما تعرض يكتا للاعتقال في سجن أرزروم.

وخلال وجوده في سوريا تولى مهمة الإشراف على مؤسسة الثقافة والفنّ في إحدى القرى الكردية، وظهر على خشبة المسرح خلال العديد من العروض الفنيّة المسرحية.

استشهد في الـ27 من شهر آذار/ مارس والذي يصادف اليوم العالمي للمسرح، أصبحَ رمزاً لكل المسرحيين بفنه وحبه للإنسان وسطّر اسمه في صفحات التاريخ، فقد جعل المناضل يكتا من جسده متراساً وجسراً لحث الفنانين على تصعيد المقاومة، وتحول إلى صرخة ضد المؤامرة الدولية. فهو رائد مسيرة البحث عن الحرية ورمز نهج الفنّ، هو من أضرم النار في جسده في ساحة مدينة حلب، كان يجري وهو ينادي بالحرية.

فاستذكاراً للفنان يكتا هركول أقيم هذا المهرجان خلال السنوات الماضية، وفي دورته الحالية التي أقيمت في مركز محمد شيخو للثقافة والفن بمدينة قامشلو عرض خلالها تسع مسرحيات ومنها:

مسرحية “جنون متأخرة”:

تمحورت حول الصراع بين الإصلاح والفساد في المجتمع، وذلك عبر محاكاة بين رجلي قانون أحدهما فاسد، والآخر يسعى للقضاء على الفساد، ويتطور الصراع بينهما لينتهي بانتصار العدل من خلال نضال الرجل المصلح وتطبيقه للقوانين العادلة وتخليص المجتمع من الظلم والفساد، لخلق مجتمع سليم يتحقق فيه العدالة.

مسرحية “كوري“:

تتمحور المسرحية حول شخصية “كوري” وهي شخصية وطنية كردية مورس بحقه كافة أنواع الظلم والاضطهاد، عانى الفقر، يقتات من بقايا طعام أبناء قريته الذين ينفرون منه، ويتذمرون منه، ينام خلف جدران المنازل إلا أنه لم يتخلى عن وطنيته، ويرفض بيع نفسه والانصهار في النظام الرأسمالي الذي استعبد الشعوب وحولهم لآلات وبيادق بيدها تحت مسمى التطور والتحضر .

كما تركز رسالة المسرحية حول مدى تأثير الرأسمالية على بعض شبان الجيل الصاعد، والذين ينفرون من أصلهم وحقيقة مجتمعهم.

وتختتم المسرحية برؤية، يشكو من خلالها كوري ما يحدث في قريته لوالدته المتوفية، وتقول له أمه بأن من يفقد موطنه يفقد كل شيء، وتحثه والدته على الاستمرار في النضال وعدم اليأس لتغيير مجتمعه والتمسك بهويته وأرضه منوهة أن الوطن لا يموت مادام فيه وطنيون يدافعون عنه، وبعد أن يموت “كوري” في طريق النضال تستلم شعلة النضال منه طفلة، كرمز لاستمرار النضال جيلاً بعد جيل.

مسرحية “آمال الأمهات”:

قدمتها فرقة الشهيد مروان التابعة لمدينة سريه كانيه، وتمحور العرض المسرحي حول الآلام والمعاناة التي تمر بها الأم، نتيجة فقدان ابنها بالإضافة إلى ألم ابنتها التي تزوجت وهي قاصرة من رجل يكبرها بـ 15 عاماً ويفرض سلطته عليها، ويتعامل معها وكأنها عبدة لديه، وخشية والدتها من نظرة المجتمع لابنتها في حال طلاقها، وتؤنب ابنتها لأنها كانت معارضة لزواجها عن حب من الشخص الذي يكبرها بـ 15 عاماً، بينما تعترف الابنة بخطئها وتبعث برسالة لكل الفتيات والعوائل تحذرهم من مغبة زواج القاصرات ونتائجه الكارثية على الفتاة وعائلتها.

حيث تأخذ البنت الوسطى شخصية المرأة الواعية المثقفة التي تقدم النصائح لأمها والأخت الكبرى والقاصرة، وتوضح معاني الحب الحقيقي، وبأن الحب الأمثل هو حب النضال من أجل نيل حياة حرة كريمة وضرورة التوافق بين القلب والعقل.

وفي ختام المسرحية، ترفض الوالدة إرسال ابنتها لمنزل زوجها المتسلط، وتطلب منه أن يغير هو من نفسه وذهنيته التي لا ترى في المرأة سوى خادمة له ولمنزله ثم ليأتي ويسأل عن زوجته.

مسرحية “المرأة الوحيدة”:

قدمتها فرقة الهلال الذهب “Kevana Zerin”، حيث نقلت خلال عرضها المسرحي معاناة المرأة من الذهنية الذكورية والتسلط، عبر شخصية امرأة متزوجة ضاعت بين أعمال المنزل وتسلط زوجها ذي الأخلاق السيئة عليها، الذي يقيدها في المنزل ويعاملها كسجينة وعبدة بعد ذهابه إلى العمل خارجاً.

ويسلط العرض المسرحي الضوء على الصيت السيء لزوجها، وشقيقه الذي تعرض للضرب من قبل الناس نتيجة أخلاقه السيئة والذي كسرت أطرافه فأصبح معاقاً وعالة على الزوجة التي أجبرت على رعايته أيضاً. لتختتم المسرحية بتجميع المرأة لقوتها ورفضها تلك الممارسات بحقها وتتخلص من الظلم المفروض عليها.

مسرحية “موت الحجل”:

تمحور العرض المسرحي لفرقة “شانو” حول الأسلاك الشائكة والألغام والجدران التي قسمت كردستان إلى أربعة أجزاء كذلك المخاطر في الوصول إلى الجانب الآخر من الحدود كون المحتلين زرعوا الألغام ويطلقون الرصاص على كل من يتجاوز الحدود وركز على جنود الاحتلال التركي الذين ارتكبوا المجازر على الحدود خلال الأعوام الأخيرة أثناء محاولات بعض الأهالي عبور الحدود من الجهتين.

وفي اليوم الأخير من مهرجان يكتا هركول الذي أقيم في مركز محمد شيخو للثقافة والفن، قدمت فرقة “سردم” مسرحية بعنوان “أنت لست كارا”:

ويتمحور العرض المسرحي حول شخصية المقاتل كارا والذي يعتبر رمز وطني نصب له تمثال وسط مدينته بعد استشهاده في الجبهات دفاعاً عن أرضه، وبأن الكثير من الصحفيين والكتاب قدموا من مختلف العالم لكتابة قصته، وسميت المدينة باسمه تقديراً لتضحياته.

ويظهر في العرض رفاقه في السلاح بعد انتهاء الحرب وقد استلموا مناصب في المدينة، حيث أصبح أحدهم ممن بترت أصابع يديه رئيساً للبلدية، وآخر بترت ساقه مسؤولاً في إدارة المدينة.

بعدها بفترة يظهر شخص رث الثياب ويتسول بالمدينة ويقول بأنه كارا، فيتعجب رفاقه ولا يصدقون بأنه كارا، فيبدأ كارا بسرد قصته لهما وما جرى معه، ليقتنع رفاقه بأنه فعلا كارا.

ويكشف كارا في حديثه عن حقيقة شخصيته ويقول بأنه كان في الجبهات يخاف كثيراً ويختبأ عندما تشتد المعارك، وكان يسرق كل ما بجيوب القتلى من أغراض وأوسمة وميداليات، ويقول بأنه ذات مرة سقطت قذيفة بجانبه ولم يشعر بنفسه إلا في المشفى، وبعد انتهاء الحرب خرج وباع كل ما سرقه وصرفه على نفسه ثم عاد إلى مدينته حين لم يبقى معه ما يصرفه.

ولم يكن كارا يعرف أنه حيكت حوله كل تلك القصص والأخبار وبأنه أصبح بطلاً وطنياً.

وهنا يخشى رفاقه من أن يدرك الناس أن كارا لم يمت وعاد ويهتمون به ويسلمونه مناصب أكبر منهم في المدينة، لذا طلبوا منه أن يغادر المدينة مقابل أن يعطوه ما يريد من أموال ليعيش بها خارج المدينة، وبالفعل يغادر كارا لفترة ثم يعود مرة أخرى بعد أن صرف ما معه.

وبعد أن يفشل رفاقه هذه المرة في إقناعه بمغدرة المدينة يتفقون على قتله، وعندما يود كارا التجول في المدينة يقدم رفاقه المسؤولين على قتله بإطلاق الرصاص عليه.

كل مسرحية من المسرحيات المعروضة خلال المهرجان تحدثت عن موضوع مختلف، تحاكي الواقع وما يحدث فيه وعند انتهاء المهرجان تم تقييم جميع المسرحيات التي عرضت من خلاله على لجنة التحكيم.

أُسدِل الستار على مهرجان  يكتا هركول المسرحي الذي أقيم تحت شعار ” صدى الزيتون” وكانت فعاليات  المهرجان في دورته الرابعة قد بدأت بتاريخ 27 آذار/ مارس المنصرم، على مستوى شمال -شرق سوريا، واستمرت لمدة عشرة أيام، قدمت خلالها 10 فرق مسرحية عروضها على خشبة مركز محمد شيخو للثقافة والفن بمدينة قامشلو، واختتمت  المهرجان يوم الجمعة 6/نيسان الجاري بتوزيع الجوائز على الفرق الفائزة التي قدمت أفضل العروض المسرحية.

وخلال مراسم التكريم وحفل الاختتام ألقت النائبة في هيئة الثقافة والفن نور الوكاع  كلمة رحبت بجميع الحضور الذين قدموا من مناطق مختلفة من شمال وشرق سوريا وأوروبا، وقالت “جميعنا نعلم ما هو المسرح وما يحمله وهو يجسد حقيقة الشعوب التي كانت مهمشة في السنوات السابقة”.

ونوهت نور الوكاع “اليوم على هذا المسرح وعلى خشبة واحدة نجسد جميع معاني وهويات ومكونات الأمة الديمقراطية”، وأوضحت “في السنوات السابقة كان هناك قمع وإزالة للرموز الثقافية والسياسية، نحن اليوم نضرم شرارة الثورة الثقافية في ظل الانتصارات العسكرية التي تحققت في المرحلة الراهنة”.

ونالت فرقة عفرين جائزة أفضل فرقة مسرحية في مهرجان الشهيد يكتا هركول، بينما حاز جائزة أفضل عرض مسرحي  دور أول كل من شيروان ملا، حسن رمو، وحصلت براءة حسن على لقب أفضل ممثلة في المهرجان، وأفضل سينوغرافيا مسرحية فازت  بها فرقة سردم “أنت لست كارا”، وذهبت جائزة أفضل مخرج مسرحي لفرقة “jına bı tene”، بينما نالت فرقة سردم التابعة للدفاع الذاتي “أنت لست كارا” على جائزة أفضل نص مسرحي.

زر الذهاب إلى الأعلى