الأخبارثقافةمانشيت

بحث معرفي عن نوروز (Nûroj) … 1

بمناسبة قدوم عيدنا القومي "نوروز" أقول لكم: مع نسائم هذه الحرية في روزافا (روج آفا) أبارك لكم هذا اليوم وأنشر عنه هذا البحث المعرفي المقتضب،

برادوست ميتاني ــ                                                                      

 

الحلقة الأولى:

مكانة عيد نوروز (Nûroj) لدى الكرد قومياً ودينياً.

لنوروز قيمة كبيرة في قلوب الشعب الكردي خاصة، والعرق الآري عامة، دينياً وقومياً؛ حيث جبلت شخصيته بالشخصية الكردية من جهة، كما أنه يُعد من قبل الكرد أجمعين تقويماً سنوياً ارتبط بحيثيات حياته الزمنية من جهة أخرى.

النوروز كملحمة قومية دينية دخل في مشاعر الكرد الفيزيائية الإرثية من حيث الميثولوجيا والوجود، وقد امتزجت به على يد الحكواتيين والقصصيين اسطورة تُجسد معاني البطولة والحرية ضد الظلم؛ ألا وهي:

عندما حمل، كاوا هسنكار (الحداد) الكردي، Kawayê Hesinkar مطرقته وسيفه في وجه الدكتاتور الظالم “زهاك ( “(Zihakفي العربية “الضحاك” الذي هو الحنش الضخم أو التنين) ليخلص الشعب الآري من استبداده ووحشيته. إذ تقول الملحمة: إن أفعيين خرجتا من على كتفي “زهاك” وقد نغَّصتا عليه حياته؛ خاصةً عندما كانتا تشعران بالجوع ولا يقوى الملك على تحمل ذلك، لذا جمع الملك “زهاك” حوله أطباءه جميعاً لإيجاد علاج له، فأشار أحدهم عليه إلى أن يُطعمهما دماغ شابين في مقتبل عمرهما، لذلك صار يأخذ يومياً شابين من أسرتين وأحياناً شاب وشابة ويذبحهما ويطعم الأفعيين دماغهما فتهدآن، بمرور الأيام والأشهر أزداد عدد الضحايا، وهذا ما جعل أطباؤه أو حاشيته القائمين على هذا الأمر أن يذبحوا شخص “وذلك رأفة بالشباب” ويخفوا الآخر في الجبال، ويأتوا بدلاً من دماغه بدماغ نعجة أو غيرها من الحيوانات. بمرو الزمن ازداد عددهم فوق الجبال؛ فكوَّنوا مجتمعاً بحد ذاته.

وبتتالي الأيام جاء الدور على ابن شخص يعمل حدَّاداً (هَسِنْكَارْ) ألا وهو “كاوا”، ويقال بأنه كان الدور السادس عشر الذي يشمل أولاده، إذ أنه كان قد أفدى بأولاده ال15 في كل مرة يأتيه الدور، وكان عليه في هذه المرة أن يفدي بولده السادس عشر الوحيد المتبقي، لذا جمع حوله الناس الذين حرضهم بوعي ودراية ضد “زهاك” ونظمهم، ثم هاجموه ليلاً، وكان ضمن الثوار ابنه السادس عشر المتبقي الذي يحمل اسم (زير(Jîr  ، وعند وصول الثوار إلى باب جدار القلعة، وبعد أن أوثقوا وقتلوا من قاومهم من الحراس والحامية؛ رفعوا (زير) من فوق الجدار ليقفز إلى الداخل بالرغم من صغر سنه، ثم فتح لهم الباب ودخلوا في عراك مع حامية قصر “زهاك” الذين انتصر عليهم الثوار، ثم تمكن “كاوا” من التسلل إلى مخدع الدكتاتور “زهاك” الذي كان يسهر مع بطانته من المغرَّرِين بهم  من الرجال والحريم وهم يرقصون ويشربون الخمر، ثم امتشق كاوا سيفه في وجهه، وبعد أن تخلص مع رفاقه ممن حوله أخذ يذكره بجميع جرائمه وطغيانه وأرواح الأبرياء التي أزهقها، ثم ضرب بسيفه على رأسه وقتله، وكان قد اتفق مع الأهالي وسكان الجبال؛ إذا ما انتصروا على “زهاك” فأنه سيشير لهم  بالنار من على سطح قصر “زهاك”، لذا انطلق إلى سطح القصر ورفع بمشعل إلى الأعلى، إشارة إلى النصر الذي حققه، وهذا ما  فعله الأهالي أيضاً في البلدات والقرى وكذلك هؤلاء الشبان الملتجئين إلى الجبال، وقد هبط الشبان من أعالي الجبال إلى قراهم وفي أيديهم مشاعل أنارت ظلمات الليل مبشرين بحريتهم.

لقد خلدت النيران هذه الذكرى، فأصبحت منذئذ رمز التحرر والحرية من قبل الشعب الكردي، وكان اختيار “زهاك” للجيل الصاعد بأن يذبحه؛ إيحاء إلى أنه يسعى إلى القضاء على تجدد المجتمع، كما أن اختياره للدماغ هو سعيه للقضاء على الفكر والعلم والوعي.

من فضلكم انتظروا الحلقة الثانية…

زر الذهاب إلى الأعلى