مقالات

متى نكف عن بث خطاب الكراهية؟؟؟

لا أعلم… لماذا يبادر البعض إلى إثارة خطاب الكراهية وبث الشائعات المغرضة, سواء على أرض الواقع أو على صفحات التواصل الاجتماعي أو عبر الفضائيات، وتحريض طرف على آخر, رغم أنه يعيش بين أبناء هذا المجتمع, وهو يدرك تماماً أنه لن يكون له اعتبار إلا إذا كان لمجتمعه اعتبار.

وأنا على يقين بأن من يلجأ إلى مثل هذه الأمور قلة قليلة ورغم أنهم في حالة وجودهم في وسط المجتمع لا يشكلون نسبة تذكر وليس لهم أثر بارز، وليس لديهم الوازع الوطني، ولا يحسون بقيمة المجتمع، ولا باستقراره، وهذه القلة من الممكن أن يخفت صوتها وسط أصوات الأغلبية التي ترى في استقرار المجتمع حلمهم وأمانيهم.

إن هؤلاء ومن ورائهم أعداء الديمقراطية والإنسانية والفكر الحر عندما أفلسوا وخابت آمالهم وارتفعت الأصوات الداعية إلى الديمقراطية والتعايش المشترك أخذوا يتوجهون إلى مسار آخر أسوأ، ولهذا تجدهم لا يتورعون عن اتهام الآخرين بوابل من الاتهامات بمقادير ما يتم بذل الجهود للوصول بالمجتمع إلى التنوع والتعدد والتشارك … وتوجه لهم الطعون والتهم وتلفق ضدهم الدعايات المغرضة والأقاويل الباطلة.

إن المتأمل في الوضع الراهن يجد أن أهداف هؤلاء تكمن في جر المكونات المتعايشة إلى تفاصيل هم بغنىً عنها, وبالتوازي مع سيرهم في هذا الاتجاه الفاسد نؤكد أن نهجنا قد رسم لنا طريقاً معيناً يتم من خلاله الصلاح الاجتماعي بين جميع أفراد المجتمع ونحن على ثقة بأن المجتمع الذي تسوده العدالة الاجتماعية حتماً ستكون حقوق الجميع فيه مصانة ولن تؤثر فيه أية أعراض جانبية.

فلنكن جميعاً قلباً واحداً ولنبتعد عن إثارة خطاب الكراهية هنا أو هناك أو الانخراط  في صراعات تحاول خلقها جهات مغرضة لا تهدف سوى لإثارة الفتنة والبلبلة بين أفراد ومكونات مجتمعنا، فلنترك الأمور لمن هم أهل لها، هؤلاء الذين يكرسون حياتهم من أجل أن يظل مجتمعنا في حالة استقرار دائم، وفي الوقت نفسه فإن حرية إبداء الرأي ووجهة النظر مفتوحة للجميع بلا استثناء، ولكنها يجب أن تكون في حدود الموضوعية، وعدم المضي بالرأي إلى ساحة التخوين أو الشتائم غير المبررة.

من هنا علينا التمسك باللوحة الفسيفسائية لمجتمعنا ونرفض الانخراط في أي مخطط يرمي إلى بث الفتنة بين أبناء هذا المجتمع وضرب النسيج الاجتماعي والمساس بالنمط المجتمعي الغالب على المنطقة، وعدم الانجرار والخضوع للإملاءات والأجندات الخارجية.

هنا؛ التوعية شرط ضروري للنجاح أيضاً؛ غير أن التوعية لا تعني نشر خطاب يدحض خطاب الآخر فقط بل تقوم كذلك على تنقية الأجواء العامة من السموم الفكرية، وضمان خلو المدارس والجامعات والجوامع والكنائس منها ومساحات الحوار العام، عبر إصلاح تعليمي يبني بيئة تعليمية ومجالاً عاماً ينشران النور والانفتاح والتعددية، لا الظلام والانغلاق والإقصائية.

زر الذهاب إلى الأعلى