مقالات

ماذا تبقى للكرد بعد الجبال والريح؟

أصحاب الضمائر عندما يتحدثون عن عفرين يضعون في الاعتبار أن تركيا هي دولة احتلال غير شرعية بتعريف القانون الدولي، وأن الكرد شعب خاضع لأسوأ أنواع الاحتلال، فلماذا إذاً لا يحق للكرد الدفاع عن أنفسهم أمام هذا الاحتلال علماً أن المقاومة في هذه الحالات مشروعة وفقاً لميثاق الأمم المتحدة؟ لماذا يصف البعض المقاومة الكردية بالذات بأنها إرهاب بينما يصفون الإجرام التركي والمجموعات المتعاونة معها بأنه دفاع عن النفس؟ هل لأن الكرد يرفعون يافطة المقاومة فقط، أم لأن كل كردي يطالب بحقوقه ويقف في وجه أعداء الإنسانية فهو مستهدف ومرفوض؟

الملايين من الكرد المنتشرين في الشتات، لا ينسون الحقيقة المعروفة للجميع، وهي أن أرضهم و منازلهم استولى عليها المستوطنون الغرباء وألقوا بأصحابها إلى العراء. بعضهم مازال يحتفظ بمفاتيحها، ويستطيع بعضهم أن يراها من هناك حيث مخيمات اللجوء. ولأسباب مجهولة، أصبحت استعادة البيت المسروق، بالسلاح أو بغيره إرهاباً وعنفاً وتخريباً كما يصفها البعض، وأصبحت مقاومتهم لأسوأ أنواع العنف المسلح “إرهاباً أو إعلان حرب” ضد من احتلَّ ونهب وسرق وقتل وخطف و.. , هل ينبغي أن يعيش المستوطنون ومن أعانهم آمنين متمتعين بما سرقوه وسلبوه واقترفوه؟!

يريدون تقديم المنطقة للجهة التي يعرفون أنها تقدم أثمن خدمة لأمن المتنعمين بأملاك الكرد. وفي أذهانهم تحويل المنطقة إلى مستعمرة، لا تسبب لهم المشاكل، وتتصرف كتابع طيِّع يتقبل ساكنيها الإذلال برؤوس مطأطئة.

يريدون أن تكون المنطقة مستباحة تماماً. لتصبح تحت سيطرة من هم معروفون بِلا إنسانيتهم واستهدافهم للوجود الكردي. لا أبتكر شيئاً إذا كررت أن الكرد، سواء كانوا مسلحين أو عزلاً، وسواء قاوموا أم لا أو مهما كانت إيديولوجيتهم واتجاههم السياسي هم الهدف الوحيد والدائم لآلة القتل التركية وغيرها. كل الحقائق تتحدى من يزعم غير ذلك. ليس الكردي في دول الشتات، أو المعتقل أو في المخيمات، أو الذي لا يجد قوت يومه، إنساناً آمناً يعيش حياة طبيعية لأنه متهم دوماً.

بصراحة, أصبح هناك ترهلاً وطنياً وزعزعة للحس الوطني عند البعض يعود أساساً إلى ثقافة المواطنة التي اهتز بنيانها عندهم، وهذه ثمرة غير طيبة لما تم غرسه في أوصالنا ولكنها تظل وليدة مرحلة انتقالية مضطربة وغير واضحة المعالم، لا نعرف تجلياتها الأخلاقية، حيث شاهدنا عند بعض النخب وأصحاب الشأن والمواقع، خللاً في الممارسة والتصورات.

سيكون بلا ضمير من ينسب احتلال عفرين وغيرها إلى طرف أو أيديولوجيا محددة. سيكون بلا ضمير من يسمي مقاومة أبنائها بالإرهاب, نعم ثمة شعب منكوب يقاوم محتلاً إجرامياً. وأمام عدو يقتل أطفالهم ورجالهم ونساءهم وشيوخهم يومياً، سيكون بلا ذرة ضمير من ينصح الكرد بالاستسلام وترك المقاومة…فليس للكردي إلا المقاومة بعد الجبال والريح…

زر الذهاب إلى الأعلى