ثقافة

كيف للحوار أن ينجح؟

إعداد : جفان حرسان

ما هو مفهوم الحوار؟ ما تكون كيفية إجراء الحوار؟ ما هي أسس الحوار ومرتكزاته؟ ما الغايات المرجوة من الحوار؟ كيف يمكن للحوار أن ينجح؟
أسئلة قمنا بطرحها على عدد من الشخصيات السياسية والإعلامية لنرى كيف ينظرون لهذه المسألة.
سنحريب برصوم رئيس هيئة حقوق الإنسان في مقاطعة الجزيرة قال:
لابد لنا من الرجوع تاريخياً إلى السنوات الماضية فخلال العقود المنصرمة كنا كسوريين نفتقد إلى الحوار على كافة المستويات وعلى وجه الخصوص الحوار السياسي كون النظام القائم آنذاك غيّب الحوار بين الشعب السوري بكافة مكوناته وكذلك التنظيمات السياسية السورية لذلك نرى التباعد في الرؤى والإيديولوجية والأفكار وعدم فهم الآخر، وفي الوضع الحالي بعد الثورة السورية وأحداثها المأساوية ودخول القوى الإرهابية إلى الأراضي السورية وتسلط أفكار تعصبية رجعية دينية متشددة على بلدنا أصبح من الضروري جداً أن يتم حوار على كافة المجالات الاجتماعية وبين كافة المكونات والأديان فالحوار السياسي يعتبر مفتاح الأزمة السورية، ولكي يتم الحوار لابد من قبول الآخر مهما يكن اختلافه وبطبيعة الحال هذا الحديث عن محاورة الطرف الآخر يتعلق بالشعب السوري والحوار فيما بين أديانه وأطيافه ومكوناته لا على الطرف الآخر المتمثل بالطرف المتشدد والإرهابي فهو مستبعد كلياً عن الحوار”.
المكونات العلمانية والسياسية والليبرالية والتقدمية تستطع بناء حوار سياسي يكون مخرجاً للأزمة السورية في الأوضاع الحالية فالحوار هو المخرج لهذه الأزمة المعاشة.
أما المبادئ الأساسية للحوار أن يكون الطرف الآخر جاهزاً للتحاور وتقديم التنازلات للحصول على توافقات لنستطيع بناء نظاماً علمانياً ودستوراً جديداً لسوريا يحس كل مواطن سوري أنه جزء من هذا الوطن وليس غريباً عنه، يكون هذا التوافق مبني على الاعتراف بكل المكونات وحقوقها المشروعة فهذا كل ما يتطلبه الحوار الناجح وكل طرف سياسي يتوجب عليه أن يفكر بالآخر وبهموم الآخر ومطالبه وليس فقط التفكير بنفسه وحزبه ومكونه أو دينه بل يجب أن يكون الفكر منفتح على الجميع لنستطيع أن نبدأ بمرحلة جديدة في سوريا المستقبل.
فواز أيو ناشط إعلامي:
الحوار من أهم أدوات الوصول إلى الحلول والنتائج في مختلف النواحي الحياتية الفكرية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية لما له من أثر في تنمية قدرة الأفراد والمجتمعات على التفكير الفردي أو المشترك والتحليل والاستدلال وتحرير فكر الإنسان من الانغلاق والانعزالية كونه أداة رئيسية في تنمية الوعي والمعرفة وهو يخلق المناخ الأنسب لإنتاج الأفكار كونه ينطلق من مبدأ الأخذ والرد ويختلف بعض الشيء عن الجدال والنقاش لأنه يفترض بالمحتحاورين وجود النية للالتقاء، الحوار يجري بين اثنين أو أكثر حول موضوع محدد للوصول إلى هدف معين أو اتفاق حوله.
الحوار مهارة حياتية لا غنى للجميع عنه لما له من تأثير في حل المشاكل العالقة أو المتوقعة وتعتبر جميع مؤسسات المجتمع بحاجة ماسة إلى هذه المهارة المهمة التي تختصر الكثير من الوقت والمعاناة كونه وسيلة (فهم) مهمة
من أهم أسباب نجاح الحوار هو إدراك المتحاورين آدابه وتقنياته ومن أهم آداب الحوار أن يكون المحاور جاداً فيه ومستعدا له وإلا يكون وجوده بهدف تحقيق غلبة أو تسجيل نقاط وأن تكون الغاية منه طرح الأفكار وتبادلها بكل هدوء وأن يتم التركيز على الموضوع لا على المتحاور لتحقيق الموضوعية ومن أهم مقومات الحوار المنتج أن يكون ديمقراطياً ومستندا على مخزون كاف من المعلومات والمعرفة.
حسين بدر عضو المكتب السياسي لحزب الوحدة:
إن قلنا حوار فهذا يقتضي وجود أكثر من طرف في عملية التحاور وليس من الضروري أن تكون الأطراف المتحاورة ذات اتجاه أو رؤية واحدة سواء أكان الحوار فكرياً أو سياسياً أو ثقافياً يتم التوصل إلى نقاط معينة تكون نقاط مشتركة بين الطرفين فتخرج العملية الحوارية بتسوية حول الموقف أو القضية المطروحة للتحاور عليها.
يفرض علينا احترام وتقدير آراء الآخر كما يفرض علينا الاستماع إليه فمن آداب التلقي أن تكون مستمعاً جيداً والاستماع إليه بشكل هادئ ومسموع، فإن لم تكن مستمعاً جيداً حتى تفهم ماذا يريد الطرف المقابل منك وتستطيع التحاور لتضع النقاط على الحروف والتوصل إلى حل مشترك في العملية التحاورية. بكل تأكيد هناك طرف قوي وطرف ضعيف وخاصة إذا كانت العملية الحوارية تفاوضية سياسية وعلى الطرف القوي الذي يمتلك أوراق القوى أن لا يفرض رأيه على الطرف الآخر وإلا ستكون العملية غير حوارية وإلا عملية إملاء.
تتم ترجمة مخرجات الحوار على أرض الواقع واستثمارها إذا كانت الأطراف المتحاورة جادة في حوارها ومؤمنة بها ليس الحوار من أجل تأمين المستلزمات على أرض الواقع وهذا يحتاج إلى عمل مضني حتى نتمكن من إقناع الأطراف الأخرى للجلوس إلى طاولة الحوار لإيجاد الحل والخروج من أزمة سوريا المستعصية وخاصة في أيامنا الحوار يجب أن يكون بدون شروط مسبقة وإذا كانت كذلك فكل طرف متحاور أتى بشروط وقناعات مسبقة ويحاول فرضها على الطاولة ويتمسك كل طرف بفكره وقناعاته لن نحصل على نتيجة من هذا الحوار.
لا يمكن التحاور مع الإرهاب لأن الإرهاب لا دين ولا أخلاق ولا انتماء ولا فكر له فالإرهاب لا يستند إلى قاعدة فكرية إنسانية وإما يعتمد على فرض مبادئه بقوة، الإرهاب هو خارج مفهوم منظومة الأفكار والقيم الإنسانية ولا يمكن الحوار معه كلياً.
عبير حصاف عضو اللجنة السياسية في حزب الاتحاد الليبرالي:
الحوار هو عملية كلام أو نقاش أو حديث يجري بين طرفين أو أكثر حول مواضيع وقضايا سياسية مختلفة للخروج من حالة النزاع للوصول إلى حالة توافق حول القضايا المختلف عليها.
الحوار من أهم أدوات التواصل الفكري والثقافي والاجتماعي والاقتصادي التي تبنى عليها الحياة في المجتمعات المعاصرة لما له من أثر في تنمية قدرة الأفراد على التفكير المشترك, وتعتبر القدرة على الحوار وإتقانه واحدة من المقاييس الحضارة في المجتمعات, لأنه بديل عن الحروب والقتال ويحمي الأطراف المتنازعة والمختلفة ويحفظ كرامتهم وإنسانيتهم.
بالرغم من أن الحوار لا يعد حلاً بحد ذاته في حالات الاختلافات, إلا أنه يعتبر أداة أساسية للوصول إلى توافقات تضمن تحقيق مصالح المجتمع والدولة أو الأحزاب والخروج بأقل خسائر ممكنة.
أما كيفية الحوار، ليس له شكل أو مكان معين, إنما قد يكون على شكل مراسلات أو لقاءات وإجتماعات تشارك فيه الأطراف المتحاورة, تعقد في أماكن يتفق عليها قد تكون تابعة لأحد الأطراف أو في أماكن محايدة للطرفين, ومن الممكن أن تتم مع وجود مراقبين أو وسطاء من أطراف محايدة للوصول إلى النتائج المرجوة.
وبخصوص أسس الحوار ومرتكزاته فللحوار أركان ومرتكزات أساسية من الممكن اختصارها فيما يلي:
1.عملية الحوار وآلية تنفيذه واستمرارية تطبيقه حيث على الأطراف المتحاورة أن تتحاور فيما بينها لتطبيق نتائج الحلول التوافقية الناتجة عن الحوار والالتزام بها وما ستفرزه من ظروف لاحقة بحاجة إلى إعادة أو استكمال الحوار.
2.أطراف الحوار: الحوار يجب أن يتم بين طرفين أو عدة أطراف لا تنتمي أو لا تنتهج نفس الإيديولوجية، فالاختلاف في الآراء ووجهات النظر ضروري من أجل القيام بالحوار أساساً, الحوار ممكن أن يكون بين أفراد أو بين أفراد ومؤسسات أو بين أحزاب وأحزاب وما إلى ذلك.
3.النتيجة أو الهدف المنشود, وعادة ما يكون حلا توافقيا ويمثل مخرجات القرار حيث يكون هناك اتفاق حول القضايا المختلف حولها, وتتوصل فيه الأطراف إلى حل توافقي تقدم فيه الأطراف المتحاورة حداً معيناً من التنازلات في سبيل التوصل إلى حالة توافق لا منتصر ولا خاسر فيها.
أما الغاية من الحوار عادة ما تكون الغاية من الحوار هي إيجاد حل وسط بين الأطراف المتنازعة أو المختلفة أو قد يكون الحوار وسيلة للتعرف على وجهات نظر الأطراف الأخرى من الممكن أن تخدم مشاريع تخطيط مستقبلية حول تحديد الاتجاهات العامة للتفكير في المجتمعات وتشكيل الرأي العام وكيفية التأثير عليه.
لإنجاح أي عملية حوارية أو حوار يجب:
1.على المتحاورين إدراك آداب الحوار, كاختيار المفردات الايجابية والالتزام بالحوار الهادئ والتقيد بآداب الحديث.
2. تحديد الموضوع مسبقاً والتركيز عليه.
3.أن تفهم كل الأطراف المتحاورة إن الحوار هو وسيلة للتوصل إلى حالة توافقية معينة مرجوة وليس انتصار طرف على طرف أو وسيلة للتجريح أو التفاخر.
4.الالتزام بالثوابت العامة التي تجمع الأطراف المتحاورة والتفريق بينها وبين المتغيرات المرحلية للوضع والظروف السياسية والتي عادة ما تكون الحوارات من أجلها أو عليها.

زر الذهاب إلى الأعلى