مقالات

خيارنا هو الحل الديمقراطي

الحديث عما تمر به سوريا وما تعيشه المنطقة من الأحداث المتسارعة، وما يبادر إلى ذهن الإنسان من تصورات عاشتها المنطقة يثير القلق حول مصير المنطقة برمتها، فالغموض الذي يكتنف مصيرها في ظل المصالح  والأجندات الدولية والصراع فيما بين القوى الدولية والإقليمية ذات الأجندات المتعددة والمتشعبة على مستوى سوريا وعموم الشرق الأوسط يستدعي تحليلاً عميقاً وصائباً، كالذي طرحناه عند انطلاقة الثورة السورية قبل أن تتحول إلى أزمة خانقة.

إننا كحزب الاتحاد الديمقراطي وحركة المجتمع الديمقراطي طرحنا الحل وفق النهج الديمقراطي منذ بداية الأزمة على خلاف نهجي جماعات المعارضة والموالاة للنظام السوري، واستلهامنا هذا النهج من فكر وفلسفة قائد الشعب الكردستاني عبدالله أوجلان الذي يعتبر الشبيبة ديناميكية الثورة، وحرية المرأة هي حرية كل المجتمع.

الأزمة تتجاوز سوريا، وهذا ما أكدنا عليه منذ البداية، ففي الوقت الذي أعتقدَ فيه الآخرين أن الثورات التي انطلقت في كلٍ من تونس ومصر وليبيا قد أخذت تتجه نحو النهاية، ولكن إذا نظرنا إلى وضع تلك البلدان الآن سنرى أن الأزمة والصراعات ما تزال مستمرة وهي مرتبطة بحرب أوسع تتدخل فيها القوى الإقليمية والدولية. أما سوريا فقد أصبحت مركزاً لهذا الصراع بين القوى الدولية والاقليمية، والآن تبدلت الأحداث والموازين فتعمقت الأزمة دون أي سبلٍ للحل.

المرحلة الراهنة التي تمر بها عموم المنطقة تَشي بديمومة الصراع وفق ما يراد له من قبل القوى المتصارعة وفق أجنداتها ومصالحها، وتمركزها في سوريا أصبحت أكثر وضوحاً مع الأحداث الأخيرة، حيث العدوان التركي ضد التجربة الديمقراطية في شمال سوريا وأيضاً قيام إسرائيل بقصف العديد من المواقع التابعة لإيران في سوريا، ومحاولات روسيا فرض الحلول وفق رؤيتها بدون الالتفات إلى التحالف الدولي يعمق الأزمة ويجعل حل الوضع في سوريا مركزيا في التأثير على عموم المنطقة.

بطبيعة الحال وبعد ما يقارب السبع سنوات من الصراع في سوريا وفي ظل ما تعيشه حالياً توصلنا إلى نتيجة أن اختيارنا للنهج الديمقراطي كان صائباً وبات من الواضح أن الحل الأمثل والوحيد للأزمة السورية يَكمُن في الحل الديمقراطي الذي يتحقق عبر الأمة الديمقراطية.

الحل الذي أعلنت تركيا مراراً وتكراراً تخوفها منه لذا فقد اعتمدت شتى الأساليب والوسائل لمحاربته بدءً من فرض الحصار على روج آفا وصولاً إلى دعم الفصائل المرتزقة من جبهة النصرة في سري كانيه وداعش في كوباني، وبعد فشل هذه الجماعات في تنفيذ مخططاتها شنت تركيا وبتعبئة 25 ألف مرتزق هجومها المباغت بالأسلحة الثقيلة على عفرين بغية احتلالها، تم مواجهتها جميعا بمقاومات بطولية وسجلت ملاحم تاريخية للشعب الكردي ولشعوب سوريا وخاصة مقاومة عفرين التي كانت مباشرة ضد الاحتلال التركي وكما نجحت المقاومة في إفشال المخططات التركية في سري كانيية وكوباني فأن استمرار المقاومة في عفرين سيفشل المخططات التركية ليس فقط في عفرين بل في عموم سوريا.

سوريا دخلت نفقٍ مظلم خاصة وإن المشاريع التي تنفذها كلٍ من روسيا وتركيا وإيران هي مشاريع تقسيمية ونزاع طويل الأمد، هذه المشاريع  بدأت من آستانة، وتبلورت باحتلال الدولة التركية لعفرين، الخروج من هذا النفق بيد السوريين، هم المعنيين بالحل الذي نطرحه منذ سنوات، الحل ليس في آستانة، اسطنبول وموسكو، الحل في سوريا، على القوى التي لازالت تؤمن ببصيص أملٍ بسوريا الوطن، سوريا لكل مكوناتها، أن تستدير تجاه الحل الديمقراطي المبني على التعايش المشترك والحوار السياسي الديمقراطي.

زر الذهاب إلى الأعلى