مقالات

حلب….تحريرٌ أم تدمير

00_14دوست ميرخان

يبدو إن المعادلة العسكرية في حلب ستحسم لصالح قوات النظام،  فما سميت بملحمة حلب الكبرى التي أطلقتها المجموعات والفصائل المدعومة والمرتبطة بالدولة التركية مباشرةً، والتي كانت متفائلة في البداية بانتصار انصارها ومرتزقتها في حلب، إلا إن الذي حدث أن روسيا وقوات النظام قلبوا المعادلة رأساً على عقب، حيث استطاعت الأخيرة وبغطاءٍ جوي روسي أن تفرض شبه سيطرة كاملة على كافة أحياء حلب، والتي كانت واقعةً تحت سيطرة تلك المجموعات، شكَّلَ هذا التحول ضربةً قاضيةً لما يسمى بالائتلاف وعرابها التركي أردوغان، الذي أرتبك وبدأ يتلعثم ويتخبط في الكلام في الآونة الأخيرة.

 أردوغان الأب الروحي للفصائل الإسلامية والمرتزقة في حلب وحماة وحمص والموصل …..، لم يفي بوعده خطوطه الفاقعة، خطابته الرنانة الجوفاء، لم يكن سوى هباءً منثوراً، ذهب في أدراج السياسة الدولية الشديدة التقلب، زلات اللسان وحركة الأصابع التهديدية  سيحسب له أردوغان ألف حساب في هذه الظروف،  خاصةً أن المراقب هو بوتين بكل ما يعنيه الاسم من معنى ومضمون.

أما فيما يتعلق بالأمم المتحدة التائهة في هذا الصراع التائه أصلاً فلم تنجح كل مساعيها، وعلى مدى أكثر من عام في إيصال مساعداتها (البرية والجوية والبحرية )، والتي أصابتها التلف والفساد على متن شاحنات الإغاثة المتراصفة على الطرف التركي، (العرض سارٍ، لكن طريقة وصول هذه المساعدات هي المشكلة الكبرى)، وهنا أعتقد أن الوقت قد أصبح مناسباً لإيصال هذه المساعدات كون سكان حلب المهجرين والفارين من ضراوة المعارك قد تجمعوا في أماكن واضحة المعالم، بعد أن تغيرت الكثير من المعالم في حلب، لذا سيكون من اليسر مدهم بالمساعدات؟!.

بينما الحديث عن الهدنة بات كخيمةِ لجوءٍ في هذا الشتاء القارس  مغامرات الهُدنّ والتي لم تنجح  فيها الأمم المتحدة حتى في أدنى لحظاتها (هُدَّن يومية، ساعية) لن تجدي نفعاً.

 كلام السيد ديمستورا مهندس الهُدن عن مرافقة مرتزقة النصرة كحلٍ لإنقاذ ما تبقى من حلب، وما أكده مراراً بأنه مستعدٌ لكي يرافق بهم أثناء عملية الخروج من حلب إلى ادلب يثير الريب، إدلب والتي تتحول شيءً فشيء إلى مكانٍ لتجمع ولملمة وإعادة تصنيع بقايا المجموعات والفصائل المقاتلة، ولكن بأسماءٍ حسب الطلب، وهنا لا اتحدث عن السكان الذين أصبحوا بين نارين لا حول ولا قوة لهم، يتعرضون للتهجير الترغيبي أو الترهيبي من قبل المجموعات المتحاربة.

 العجيب في الأمر إن هيئة دولية تعمل من أجل الإنسانية وتحارب الإرهاب ومتفق عليها بين كل الدول هي من ستقود النصرة للخروج من حلب، الأحرى هنا أن توكل هذه المهمة إلى تركيا لما لها من صلة الرحم بهذه المجموعات وهي الأنسب، ولديها تجارب سابقة مع داعش وأخواتها، سواءً كان ذلك في الموصل أوفي شمال سوريا ولبنان، أو حتى في شرق افريقيا وأوروبا، لذا فأن هذا الدور لا يليق بمنظمة دولية كمنظمة الأمم المتحدة.

 تتقلص فرص الحل السلمي للصراع في حلب أمام تعنت المجموعات المسلحة واصرار النظام، فالحلول الآنية والخطط التسلسلية التي أثبتت فشلها وانعكست سلباً على الواقع الراهن في حلب، ولم تعد تصمد ثانيةً واحدةً أمام حدةِ وتيرةِ المعارك والمعاناة.

 الحل العسكري هو الأنسب كما قالت المعارضة وممولوها فالخسارة بالنسبة للطرفين في حلب عارٌ..!، وكما يُقال في اللغة العربية (لا يغسل العار إلا بالدم).

زر الذهاب إلى الأعلى