مقالات

المواقف النارية للنظام ضد “قسد” من ستحرق. ؟؟

 إبراهيم إبراهيم*

– بعد سبع سنوات من الحرب في بلاده يبدو أن النظام السوري والذي كان المسبب الأول فيها، عازم على تدمير المتبقي منه، فبعد النجاح الذي حققه الطرف الكردي السوري والعديد من المكونات الاجتماعية “الاثنية” والسياسية السورية التي تحالفت معه في المحافظة على حياة الملايين من المواطنين السوريين وتجنيب القرى والمدن السورية في الشمال الغربي والشرقي ووسط الشمال من الدمار والخراب الذي خيم على أكثر من 70 % من سوريا. – ويظهر جليا أن النظام مُصراً ومن ورائه إيران وأتباعها على متابعة التدمير والقضاء على ما تبقى من سوريا أرضاً وشعباً ولأسباب شتى لن ندخل فيها الآن.

ولعل المتابع لمواقفه وحلفائه تجاه ما يجري في الشمال السوري وخاصة الجزء الشرقي منه ومدينة الرقة التي حررتها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي أواخر الشهر المنصرم يلحظ القرار الضمني لهذا النظام و حلفائه في القيام بدور أكثر تهوراً من أدواره السابقة وبدا ذلك واضحا في تصريحات رئيس النظام السوري في يوم الثلاثاء 07.11.2017 بشأن دير الزور و التي قال فيها “إن الحرب السورية لا تنتهي في دير الزور” و أن “جيشه و حلفائه سيوصلون القتال في سوريا بعد دير الزور” وكان قد أدلى في وقت سابق بتصريح حول الرقة بعد تحريرها على يد قوات سوريا الديمقراطية والذي قال فيه “لا نعتبر الرقة محررة إلا بدخول الجيش العربي السوري اليها ..!!” وفي هذا الاتجاه وليس بعيداً عنه هددت إيران وعلى لسان علي أكبر ولايتي مستشار آية الله علي خامنئي قوات سوريا الديمقراطية بقوله إن” قوات النظام ستدخل الرقة”، وتتالت التصريحات النارية من قبل رموز النظام السوري من المستشارة السياسية بثينة شعبان التي وصفت أمريكا بـ “المحتل” وأن “الحكومة السورية ستتعامل معها على هذا الأساس” مروراً بهلال الهلال الأمين القطري المساعد للبعث العربي الحاكم من موسكو والذي هدد ووعد باستمرار قوات النظام السوري الحرب على الأراضي السورية حتى “سيطرته على كامل الأراضي السورية”.

تأتي هذه التصريحات والتهديدات في ظل غياب القراءة الصحيحة من قبل دمشق للمتغيرات الجيوسياسية والعسكرية على الأرض السورية أبرزها قوات سوريا الديمقراطية التي بلغ عدد مقاتليها حسب المصادر الرسمية أكثر من 80 الف مقاتل فضلاً عن امتلاكها أحدث الأسلحة التي قدمتها الولايات المتحدة الامريكية و حلفائها، وتؤكد مصادر متخصصة ومتابعة للشأن العسكري السوري أن هذه القوات أي (قسد) و المُكونة من عدة فصائل عربية- كردية- آشورية- تركمانية وسريانية ” قادرة على رد أي عدوان من قبل النظام، و أنها لن تسمح لأي كان الدخول إلى مناطق سيطرتها و التي باتت تشكل أكثر من 25% من مساحة سوريا.

 ويبدو أن نشوة النظام السوري بالتقدم الأخير لقواته المدعومة من روسيا وإيران وعناصر أجنبية أخرى وضعته في احتيال الواقع الجديد والمتغيرات الجديدة عليه وهي تركيبة عُرف به النظام السوري عبر عقود من سيطرته على الحكم في سوريا نشوة الانتصار الوهمي عبر انتصارات وهمية لقضايا قومية ووطنية مزعومة وممانعته أعداء الأمة العربية المفترضين قد  أنسته-أن التموضع الجديد ونتائج السبعة سنوات قد أفرزت وقائع سورية وإقليمية ودولية جديدة من شأنها تمنع و تقف في وجه نظام بشار الأسد و أوهامهم و ايقاظه على حقيقة انتهاء عهد السلطة و القمع و الأسرة الواحدة .  المواقف الدولية لم تتغير حيال النظام السوري رغم التغيير في أسلوب وآلية التعامل مع الحدث السوري عامة والنظام السوري خاصة هذا التغيير الذي فرضته فشل المعارضة السورية التي قادت الحراك الجماهيري أو الثورة السورية والتي عجزت على تأسيس نفسها كبديل للنظام السوري، ويبدو أن النظام السوري وعبر عقود يحاول القفز على الحقيقة التاريخية والقانون الطبيعي والتي تقر بضرورة انتهاء مرحلة وقدوم أخرى وهذا ما سيسبب الهلاك الأخير له.

 إن المصالح الكبيرة لمراكز القرار الدولي وفي مقدمتها أمريكا وروسيا تأتي في النسق الأول من اهتماماتها العالمية وهذا ما تشير مواقف الدولتين في تعاملهما مع الحدث السوري أولاً والإقليمي ثانياً، حيث الاثنين يقران ولو بشكل ضمني بضرورة انتهاء عهد بشار الأسد واسرته لا بل وحزبه وهذا ما يجبر الاثنتين تجهيز وتحضير البديل السياسي والإداري لسوريا ما بعد بشار الأسد ويبدو وحسب الوقائع الذاتية والموضوعية لقوات سوريا الديمقراطية الذي يقوده سياسياً مجلس سوريا الديمقراطية لِما يمتلك هذا المجلس وقواته من عوامل تمكنه من الاعتماد عليه في الفصول السورية القادمة و هذا ما تجلى في الانتصارات الأخيرة لهذا المجلس و التطور في منحى العلاقة بينه و بين التحالف الدولي.  والتي وصلت إلى التنسيق السياسي في المواقف حيال العديد من الأزمات وخاصة السورية منها أو على الأقل زهور بعض الآراء الامريكية المؤثرة في تحديد موقفها السياسي الواضح من الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال سورية و نظامها الفيدرالي المقترح، فقد كتب مايكل روبين //باحث مقيم في معهد المشروع الأمريكي، ومسؤول سابق في البنتاغون متخصص في شؤون الشرق الأوسط والدبلوماسية// في صحيفة نيوز ويك الأمريكية 22 أكتوبر 2017:”. يجب على الولايات المتحدة أن تضمن اعتبار كردستان السورية (منطقة الإدارة الذاتية في شمال سوريا كما يطلق عليها الأكراد) من قبل جميع الأطراف على أنها “منطقة اتحادية” ضمن سوريا. – وتابع مايكل:” لقد آن الأوان للولايات المتحدة أن توضح موقفها بشأن أكراد سوريا.

لقد كان ذلك أمرا مثيرا للإعجاب”. وتشير مصادر رسمية من النظام الفيدرالي المقترح في الشمال السوري أن “هناك تطوراً جلياً في علاقتنا السياسية مع أمريكا وأروبا وقد تبدو ليس بالمستوى الذي عملنا به والقضاء على الإرهاب وإدارتنا لمناطقنا لكنه موجود ويتطور” وتابع المصدر المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لنا أن” هناك ممثل للخارجية الامريكية متواجد منذ أكثر من سنة في مناطقنا”. إن أمريكا وحسب المعطيات المتوفرة وعلى عكس ما يقال قد تكون بحاجة ماسة إلى هذا الهيكل السوري الأكثر اتزاناً في التعامل مع الحدث والأكثر تنظيماً وقوة وهذا ما يؤكد العديد من المسؤولين الأمريكيين بشكل مباشر أو غير مباشر. – كل ذلك قد يصعب المهمة على بشار الأسد وإيران في افتعال حرب أخرى مع الكرد والمكونات الأخرى وإعادة نظامه إلى تلك المناطق التي ضحى مئات لا بل الالاف من أبنائها لتحريرها من الإرهاب والقمع والظل، و ليس من المستبعد أن يمتد نيران مواقفه إليه قبل الوصول إلى آخرين.

• إعلامي مختص بالشأن السوري

زر الذهاب إلى الأعلى