مقالات

أنا الشاهد

محمد أمين عليكو

ذكرت تقارير لمنظمات حقوقية، إن آلاف المعتقلين في سجون مناطق سيطرة جيش الاحتلال التركي والفصائل الإرهابية، (يتعرضون لمختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، وإن آلاف المعتقلين قضوا في هذه السجون تحت التعذيب الممنهج).

منذ آذار ٢٠١٨ وجرائم القتل والتهديد والاغتصاب والتغيير الديمغرافي مستمرة بوتيرة عالية من قبل القوات التركية وميليشيا الجيش الوطني وبشكل خاص في مدن “رأس العين (سري كاني، عفرين، تل أبيض)”، ووَسْطَ تجاهل دولي تواصل الجماعات السورية المسلحة التنكيل بالسوريين بدعم تركي في المناطق الخاضعة لسيطرتها شمال سوريا التي تحولت لسجن كبير ومصدر تمويل وتفريخ (المرتزقة).

ويذكر مركز توثيق الانتهاكات في تقارير شهرية وأسبوعية مدى وحشية الفصائل، المدعومة من جيش الاحتلال التركي، بحق المواطنين السوريين وخاصة الكرد.

“ارتفع عدد السوريين الذين قتلوا برصاص الجندرمة التركية إلى 561 سورياً، بينهم (103 طفلاً دون سن 18 عاماً، و67 امرأة)، وذلك حتى 30 تموز 2023 وأصيب برصاص الجندرما 3049 شخصاً وهم من الذين يحاولون اجتياز الحدود أو من سكان القرى والبلدات السورية الحدودية أو المزارعين، وأصحاب الأراضي المتاخمة للحدود حيث يتم استهدافهم من قبل الجندرما بالرصاص الحي”.

أما داخل سجون الاحتلال التركي، فهناك جرائم حرب بكل معنى الكلمة، وفي لقاء مع أحد المعتقلين السابقين تحدث عن الوحشية والإرهاب:

“شُقَّ جلدي بأداة حادة وسكب روح الخل والملح على جسدي.

وذكر الشاب إنّ التحقيق معه ومع باقي المعتقلين كان يتم خلال الساعات المتأخرة من الليل بعد أن تُمارَس بحق المعتقل أبشع أنواع التعذيب النفسي والجسدي خلال النهار، منها (التشبيح على البلنكو، وضع إبر تحت الأظافر وقلعها، الصعق بالكهرباء والضرب بالجنازير الحديدية) وكل هذا مع الحرمان من الأكل والشرب طيلة فترة التحقيق، وقال: يتولى ضباط من الاستخبارات التركية (MIT) التحقيق معنا.

وأن تكون عفريني، فأنت في خبر كانَ.

وحال لسانه وعينه ويده وكل تفاصيل جسده الطاهر تصرخ بأعلى صوته …

أنا هو الشاهد العيان:

العفريني عندما كان يُخطف ويُؤتى به إلى سجن فرقة السلطان مراد الإرهابية ــ التابعة للاحتلال التركي ــ بقيادة المدعو “فهيم عيسى التركماني”، كانت أساليب التعذيب المتعددة بانتظاره، أولها جهاز “الــﭘـلنگو” المعروف، ويأتي بعده الضرب المبرِّح على الظهر والرأس وأصابع القدمين واليدين، فقط لأنه عفريني، ويتمتع بضربه وتعذيبه السجانون، طبعاً كل هذه الأمور لم تُستثنَ منها الفتيات والنساء المسنّات، إضافة حالات الاغتصاب…

وأنت داخل إحدى غرف السجن، تسمع أنين وصُراخ العفريني عندما يُعذّب بطريقة وحشية وبإشراف استخبارات الاحتلال التي كانت تتقنّع ــ تضع قناعاً ــ لدرجة كان السجناء كلهم يسمعون ذاك الصياح الخارج من صميم العذاب والقهر…

أتذكر مرات ومرات، عندما كانوا يأتون بالشخص المعذَّب إلى باب السجن ويُلقونه داخله كجثة هامدة ويكون مُغمىً عليه، لنأتي نحن ونرفعه ونواسيه قليلاً، لأرى رؤوس أصابع يديه وقدمية كيف ازرقّت بفعل الضرب بالخرطوم الأخضر المعروف المخصص لتمديدات الصرف الصحي…

بعد شهر أو شهرين أو ثلاثة، تُخيّر استخبارات الاحتلال السجين المعذَّب بين البقاء في السجن أو الخروج مقابل تقديم معلومات عن كل ما يحصل في منطقته كنوع من الابتزاز، ليُصبح المسكين ــ في سبيل خروجه من السجن ــ ودون إرادته، عميلاً، طبعاً هذا إن لم يكن قد ابتزّوا أهله بدفع فدية مالية كبيرة مقابل إطلاق سراحه.

أمثلة كثيرة ومروّعة شاهدتُها داخل السجن، والغاية من نشر هكذا صور هي تحذير أهلنا العفرينيين في الشهباء والشيخ مقصود والأشرفية ومناطق شمال وشرق سوريا، من خطر العودة إلى المدينة خوفاً عليهم من المصير ذاته.

المحتل لا يمكن الوثوق به.

علينا أن ندرك حقيقة الأمر، لا يمكن العيش دون كرامة وفي ظل الاحتلال والمرتزقة، على العكس تماماً، يجب العمل على توعية المجتمع وكشف ممارسات الاحتلال التركي، وأن نكون على أهبة الاستعداد لأجل تحرير جميع الأراضي المحتلة مهما كلّفنا الأمر وتقديم الغالي والنفيس لأجل تحرير الإنسان والطبيعة.

زر الذهاب إلى الأعلى