مقالات

أردوغان يقود تركيا والمنطقة لمصير مجهول. هل حان وقت اسقاطه؟

أمّا ثائرو العمال الكردستاني فهم موجودون في قنديل ليس اليوم وليس الأمس وليس العام الماضي. متابع متواضع لقضايا المنطقة يعلم بأن الحزب موجود فكرياً وفي بعض الأجزاء من كردستان فكرياً وعضوياً منذ عشرات السنين؛ وصولاً إلى أوربا. أحزاب إقليمية تحمل فكراً منغلقاً نمطياً تبدو اليوم عابرة للحدود التي صنعتها صفعة القرن الماضي/ اتفاقية سايكس بيكو على وجه شعوب المنطقة برمتها؛ فكيف لهذا الحزب الذي يطرح لأول مرة فلسفة تحاكي أول ما تحاكيه الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط؛ كما أنها تضع –لأول مرة- طريقاً صالحاً أن يسير عليه كل الشعوب وكل الثقافات وكل المعتقدات من دون تمييز ومن دون استعلاء ومن اضطهاد إنْ على أساس قومي أو ديني أو نصف قومي ونصف ديني.

أمّا مشاكل تركيا الحديثة مع شعوب المنطقة فإنها تعود إلى وقت السلطنة العثمانية. وصفعة القرن الماضي أججتها. والحربين العالميتين الأولى والثانية جعلتها في مناظير أزمات وحروب مستمرة حتى اليوم. ترى هل كان سبب الاجتياح التركي لقبرص (وجود) العمال الكردستاني؟ الأخير الذي تأسس في نهاية العام 1978. والاجتياح الذي حدث في 20 يوليو 1974. كمثال. كغيض من فيض.

تركيا التي تتقدم نحو انتخابات مصيرية بعد أقل من اسبوعين؛ رئاسية وبرلمانية. وهي التي تعاني أسوأ نموذج لأزمة عرفتها تركيا؛ فقط تقترب من أزمتها التي انهارت على إثرها السلطنة العثمانية؛ من بعد تقلصات جغرافية ومتمددات؛ عُرِّفتْ لاحقاً بتركيا. الأزمة التي تعانيها تركيا متعددة: اقتصادية خانقة. وقبلها سياسية. ليست فقط في الشأن الداخلي وفي ظل حالة احكام الطوارئ؛ وإنما بكل المشاكل مع كل الجيران ومع أكثر من ثلاث أرباع العالم. فهي تحتاج لإثارة المهزلة التي تسمى بالأمن القومي في تركيا. وحينما نقول المهزلة/ المسخرة لأن الأمن القومي في بلدان الشرق الأوسط لا يستكين سوى في ضعضعة أمن بلدان الجوار. بالأساس لا يوجد شيء اسمه الأمن القومي للبلدان في الشرق. الذي يوجد هو أمن قومي لنظام عالمي مهيمن؛ تأتي تركيا في أسفله. تركيا اليوم المحكومة من قبل نظام فاشيّ ورئيس أو سلطان عثماني يترنح؛ يرى بأن إثارة مثل هذه القضية تبدو بالكفيلة لامتلاء صناديق الاقتراع. ويبدو أن الحقن الشعبوي وخطاب الكراهية الذي يمارسه تلقى آذاناً في الشارع التركي المحموم. وتوجهه اليوم في شن عدوان على مناطق من إقليم كردستان يأتي ضمن ما يسميه بالحفاظ على ميثاق تركيا الملّي. وهي بالأساس حركة عدوانية لا تنفصل عن أجواء الانتخابات التركية.

فرصة كبيرة بحجم الحرية والأمن والاستقرار

لن تجد الأحزاب الكردستانية ذات العلاقة؛ أفضل من هذا التوقيت المثالي كي يعلنوا فك كل ارتباط عن النظام التركي العدو الأكبر لأي حل ديمقراطي للقضية الكردية، والنحو إلى توحيد الصف الكردستاني وإنجاز المطلب الشرعي في عقد مؤتمر وطني كردستاني يخرج منه أجندة وطنية كردستانية تهدف إلى تحقيق الوحدة الوطنية في المجتمع الكردستاني بما يهدف ويعزز الأمن والسلم في الشرق الأوسط وبخاصة في سوريا والعراق وإيران وتركيا.

لن تجد الشعوب في تركيا وقواها الديمقراطية والوطنية أفضل من هكذا انتخابات لإسقاط مثل هذا النظام الذي يقف بالضد من إرادة شعب تركيا بعموم شعوبها وبالأخص الشعبين التركي والكردي في تركيا.

لن يجد الاتحاد الأوربي أفضل من هكذا فرصة كي تأخذ موقف القطيعة من النظام التركي الذي بات يهدد أمنها واستقرارها، وأن كل عملية تفجير في أوربا من أقصاها إلى أقصاها حدثت في السنوات الأخيرة يعود رأس الخيط إلى دهاليز وأقنية أقبية النظام التركياتي الأسود. وأنها تجد في هذه الفرصة وضع حدٍّ لمسلسل الابتزاز التركي سواء بالمتعلق لملف الهجرة أو توجيه الإرهاب إلى أوربا.

لن تتحيّن للجامعة العربية فرصة مثلى في مثال احتلال تركيا لبعض من مناطق شمال سوريا ومحاولتها اليوم في احتلال مناطق من إقليم كردستان العراق، ومحاولتها اليوم في احتلال كامل الشمال السوري؛ حتى تفك ارتباطاتها مع تركيا إنْ لم نقل ربط تركيا للبلدان العربية والتدخل الصارخ في شؤونها الداخلية.

لن يجد مجلس الأمن الدولي فرصة كمثل هذه الفرصة بأن دولة مارقة تقف بالضد من قوانين الأمم المتحدة وتناهض قرارات مجلس الأمن. وبخاصة أن النظام التركي محتل اليوم احتلالٍ دامغ لمناطق من شمال سوريا وهو موجود بشكل غير شرعي في مناطق من شمال العراق. وهي اليوم في عفرين تنحو تغيير ديموغرافياً خطيراً على شاكلة لواء اسكندرون من بعد احتلالها. وتقوم بأخطر جريمة حرب في تجنيدها للاجئين السوريين وتقحمهم في حربها من بعد تهديدهم بالطرد. كما أن النظام التركي بات في معرض استخدام الاسلحة المحرمة الدولية ليس فقط في عفرين إنما أيضاً في 7 نيسان 2016 في الشيخ مقصود من بعد تسليم جماعاتها بالسلاح المحظور دولياً.

حان الوقت لإسقاط الطاغية. بالفعل حان الوقت. وإلّا فإن بقائه يعني مضي المنطقة إلى مصير مجهول.

زر الذهاب إلى الأعلى