مقالات

مرحلة مهمة

محمد أمين

إن الإرادة القوية الحرة والمقاومة العظيمة لأبناء شمال وشرق سوريا، ورفع وتيرة المقاومة والعمل بروح المسؤولية العالية “التنظيمي والسياسي والدبلوماسي داخلياً وخارجياً كقوة مجتمعية وأحزاب ومؤسسات” لمواجهة كل التحديات والتهديدات والمخططات التي تحاك في دوائر الاستخبارات بهدف ضرب النسيج الاجتماعي وتغيير التركيبة السكانية في المناطق التي تحتلها تركيا ومرتزقتها الإرهابيين، يتطلب العمل لكشف المخططات والمشاريع الاستيطانية في “عفرين، تل أبيض وسري كانية” وباقي مناطق التي تحتلها تركيا.

إن المرحلة الراهنة التي تعيشها مناطق شمال وشرق سوريا، وعموم سوريا، هي مرحلة هامة وحساسة جداً، فبعد معركة سجن الحسكة وإعادة احياء تنظيم داعش الإرهابي وفشل المخطط المرسوم وهزيمة داعش تحت أقدام أبناء الجزيرة، بدأ حزب العدالة والتنمية وبالتعاون مع حزب الديمقراطي الكردستاني، بتنفيذ مشروعهم القذر “توطين أكثر من مليون لاجئ سوري حسب ادعاء المجرم أردوغان” الذي يستغل انشغال العالم بالحرب الروسية الأوكرانية، ويعمل على عقد صفقات جديدة على حساب دماء شعوب المنطقة، وهذا ما أكده قائد قوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم عبدي ” إن هدف الاحتلال التركي خلال هجماته على شمال وشرق سوريا ليس القضاء على قوات سوريا الديمقراطية التي يصفها الاحتلال بالجماعات الإرهابية فحسب، بل لها غايات عديدة وهي احتلال مناطق أخرى من شمال وشرق سوريا وإحداث تغيير ديمغرافي في المنطقة وتحريف تاريخها وإبادة أهلها، وعلى روسيا وأميركا أن يلعبا دورهما وأن يظهرا موقفاً واضحاً في وجه السياسات التركية الاحتلالية “.

لم يعد خافياً هذه السياسات العدوانية على المجتمع الدولي، هذا المخطط يتضمن احتلال مناطق شرق الفرات، وبناء مدينتين بين كوباني ورأس العين (سري كانيه) لتكونا منطقة بداية انتشار مدن تابعة لتركيا في عام 2015 وفشل المشروع لأنه كان هناك رفض دولي للمشروع آنذاك، ولكن هناك ازدواجية في المعايير لدى المجتمع الدولي في مجال حماية حقوق الانسان وتجاه الجرائم التي ترتكب بحق سكان عفرين، وأردوغان يحضر لتوطين مليون سوري في شمال سوريا، فإن الجامعة العربية تتحدث عن المستوطنات في اسرائيل، لكنها تلتزم الصمت إزاء دعم دول عربية لبناء تركيا مستوطناتٍ في عفرين عبر شخصيات و جمعيات قطرية كويتية فلسطينية. في الوقت الذي من المفروض فتح المجال لكل السوريين النازحين واللاجئين للعودة الى مناطقهم الأصلية دون التعرض للإرهاب المنظم التي تمارسه الدولة التركية بشكل مباشر أو عبر أدواتها الإرهابية من فصائل تعمل حسب توجيهات وتعليمات الاستخبارات التركية.

الحقيقة التي يجب أن يدركها الجميع هي أن قضية الشعب الكردي لم تعد كما يصفها الأنظمة الديكتاتورية بأنها قضية تتداول بين الافرع الأمنية، بل أصبحت اليوم يتداولها العالم في هذه المرحلة، لذلك، على الأمم المتحدة ومجلس الأمن وجامعة الدول العربية وجميع القوى الديمقراطية أن تدرك بأن الاستمرار بسياسة حرب الإبادة والإنكار هي سياسة أثبتت فشلها ونتائجها كارثية على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي وأن الأنظمة الديكتاتورية والسلطوية في حربها وصراعها ضد الشعب الكردي والقوى الديمقراطية هي مسألة وجود أو لا وجود، وهذه سياسة خاطئة لن تخدم أي طرف وستكون لها تداعيات خطيرة جداً والذهاب نحو حربٍ وصراعٍ عنيف طويل الأمد.

إن المشروع الديمقراطي الذي نؤمن به إلى جانب بقية المكونات والقوى الديمقراطية والعمل من أجل الحوار والسلام والحفاظ على خط الثورة الديمقراطية “الخط الثالث” الذي  قدم من أجله شعبنا الكثير من الشهداء والتضحيات، لأجل تحقيق آمال الشعب في الحرية والمساواة، لا يمكن أن يتراجع عن أهدافه المشروعة والطبيعية، لذلك أي مشروع حل سياسي من دون الكرد وبقية المكونات السورية ومؤسسات المجتمع المدني وأحزاب وتيارات تؤمن بالديمقراطية وبالتعددية، من المستحيل أن يتحقق، دون أن تمثل تطلعات المكونات والأطياف والقوى الحقيقة على الأرض، نعم لقد أكدت قيادات شمال وشرق سوريا أكثر من مرة أن أبواب الحوار مفتوحة مع جميع القوى التي تؤمن بحق العيش والمواطنة وقبول إرادة الشعوب في العيش بالحرية والديمقراطية والدفاع عن الأرض والشعب دون تمييز بين مكون او قومية، ونموذج الإدارة الذاتية الديمقراطية هو  النموذج والإطار المناسب للحل السياسي في سوريا،  لكن يتطلب من القوى السياسية بذل مزيدٍ من العمل و الجهد لتطوير هذا المشروع الديمقراطي وإمكانية توسعه ليشمل بقية الأراضي السورية والعمل على تحرير كامل الأرضي المحتلة والوقوف بكافة الوسائل أمام مخططات أردوغان في المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى