مانشيتمقالات

حقيقة المقاومة

أحمد بدوي ــ

إن حقيقة البطولة والمقاومة هي، قبل كل شيء، تاريخ إعادة خلق الشعب لنفسه، وهذه اللحظات التاريخية موجودة لدى معظم شعوب العالم.

فعندما يخرج هنا شعب ما حديثاً الى مسرح التاريخ ويمتلك رُواداً يقودونه إلى هدف، أو عندما يكون شعب ما مُعرَّض لخطر الفناء، وينتفض أشخاص يرفضون العبودية ويحاربونها ويقودون هذا الشعب إلى درب الحرية؛ بالتأكيد تكون تلك لحظات تاريخية وبطولة تاريخية.

تعرَّضَ تراب كردستان بشكل عام على مدار مئتي عام الماضية وعلى وجه الخصوص في القرن العشرين لمصيدة الإبادة الثقافية؛ حيث يعيش الشعب الكردي وجغرافية كردستان هذه الإبادة الثقافية بشكل يومي، ومن بعض المآسي والأحداث المؤلمة التي عاشها الشعب الكردي في شهر آذار؛ كان إعدام “قاضي محمد، اتفاقية الجزائر بين إيران والعراق، مجزرة حلبجة، حملة ومذابح الأنفال، هجمات ومذابح قامشلو وعفرين”.

فمن جهة يُعد آذار شهر المآسي والمذابح بالنسبة للشعب الكردي، ومن جهة أخرى يُعد آذار “شهر الربيع وشهر المقاومة والبقاء على قيد الحياة والانبعاث من جديد”.

هذه المقاومة التي بدأت بأعواد الكبريت الثلاثة التي أوقدها الشهيد القيادي “مظلوم دوغان” في سجن آمد (ديار بكر) ووصلت إلى ذروتها في ٢١ آذار ١٩٨٢ مضحياً بجسده احتفالاً بعيد النوروز وصولاً إلى قمم جبال كابار التي احتضنت استشهاد الرفيق القيادي “معصوم قورقماز” (عكيد) في ٢٨ آذار ١٩٨٦ ليعلن تجذر نهج المقاومة والنضال من أجل الحرية.

إن مقاتلي الكريلا، السائرون على نهج المناضل القيادي معصوم قورقماز (عكيد) من أجل حرية كردستان والمؤكدين على السير قُدُماً في وتيرة تصاعدية نحو تحقيق أهداف المقاومة والحرية، ناضلوا وحاربوا ببسالة خلال أسبوع البطولة من ٢١الى ٢٨ آذار.

وكما نعلم جيداً أن (زكية، وبيرفان، وروهشان، وروناهي،

وسما) قد أشعلن النار بأجسادهن الطاهرة في مواجهة الفاشية وسياسة التطهير العرقي والإبادة الثقافية، وبذلك وجَّهنَ رسالة واضحة للمستبد بأن الشعب الكردي لن يخضع للظلم والاضطهاد.

لذلك، وكما أن آذار هو الشهر الذي عانى فيه الشعب الكردي أقسى أنواع الظلم والاضطهاد إلا انه في نفس الوقت هو الشهر الذي تجلت فيه الارادة الصلبة والمقاومة ضد هذا الظلم بأسمى صورها لترسم لنا صورة تكامل المقاومة مع بداية الربيع.

لرفاقنا القياديين “مظلوم دوغان ومعصوم قورقماز” مكانة مميزة خاصة في تاريخ النضال التحرري الكردستاني استطاع هذا النضال إحداث انطلاقات جديدة في مسيرة الحرية، وأصبح قدوة ومثالاً للإنسان الحر الجديد في أصعب الأوقات التي كان الاتصال مقطوعاً فيها بين مظلوم دوغان والحزب كذلك الرفاق المقاومين في سجن آمد (ديار بكر)، أظهر موقفاً مثالياً رائعاً ضد وحشية الدولة التركية التي لا يتحملها العقل البشري؛ ففي ظل شح الامكانات استطاع الرفاق الاحتفال بعيد النوروز بإشعال ثلاثة أعواد من الكبريت وقام بعمليته التي توجت بشهادته على طريق النضال من أجل الحرية، ورسم بذلك طريق المقاومة لجميع رفاقه المقاومين في سجون الفاشية التركية.

ومقاومة السجون في شخص مظلوم دوغان تُعد ميلاد في تاريخ نضالنا التحرري حيث أظهر بعمليته هذه درب المقاومة للمناضلين المعتقلين في سجون الفاشية في ديار بكر

كما سحب الورقة من يد العدو وأعطاهم رسالة واضحة بأنهم يعشقون الشهادة ولا يخافون الموت من أجل الحرية.

فقد انتفضت السجون على إثرها تحت شعار (المقاومة حياة)

هذا الشعار الذي يعبر عن روح المقاومة والإرادة الفولاذية في وجه الأعداء، وأصبح هذا الشعار مشعلا ينير جميع أنحاء كردستان.

إن إحياء ذكرى الرفيق “عكيد” وكفاحه يعني أن نستذكر أحد الأبطال البارزين في تاريخ نضالنا التحرري والوطني والاجتماعي والديمقراطي من أجل الحرية الوطنية والاجتماعية والديمقراطية، وفهم هذه الملحمة يعني إدراك وفهم ذلك المناضل الذي جمع آمال وطموحات شعبه نحو الحرية في شخصه ووحدها مع كينونته ووجوده، لذلك استذكار القيادي المناضل “عكيد” يعني دائماً استذكار المناضل العاشق لشعبة والسائر في طليعة النضال على درب الحرية، ويعني أن نتذكر رائد الشعب بحيث سيكون على الدوام رمزا للبطولة في تاريخ نضالنا التحرري الوطني،

واليوم عندما يتعلق الأمر بمناضلي حزب العمال الكردستاني (PKK) فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو ذلك المناضل الذي يخلق الإمكانات في أصعب الظروف وفي ظل شح الامكانات.

إذاً هو ذلك المناضل الذي لا يعرف المستحيل وهو بجوهره يكون الأساس للروح التحررية؛ هذه الروح التي غرستها مقاومة مظلوم دوغان ومعصوم قورقماز في حزب العمال الكردستاني وفي روح مقاتلي الحرية والمقاومة، هذه هي كيمياء الحرية التي نتجت عن تدفق روح المقاومة المناضلة في شخصية كلٍ من “مظلوم ومعصوم” على نهج الحرية،

وما هو مهم الآن هو الموقف التحرري في مواجهة أشد الهجمات التي شنتها الفاشية ومدى الالتفاف حول نهج المقاومة بحسب المكان والزمان الجديدين،

وهنا، تكون الأسئلة الأكثر مثولاً أمامنا في هذه المرحلة الجديدة؛ ما هي الواجبات الملقاة على عاتقنا؟ وما هو النهج الذي يجب أن نتبعه؟ وكيف نوثق ارتباطنا بنهج الحرية؟

وعلى هذا الأساس نناشد شعبنا وشعوب تركيا والشرق الاوسط وكل التواقين إلى الديمقراطية؛

ندعوهم إلى محاربة الفاشية التي تضع مرض الاستعباد في خدمتها

وندعوهم إلى الالتزام بروح (ماهر جايان ورفاقه) شهداء أخوة الشعوب، (غزل درة)، وصولاً إلى روح المقاومة والبطولة في أسبوع البطولة الممتد من “مظلوم دوغان إلى معصوم قورقماز” ونرفع صرختنا عالياً ونصعد من نضالنا على درب شهداء الحرية وأخوة الشعوب، وندعو معاً إلى هزيمة الفاشية وكسر العزلة عن القائد أوجلان وتحقيق الحرية الجسدية له، والوصول معاً إلى الحرية والديمقراطية.

زر الذهاب إلى الأعلى