مقالات

بعد المخالب.. جاء القفل…

دجوار أحمد آغا

المتابع للقضية الكردية يعلم جيداً أن المعارض الرئيسي لأي كيان كردي في أي جزء من كردستان أو أي بقعة من العالم هي تركيا. فهي لا تكتفي بقمع واضطهاد الكرد في الجزء المحتل من طرفها والذي يُعتبر الجزء الأكبر من حيث المساحة والسكان والثورات التي قامت ضد الاحتلال، بل تتجاوز ذلك برفض أي توافق كردي مع الأنظمة الأخرى التي تستعمر الأجزاء الأخرى من كردستان سواء بالاحتلال كإيران التي تحتل ثاني أكبر أجزاء الوطن المقسم أو كلا من العراق وسوريا التي تم إلحاق جزئيين من كردستان بهما من جانب الانتداب البريطاني فيما يخص العراق والفرنسي فيما يخص سوريا. هذا الأمر بدى واضحاً في الآونة الأخيرة خاصة مع ظهور ثورة حزب العمال الكردستاني الذي قام بإعادة إحياء آمال وطموحات الكرد بالحصول على حقوقهم المشروعة إسوة ببقية شعوب وأمم العالم. قامت تركيا بعقد اتفاقات أمنية مع بغداد وطهران ودمشق تسمح لها بالدخول إلى أراضيها لمطاردة الإرهابيين وهي تقصد بذلك (مقاتلو حزب العمال الكردستاني).

منذ العام 1983 أي قبل حملة حزب العمال الكردستاني العسكرية في 15 آب 1984 والنظام التركي يسعى ويعمل لعقد اتفاقيات أمنية مع الأنظمة الحاكمة في البلدان المحتلة والمستعمرة لكردستان ورغم أن هذه الاتفاقيات في معظمها تصب في خانة مصالح النظام التركي دوناً عن الطرف الآخر سواء الإيراني، العراقي أم السوري مؤخراً وفق اتفاقية أضنة 1998 إلا أن هذه الأنظمة لم تكلف نفسها الرد على التوغلات التي تقوم بها القوات العسكرية التركية سواء الجوية أو البرية وعلى وجه الخصوص في العراق.

حتى الإقليم الكردي (إقليم كردستان – العراق) الذي تم تشكيله بعد إسقاط نظام صدام حسين في مناطق جنوب كردستان لم يكتفي بعدم الاعتراض واستنكار هذه التوغلات والحملات العسكرية ضد أراضيه لا بل سمح لهذه القوات بإنشاء أكثر من 40 قاعدة عسكرية فوق أراضيه ومنها يتم القيام بعمليات عسكرية داخل الأراضي العراقية, حتى الأمر تجاوز ذلك وشاركت قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني مع الجيش التركي في القتال ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني المتمركزين في مناطق جنوب كردستان في جبال قنديل وفق اتفاقية صادق عليها البرلمان العراقي وبرلمان الإقليم نفسه.

الجيش التركي قام بالعديد من الحملات العسكرية الكبرى بهدف القضاء على حزب العمال الكردستاني سواء داخل تركيا أو خارجها وعلى وجه الخصوص في المناطق الجبلية الوعرة في الإقليم في جنوب كردستان منذ تسعينيات القرن الماضي وتحت مسميات عديد منها الفولاذ 1995 والمطرقة 1997 والشمس 2008 وبعدها تحولت إلى المخالب حيث أطلقت على عملياتها تسمية مخلب النسر ومخلب النمر في العام 2021 والآن منذ ليلة 17 نيسان 2022 وهي تقوم بعملية أطلقت عليها اسم “قفل المخلب”.

لا الفولاذ ولا المطرقة ولا الشمس استطاعوا أن ينهوا حزب العمال الكردستاني لسبب بسيط وهو أن هذا الحزب يمثل قضية شعب ومقاتليه هم أبناء هذا الشعب ويدافعون عن أنفسهم.

في الأيام الأولى لهذه الحملة استطاع المقاتلون الكرد توجيه ضربات قوية للقوات الغازية حيث سقط أكثر من 40 قتيلاً وعشرات الجرحى إضافة إلى اسقاط بعض المسيرات التركية واعطاب واسقاط طائرة هليكوبتر.

اللافت في هذه العملية هو الصراحة والوضوح في كلام وزارة الدفاع التركية التي صرحت وبشكل رسمي بأنها تقوم بهذه العملية بالتنسيق مع “أصدقائنا وحلفائنا في شمال العراق” لا بل ذهب خلوصي آكار وزير الدفاع التركي إلى أبعد من ذلك حين قال: ” اعتبارًا من هذه الليلة، بدأت قواتنا المسلحة البطلة عملية مخلب القفل ضد الأهداف الإرهابية بغية منع الهجمات الإرهابية على شعبنا وقوات أمننا من شمالي العراق، وضمان أمن حدودنا”. علماً بأن عمليات التوغل هذه لم تلاقي أيّ شجب أو إدانة أو استنكار من جانب النظام الحاكم في بغداد ولا حتى من جانب المجتمع الدولي مما يؤكد على تواطؤها مع النظام القمعي التركي.

أعتقد جازماً ومن وجهة نظري المتواضعة أن هذه العملية ستكون القفل لبقية العمليات السابقة وستكون الخسائر التركية مضاعفة أكثر بالنسبة للمرات السابقة خاصة في ظل امتلاك المقاتلين الكرد لأسلحة حربية متطورة نسبياً قياساً مع الأسلحة السابقة التي كانت بحوزتهم.

زر الذهاب إلى الأعلى