مقالات

ومازلنا ننتظر (اجتثاث) الفساد و…

مصطفى عبدو

بعد التحولات الكبيرة في الوعي المجتمعي وانفتاح شعوب العالم على بعضها وكسر حواجز الخوف لدى الجماهير بدأ المواطن المتعطش للتغيير يتطلع إلى تطبيق القوانين على الجميع واحتكام الجميع لشريعة القانون الذي يكفل للجميع حقوقهم وكرامتهم وأمنهم كما يتمنى المواطن أن يستظل تحت مظلة نظام مؤسسات لا أنظمة شخصية تُدار من قبل بعض المتنفذين الذين يثبتون أركان سلطتهم من خلال المال السياسي المستحصل من ثروات الشعب العامة.

نعم, أصبحت الفجوة كبيرة بين المسؤول والمواطن في عموم الشرق الأوسط وفي منطقتنا خصوصاً لدرجة أنه لم يعد بالإمكان ردم هذه الفجوة إلا بمعالجة أسباب التخبط والفساد المستشري والتعجيل بالخطوات العملية والاستعانة بالخبرات وبكوادر وطنية علمية وأكاديمية متخصصة، فالحالة الديمقراطية الحقيقية التي ينتظرها ويتطلع إليها الشعوب لا يمكن أن تتضح معالمها ما لم يلمس الجماهير تغييراً إيجابياً في تفاصيل حياتها اليومية سواء كان ذلك على مستوى الأمن والتعليم وسيادة القانون والاقتصاد والإعمار أو الخدمات الإنسانية والاجتماعية المختلفة الأخرى والقضاء على مفاصل الفساد وأدواته ومحاسبة المفسدين مهما كانت عناوينهم وتوفير المناخ المناسب للتنمية وعدم الاستخفاف بعامل الزمن الذي يجـب استثماره بجدية لإنقاذ الشعوب من كل ما لحق بها على مدى السنوات الماضية.

المرحلة الحالية تتطلب تمام اليقظة والوعي، ونؤكد دوماً على ضرورة أن تستجيب المرحلة المقبلة لطبيعة المجتمع، وأن كل نجاح مُنتظر يتطلب العمل على تمهيد أرضية ديمقراطية شفافة بغية بناء مؤسسات تكرس وتنجز مهام التحول إلى الديمقراطية والحرية وتعيد الحقوق للشعوب والمكونات.

نذكر هنا بأنه من أهم الأسباب التي تؤدي إلى احتقان الجماهير وانتفاضهم تتمثل أساساً في غياب الديمقراطية والشفافية، وكان هذا عنوان أنظمة المنطقة التي كرَّست سياسة التغييب والإقصاء، والثورات الحقيقية (الوطنية) لا تتخذ إلا عنوان الحقوق السياسية والاجتماعية، ولا تُرفع فيها أي شعارات أيديولوجية سواء كانت إسلامية أو علمانية أو غيرها، وبناءً على ذلك فشعوب المنطقة كسرت كل حواجز الخوف والصمت، وبنسمة الديمقراطية التي تنفستها أوصلتها إلى مرحلة إدراك ووعي بمطالبها وبأن التنمية الاجتماعية والحقوق السياسية أمرٌ لا بد أن يجد طريقه إليها من دون أي تأخير.

ربطاً بحديثنا, وبما أن الطريق طويل أمام الجميع يتوجب على الكل تحمل مسؤوليته، كما يتوجب على الأطراف السياسية عموماً الإسراع بالتخلي عن صراعاتها والاتفاق حول المصلحة الوطنية؛ فالشعوب استطاعت أن توجه مسار حراكها نحو أهدافها لكن بالمقابل لا أحد يستطيع التكهن بما سنواجهه في المرحلة المقبلة.

وسنبقى منتظرين (اجتثاث) الفساد, ومنتظرين الاتفاق على كلمة واحدة, وسنبقى متفائلين بالمستقبل, لأن المستقبل للشعوب وهي من تصنع مستقبلها..

زر الذهاب إلى الأعلى