مقالات

نقاط المراقبة الأمريكية للفصل بين الأتراك والكرد شمال سوريا الدلالات والنتائج

خسرو گلي

عزمت الولايات المتحدة الأمريكية أخيراً اليوم 12/12 /2018 وعلى لسان قادتها العسكريين على تنفيذ قرارها بنصب نقاط مراقبة على الحدود بين تركيا وشمال شرق سوريا كإجراء لمنع المواجهة العسكرية بين الجيش التركي ومقاتلي قوات سوريا الديمقراطية المتحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية وقوات التحالف الدولي،رغم امتعاض الأتراك من هذا القرار، ومن إصرار إدارة واشنطن على عدم تخليها عن دعم وحدات حماية الشعب الكردية التي اضطلعت مع المقاتلات الجوية الأمريكية ولا تزال بمحاربة تنظيم داعش ومجاميعه في سوريا .

لهذا القرار دلالات سياسية بعيدة ونتائج في غاية الأهمية لمستقبل سوريا ومسار الأحداث للمرحلة المقبلة في المنطقة ، ومن أهمها :

ـ إصرار الأمريكان على ما تقتضيه مصالحهم الدولية في التمسك بالكرد وقيام إدارة ديمقراطية كاملة الأركان شمال سوريا لتشكل واقعاً قوياً وفعالاًعلى الأرض يدفع بإرادة الشعوب السورية إلى فرض الحل الديمقراطي لسوريا الجديدة المرتقبة .

ـ نفاذ صبر الأمريكان من ممارسات الأتراك في الشأن السوري،ما حدا بهم إلى إتخاذ إجراء عملي يغلق الطريق أمام حجة الأتراك بأنهم يعملون على التصدى لسد الممرات الإرهابية الكردية التي تهدد أمنهم القومي كذريعة لقضائهم على الكرد واحتلالهم المزيد من الأراضي السورية، كما أن هذا القرار يلوح باستعداد الأمريكان السياسي والعسكري لمواجهة أي رد فعل تركي ـ طائشاً كان أم ذكياً ـ لأن تبعات هذا القرار سوف لن تقتصر طبعاً على نصب مخافر للمراقبة، بل يترتب عليه تعزيز قوات حربية كاملة للرد على أي خرق، وفي هذا فإن الجهة المعنية لها هم الأتراك حيث لا حقيقة من وجود مخاوف من طرف المقاتلين الكردالسوريين .

ـ دون شك أن هذا الإجراء جاء حصيلة تفاهمات دولية مبطنة بعد هشاشة المشروع التركي ـ الروسي في إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب وتفاقم الخلافات وسط فرق الدواعش المدعومين من قبل حكومة أنقرة التي بدت مخططاتها في سوريا تدنو إلى التدهور الكامل .

ـ الدعوة إلى خروج القوات الإيرانية والتركية من الأراضي السورية ستشهد لاحقاً تصعيداً “ أمريكياً ” واجماعاً ” دولياً أوسع .

ـ المزيد من رسوخ الوضع الكردي في المنطقة  خاصةً في الإقليم الغربي والجنوبي من كوردستان موطن الكرد ، كما أن الوقائع تشير إلى إمكانية قيام الأمل في وحدة الصف الوطني الكردي تحت المظلة الدولية وتذليل الخلافات بين الفصائل السياسية الكردية .

ـ هذا الحدث سيساهم بشكل أو باخر على بعث الطمأنينة لدى الكرد كافة بعدم تكرار الخطأ الفادح الذي وقع فيه الأمريكان والأوروبين حينما تنصلوا من كرد سوريا وسمحوا للقوات العسكرية التركية ومرتزقتها من الدواعش والجيش الحر من إحتلال مقاطعة عفرين الكردستانية.

القرار و معطيات الواقع الشمالي السوري تحمل في طياتها هذه المعاني والتوقعات، ولكي تتضح لنا الصورة ونشهد تفاصيلها علينا إلانتظار لنرى هذه الأيام ما ستكون عليها الأوضاع في اوروبا وما سيتمخض من دور حكومة ماكرون في احتواء الاحتجاجات الداخلية الفرنسية، وقرار جلسة حزب المحافظين البريطاني الداعي إلى سحب الثقة من رئيسة الحكومة تيريز مايبسبب توجهاتها  في مفاوضات خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي، إلى جانب ما سيولد بعد الهدوء الذي يسود العلاقات الروسية الأمريكية منذ أسابيع، وعلائم عودة التحسن في بعض خلافات الإتحاد الأوروبي مع مواقف أمريكا لاسيما في الشرق الأوسط، لأن كل هذه المحاور والحيثيات الجارية على الساحة الدولية ستصوغ سوياً الخط العريض لمستقبل النظام العالمي التي تشكل فيه قضية الكرد إحدى أهم مفاصله .

   

زر الذهاب إلى الأعلى