مقالات

مصداقية مجلس الأمن “عفرين والغوطة نموذجاً”

شيخموس أحمد – تفصل إقليم عفرين عن الغوطة الشرقية في ضواحي دمشق مسافة مئات الكيلومترات وتختلف عن بعضها من الناحية الطبيعية والجغرافية والثقافية والسياسية.

عفرين ومنذ انطلاقة الثورة السورية في 2011 وحتى يومنا الراهن استطاعت الحفاظ على هويتها الكردية والسورية وأبت أن تكون مركزاً للتدخلات والتجاذبات الخارجية وأجندات الدول الإقليمية، وخاصة الدولة التركية المعادية لعموم الشعب السوري.

منذ البدايات اعتمدت عفرين مبدأ الدفاع المشروع منذ انطلاقة ثورة 19 تموز 2012. ومثلت جوهر الثورة الاجتماعية والثقافية والسياسية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، حيث فتحت أبوابها لإيواء مختلف مكونات الشعب السوري الهاربين من بطش الإرهاب في عموم المناطق السورية الأخرى.

رغم الحصار المفروض من قبل الحكومة التركية ومرتزقتها، إلا إن عفرين صمدت وقاومت وأصبحت مثالاً يحتذى بها في باقي المناطق السورية. وأسست نظاماً ديمقراطياً على مبدأ الأمة الديمقراطية والتعايش المشترك.

 وبالعودة إلى القاسم المشترك بين عفرين والغوطة الشرقية هو أنهما أصبحتا ضحية مخططات ومؤامرات الحكومة الروسية والتركية.

فبالتوازي مع معارك الغوطة قامت الدولة التركية الفاشية بمهاجمة مناطق عفرين منذ 20/1/2018 ولا تزال تركيا مستمرة بهذه الممارسات اللاأخلاقية بكل قوتها وهمجيتها وبدعم وتأييد مباشر من الدولة الروسية واستقطبت جميع الفصائل الإرهابية ابتداءً من جبهة النصرة وداعش وانتهاءً بتنظيم القاعدة الإرهابي وكل ذلك يجري أمام أنظار المجتمع الدولي الذي لم يحرك ساكناَ إزاء هذه الاعتداءات والتجاوزات التي تعتبر خرقاَ واضحاً للمواثيق والأعراف الدولية.

نعم، الجيش التركي ومرتزقته يمارسون المجازر اليومية بحق المدنيين العزل ويسعون إلى تدمير البنى التحتية وتدمير المناطق الأثرية في عفرين ومحيطها؛ فبالرغم من مطالبة فرنسا لمجلس الأمن بعقد جلسة طارئة إلا إن رغبتها تلك باءت بالفشل إزاء الصمت الدولي.

وخلال جلسة مجلس الأمن الدولي لاحقاً، قدمت كل من دولتي الكويت والسويد مشروعاَ يقضي بوقف الأعمال العسكرية لمدة (30) يوماَ تشمل جميع الأراضي السورية، وبناء عليه أصدر المجتمعون القرار رقم /2401/ وضرورة التزام جميع الأطراف بالقرار الصادر من مجلس الأمن.

من جانبها أصدرت قوات سوريا الديمقراطية بياناَ أعلنت فيه التزامها بالقرار، إلا أن الحكومة التركية والروسية وكما معهود منهما دوماً لم تلتزمان بهذا القرار وحتى بغيرها من القرارات الدولية.

فهذا الصمت الدولي وعدم تطبيق قرارات مجلس الأمن لا يدل على شيء سوى على عدم مصداقية مجلس الأمن الدولي.

إزاء هذا الصمت الدولي الرهيب وخاصة صمت التحالف الدولي ” شركائنا في محاربة الإرهاب” وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية.

قررت فصائل من قوات سوريا الديمقراطية الانسحاب من ريف دير الزور الشرقي والتوجه إلى منطقة عفرين وترك جبهات تلك المناطق والتي كانت تنطلق منها مقاتلو داعش ويتوجهون إلى الدول الأوربية ويقومون بأعمال إرهابية.

إن قرار الانسحاب هذا يأتي من مبدأ الدفاع المشروع ومن واجب هذه القوات الدفاع عن المكتسبات وعن الشعب أينما وجد، وهذا القرار بمثابة رسالة إلى المجتمع الدولي وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بأن لا يكيلوا الكيل بمكيالين.

وليعلم المجتمع الدولي بأن من أنتجت ودعمت واستقطبت الإرهاب العالمي هي الحكومة التركية وهي الراعية الحقيقية للإرهاب. أمَا آن الأوان للجم الأتراك عند حدهم وردعهم عن تعنتهم وكبح جماحهم وغرورهم اللامعقول.

زر الذهاب إلى الأعلى