مقالات

محاولات تمرير السياسات المعادية من خلال الإقليم الكردي

بقدر ما يُعتبر إقليم جنوب كردستان  مكسباً كردياً مهماً والوضع الكردي الوحيد المعترف به دستورياً المتمثل بفيدرالية إقليم كردستان العراق، وتوجه الأنظار إليه كمركز سياسي كردي تجتمع فيه كافة القوى السياسية الكردية من الأجزاء الثلاثة الأخرى  بشكل أو بآخر، إلّا أنه بنفس الوقت يُعتبر مركزاً لتمرير السياسات المعادية على الشعب الكردي عموماً وأداة يتم استخدامها، من الناحية السياسية، حيث يتم استخدام أغلب الإمكانيات المتاحة في الإقليم لخدمة سياسات الدول المعادية للكُرد بشكل خاص، في ظل الذهنية القومية الكردية واستخدام الشعارات والرموز القومية ومقدسات الدولة القومية لتحقيق الأهداف والأجندات للتأثير المباشر على الأجزاء الثلاثة الأخرى والشعب في اقليم كردستان نفسه أيضاً، كما أن أغلب تلك السياسات  وخاصة لتركيا تُمرَّر على جهة معينة يبدو أن تلك الجهة لم تَعُد تستطيع تحمُّل الأعباء الثقيلة في ظل التطورات والمكتسبات الجديدة ووعي الكُرد في الأجزاء الأربعة، فتعمل تركيا على خلق شركاء آخرين لتحقيق أهدافها وتمرير سياساتها، فبعد أن فشلت في العراق لاستخدامها كحليف ضد الكرد، تعمل بكل جهودها لتوسيع نفوذها في الاقليم للاستمرار في السياسات المعادية للكرد اعتماداً على شركائها التقليديين وخاصة بعد انتخابات مجلس النواب العراقي وبرلمان كردستان وخلال مرحلتي تشكيل حكومتي العراق والإقليم، فلابد من تقوية حلفائها لإحكام السيطرة والتأثير على عموم كردستان كمهمة رئيسية بالهيمنة على البرلمان والحكومة أو الاستنجاد ببعض الأطراف الأخرى التي يمكن أن تنضم إليهم، ففي الوقت الذي لابد للكرد من الوحدة والتقارب في مرحلة إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط والحرب والفوضى العارمة في المنطقة والسياسات الفاشلة للدول الإقليمية المعادية للكُرد وعلى رأسها إيران وتركيا وإفلاسهما، حيث استطاع الكرد أن يحققوا العديد من المكتسبات في الأجزاء الاربعة ليكون الكرد عامل التوازن في سياسة الشرق الأوسط وقوة لا يمكن تجاهلها أو إقصاؤها ولا يمكن تحقيق أي حل سياسي أو تمرير أي مشروع دون الكرد كما أن الكرد أنفسهم باتوا يملكون مشروعاً ديمقراطياً ونموذجاً لحل قضايا الشرق الأوسط.

في وقت لابد من مواجهة القواعد العسكرية والسياسات التركية في الإقليم وتهديداتها على روج آفا وشمال شرق سوريا وفضح ممارساتها في تركيا وباكور كردستان، تتوجه حكومة الإقليم إلى إغلاق مكاتب الأحزاب السياسية الكردية، تخفيفاً للضغط وتلبية للرغبات التركية في خطوة تبدو غير متوازنة؛ إذ  كيف لحزب سياسي كردي أن يكون مرخصاً في العراق وممنوع من العمل والحصول على الترخيص في إقليم كردستان، توجد لهم مكاتب في السليمانية ولا توجد في هولير، يمكنهم المشاركة في الانتخابات العراقية ولهم نائبة في مجلس النواب العراقي ولا يسمح لهم بالمشاركة في انتخابات برلمان اقليم كردستان، بالتأكيد هذا يتم تحت الضغط التركي فكيف يمكن لكردي معارض لتركيا أن يكون برلمانياً في إقليم كردستان كما أن حكومة الإقليم منعت سابقاً رئيس البرلمان من الحضورومواقفهم تجاه روج آفا خلال السنوات الماضية وغيرها من الشواهد.

كما أن الضغط التركي يهدف إلى خلق المواجهة بين الأطراف الكردستانية وبشكل خاص الأحزاب الكردستانية التي تتبع نهج الأمة الديمقراطية وبراديغما الحضارة الديمقراطية فيما بينها من جهة وبينها والقوى الكردستانية عموماً من جهة أخرى، ويخرج القنصل التركي ليطلب من الحكومة أن تسمي القوى والأحزاب الكردستانية المناضلة بمسميات الإرهاب حسب رغباته، من جانب آخر الضغط على الأحزاب السياسية  يأتي في خانة إخضاعها والانصياع إلى سياسات أحزاب السلطة وتقبل الإملاءات لذلك القرار يخدم سياسة الحزب الواحد وسلطته.

في وقت يتم الدعوة لعقد المؤتمر الوطني الكردستاني فهذا بالتأكيد لا يخدم وحدة الصف الكردي ويؤدي إلى الانزلاق نحو المواجهة أكثر، لذلك على الأطراف الكردية وبشكل خاص في السليمانية أن يكونوا يقظين في عدم الانجرار إلى سياسات تركيا على الرغم من تفهم مواقفهم الرسمية والحصار التركي على مطار السليمانية الدولي والعداء لسياساتهم وإغلاق مكتبهم في أنقرة والأعباء السياسية والمادية والتهديدات التركية المستمرة ولكن هي ضريبة حقيقة الحفاظ على الخط والسياسة الوطنية الكردستانية كقوى سياسية تكمل بعضها وتشكل معاً نقاط الارتكاز والقوة وعليه يجب عدم الانجرار إلى بعض المكاسب المؤقتة والمرحلية والتمسك بالسياسة الوطنية والاستراتيجية الطويلة الأمد، والتراجع عن القرارات المتخذة ضد بعض المكاتب الحزبية الكردستانية في الإقليم.

زر الذهاب إلى الأعلى