مقالات

ما قدمه الـ PYD لم يقدّمه أي حزب آخر ضمن بركان الثورة

 

ولات سعدون

في العشرين من سبتمبر- أيلول الجاري يصادف يوم الذكرى الرابعة عشرة من تأسيس حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، الحزب الذي تأسس في مرحلة تعّم المنطقة فوضى عارمة, ضمن الثورة السورية وما قبلها، فكان النظام السوري البعثي الذي جعل من السياسية جريمة يحاسب عليها “أيً من كان” وذلك من خلال زجه بزنزانة منفردة، والتي كانت جريمته “يعمل أو يتحدث بالسياسة” أو يتطرق إلى السياسة.  فقد كانت زنازين هذا النظام الشوفيني مليئة بالمناضلين من هذا الحزب ومن عموم المعارضين السوريين، كان هذا النظام يحكم بالقبضة الحديدية العنصرية، ويتبع سياسة؛ القومية الواحدة واللغة الواحدة والعلم الواحد وفرضه ونشره بين كافة مكونات شعب سوريا، مع العلم أن جغرافية سوريا تتميز بتنوعها وتشكيلها فسيفساء ملونة مليئة بمختلف المكونات والعديد من اللغات وحتى الأديان.

 وخاصة قيامه بصهرّ وتهميش جنسية المواطن الكردي الذي كان يعرف (بالأجنبي، أي لا يحمل الجنسية السورية – مكتوم القيد)، وحتى بعدم الاعتراف بوجود القومية أو القضية  الكردية في سوريا.

إن هذا يعتبر جزءً بسيطاً من سياسة الحكومة السورية، وبالرغم من هذه الأساليب المتبعة من قبل النظام البعثي؛ فقد رفض حزب الاتحاد الديمقراطي PYD ومنذ تأسيسه في عام 2003 هكذا ممارسات بحق الشعب والشريحة الاجتماعية، وحدد المبادئ والأهداف الأساسية له؛ التي يسعى إلى تحقيقها من خلال نضاله في سوريا عامة، وروج آفا بوجه الخصوص؛ من مختلف النواحي منها؛ السياسية، الاجتماعية والاقتصادية وخاصة من أجل الشبيبة والمرأة؛ اللذين اتخذهما الحزب الركيزة والعامود الأساسي له، وحملت على عاتقها تحرير المرأة وتأمين حقوقها على أكمل وجه، وكان أهدافه من أجل الشبيبة هو: “بناء تنظيم خاص بالشبيبة، وأن يكونوا رواد وطليعيين في المجتمع، والتصدي لكافة ممارسات الحرب الخاصة التي كانت تُقادُ على الفئة الشابة، ومناهضة كافة السُبل الهادفة إلى صهر دور الشبيبة للحيلولة دون استفادة المجتمع من طاقاتهم وهدرها فقام الحزب بتفعيل دور الشبيبة في السياسية الديمقراطية ومجالات الحياة الأخرى “الاجتماعية والاقتصادية والعمل على إيقاف اغتراب وهجرة الشبيبة من موطنهم إلى دول الغرب.

أن الـ PYD الذي أختلف عن باقي الأحزاب والتنظيمات والحركات السياسية المعارضة والذي ظهر ضمن الثورة السورية وقبلها، وانخرطوا سريعاً في مسارات خارج المسار الصحيح للحراك الثوري السوري، والذي لا يخدم الشريحة المجتمعية في سوريا، وأثبتوا عدم قدرتهم لتلبية تطلعات مكونات الشعب السوري، وحقهم الشرعي في التغيير السلمي والديمقراطي للحكومة أو النظام القائم.

لذلك فأن الـ PYD ومنذ تأسيسه حدد وأكد الأسباب والدوافع التي تعرقل تطور وتقدم المجتمع بشكلٍ عام، ولكن النظام وسياسته السلطوية الاستبدادية الذي كان العائق الأول والأساسي في تقدم المجتمع وتطوره؛ هو بزرع فكره الشوفيني في أذهان الشعب الذي كاد الإنسان يقول ” أنني سعيدٌ بعبوديتي هذه، ولا أريد التخلي عن نظام لا يقدم لي أبسط حقوقي وهي الجنسية السورية”.

 فقد كان برنامج هذا النظام منذ قيامه هو العمل والوقوف بشكل معاكس في وجه قضايا الشعوب والأقليات في الدولة المخابراتية التي أسسها، وإجبار الشعب بقوة السلطة للانضمام إلى حزبه وأمته ولغته وقوميته، وعلى وجه الخصوص بتشكيل خلل وفتن بين المكونات وتخويف ملة من أخرى، وخاصة المكون العربي والكردي وأصهار قومية الكرد، وتاريخه، ولغته وجنسيته داخل سوريا.” كأبسط مثال: نقدم على تقديم طلب نكتب عربي سوري وليس كردي سوري”.

فقد كان لحزب الاتحاد الديمقراطي  PYDدوراً ريادياً بارزاً في انتفاضة قامشلو 2004 فقد قَدَّمَ الحزب قافلة من الشهداء منهم: الشهيدة شيلان كوباني ورفاقها وأوصمان دادلي وأيضاً ضمن ثورة روج آفا الشهيد عيسى حسو والعديد من المناضلين الذين استشهدوا في طريق الحرية والثورة والنضال، والذي أتخذهم الحزب بأنهم كــ ميراث فكري وتنظيمي تابع للحزب؛ رغم جميع الممارسات والأساليب الذي يسيرها النظام البعثي على القضية الكردية، مما نوهت عليه سابقاً حتى بدأت الثورة السورية، فقد انتهج هذا الحزب مساراً مغايراً لمساري المعارضة والحكومة، حيث أنتهج الخط الثالث المعتمد أساساً على فكر وفلسفة القائد عبدالله أوجلان في الأمة الديمقراطية، والعمل وعقد مؤتمراته وفق شعار محدد “من روج آفا حرة نحو سوريا ديمقراطية وفيدرالية” وذلك على أساس تحقيق العيش المشترك السلمي. فقد كان للخط الثالث تمايزه بأنه ليس مع النظام الاستبدادي السلطوي وليس مع المعارضة التي تم تسييسها من قبل الدول الداعمة للإرهاب، والتي أصبحت معارضة تحمل طابعاً إخوانياً متطرفاً يحمل في طياته الفكر الإرهابي.

وعلى هذه الأسس والنقاط فقد دعم وساند الحزب في الإعلان عن تأسيس الإدارة الذاتية الديمقراطية، وتأسيس مختلف مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات القانونية والثقافية، وتشكيل القوة العسكرية المتمثلة بوحدات حماية الشعب والمرأة، والحفاظ على أمن وسلامة مناطقهم بالمقارنة مع عموم المناطق السورية التي تحولت بدورها إلى مناطق دمار وعنف ودماء.

ومن الإدارة الذاتية اليوم نتجه نحو مشروع الفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا والذي ستبدأ انتخاباته الأولى خلال أيام. وكذلك أثبتت ثورة 19 تموز امتيازها بإدارتها الذاتية ومشروعه الأمثل لحل الأزمة السورية، ومثالاً يحتذى به ويلامس جوهر القضايا في الشرق الأوسط وتحقيق الحرية والديمقراطية لشعوبها؛ مؤكدةً وحدة مصير هذه الشعوب وأخوَّتِها.

وحتى يومنا هذا مازال حزب الاتحاد الديمقراطي PYD مستمراً وبقوة وأيمان بسياسته عبر سنوات تأسيسه، وأهمها مبادئه وبرنامجه السياسي الأخير ونضاله ضمن الثورة السورية معتمداً على الخط والنهج الثالث المتمثل بفكر وفلسفة القائد عبدالله أوجلان؛ واضع نظرية الحضارة الديمقراطية والأمة الديمقراطية، واعتباره  ملهماً له، حيث تحتل المرأة والشبيبة المكانة الطليعية فيه؛ لبناء وتطوير الحزب وعلى أساس خصوصية المرحلة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط عامة وخاصة روج آفا شمال سوريا متحدياً ضبابية الأهداف والتحالفات القائمة والمستمرة على طاولات مستديرة وكلها تهدف ضرب هذه الثورة وانجازاتها، وعلى علم ويقين بأنهم لا يملكون مشروعاً يحل هذه الأزمة السورية، والشرق أوسطية يضمن فيه حقوق جميع المكونات والأطياف والأديان، ولا يوجد مشروع سلمي تعددي ديمقراطي يعادل ما انتجته ثورة 19 تموز بروج آفا سواء كان في مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية أو الفيدرالية الديمقراطية.

زر الذهاب إلى الأعلى