مقالات

قوات تحارب الإرهاب عن العالم

عامر طحلو

بعد تحرير الموصل من تنظيم داعش, اتجهت أنظار كل القوى المؤثرة على الساحة السورية نحو الرقة, العاصمة المزعومة لداعش في سوريا, وصارت تتسابق من أجل خوض هذه المعركة.

 تركيا عرضت نفسها على التحالف كشريك أساسي لتحرير الرقة, وأيضاً النظام وحليفه الروسي حاولا الوصول إليها قبل التحالف, ولكن بعد أن تم تجريب جميع الفصائل المقاتلة على مدى الحرب السورية, أيقنت أمريكا أن  القوة الوحيدة المناسبة والفعالة في الساحة السورية هي قوات سوريا الديمقراطية, ولذلك اختارتها لكي تخلص المنطقة من شرور الإرهاب, ولأن تحرير الرقة هو أمر مصيري للعالم أجمع, ماعدا المستفيدين من وجود داعش, كتركيا ودول إقليمية أخرى, وأطراف  تحاول توسيع رقعة سيطرتها في سوريا, كالنظام وحليفه الروسي, من أجل هذا قدمت أمريكا الدعم اللوجستي والعسكري لهذه القوات, وأوكلت إليها هذه المهمة منفردة, دون مشاركة أي قوة أخرى.

وبعد أن تم إبعاد هذه القوى عن معركة الرقة, صارت تسعى لخلق مشاكل تعيق عملية التحرير, وتضع العراقيل أمام انتصارات قوات سوريا الديمقراطية فيها, فتركيا حاولت فتح جبهة ضد هذه القوات في مناطق الشهباء وعفرين, عن طريق اعتداءاتها المتكررة على هذه المناطق, وحشد قواتها النظامية ومرتزقتها في سوريا لهذا الغرض.

والنظام وروسيا حاولا أن يسابقا الزمن للوصول إلى الرقة من الجهة الجنوبية الغربية قبل قوات سوريا الديمقراطية, ولكنهما تأخرا, فما إن وصلت قواتهما إلى حدود الرقة حتى كانت قوات سوريا الديمقراطية قد حررت أحياء من المدينة, والتحالف وضع للنظام خطوط حمراء جنوب الفرات لا يمكنه تجاوزها.

أما بالنسبة لتركيا, تبين عدم استطاعتها شن هجوم مباشر على عفرين ومناطق الشهباء, ليس لأن القوات الروسية ستمنعها من ذلك, بل لأنها تخشى من رد الفعل الأمريكي, ولا تتوقع كيف سيكون هذا الرد, فتعرض حلفاء أمريكا في سوريا (قوات سوريا الديمقراطية) لهجمات, سيؤدي إلى انسحابهم من الرقة, والرجوع إلى مناطقهم للدفاع عنها, وسيؤدي ذلك إلى توقف معركة الرقة, وبالتالي سيطرة داعش من جديد على المدينة, بعد أن خسر أكثر من نصفها, وأمريكا لا تريد الرجوع إلى الوراء, فهي تعلم وبعد أن خبرت صمود وحدات حماية الشعب والمرأة في كوباني, ودحرهم لداعش منها, أن هذه القوات هي الجهة العسكرية الأكثر فعالية لهزيمة الإرهاب, وتخليص العالم من شروره, لذلك وقفت بوجه المخططات التركية, وأوصلت رسالة إلى أردوغان تشير إلى أن الاعتداء على هذه القوات هو اعتداء على التحالف, ومساعدة للدواعش لكي يستجمعوا قواهم.

والتحالف يعلم أن أردوغان هو الأب الروحي لداعش, ويحاول بشتى الوسائل منع زوال هذا التنظيم, كما أنه يكن الكره والعداء التاريخي لكل ما هو كردي, وهو يحاول ضرب عصفورين بحجر واحد.

أولاً: تقديم طوق النجاة للدواعش, وتمكينهم من تنظيم صفوفهم بعد الضربات الموجعة, والخسائر الجغرافية الكبيرة التي تكبدها على يد قوات سوريا الديمقراطية, وذلك لأن داعش يعمل على تحقيق أحلام تركيا الاستعمارية.

ثانياً: ضرب المكتسبات السياسية والجغرافية التي حققتها ثورة روج آفا, فهو كدكتاتور لا يرضى أن تتعايش مكونات عرقية وشعوب مختلفة في منطقة جغرافية واحدة كإخوة, تحت سقف أمة ديمقراطية تضمن لمكوناتها الحرية والسلام وكافة الحقوق, وبالتالي منع تصدير هذه المفاهيم إلى الشعوب التركية, لكي لا تثور عليه, هكذا يفكر الدكتاتور, وهذا ما جعله يفرض العزلة, ومنع اللقاء مع العالم الخارجي على القائد عبد الله أوجلان, الأب الروحي لمشروع الأمة الديمقراطية, وفيلسوف الشعوب الحرة.

البعض يقول أن أمريكا لن تبقى في المنطقة بعد تحرير الرقة, ولكنهم مخطئون,

وذلك يعود لعدة أسباب:

أولاً: قوات سوريا الديمقراطية هي عضو أساسي في التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي ضرب كافة دول العالم.

ثانياُ: قوات سوريا الديمقراطية أثبتت أنها القوة الوحيدة القادرة على دحر الإرهاب ضمن الأراضي السورية وربما خارجها.

ثالثاً: هناك اتفاقيات ومعاهدات بين هذه القوات والتحالف, والطرفان يحترمانها.

رابعاً: مؤخراً أصبحت هذه القوات تشكل فسيفساء رائعة تضم كافة مكونات وأعراق وطوائف سوريا, التي تسعى لتحرير أرضها, وبناء نظام ديمقراطي يضمن حقوق الجميع, والمدافع عن أرضه ليس كالمحتل, يبذل الغالي والنفيس من أجل قضية عادلة.

رابعاً: وهو الأهم, إن تعداد وفعالية هذه القوات أصبحت تضاهي جيوش بعض الدول.

خامساً: إن أمريكا جادة في محاربة الإرهاب, وتخليص العالم من شروره, وهي لن تتخلى عن قوات سوريا الديمقراطية بعد هزيمة داعش, بل ستشركها في محاربة القاعدة, وجبهة فتح الشام, وكل جماعة إرهابية على الأرض السورية.

كل هذه المعطيات تدل على أن أمريكا لا تنوي التخلي عن قوات سوريا الديمقراطية بعد تحرير الرقة, وإنما تثبيت هذه القوات كجيش وطني لسوريا المستقبل, كما أن هذه القوات تضم العديد من المكونات السورية, وأفرادها سوريون وهم على دراية تامة بأبناء بلدهم, وهم الأولى بالدفاع عن أرضهم وتحريرها, وهي قوات فعالة وخبيرة في محاربة الإرهاب كما أثبتت, وتملك الإيمان والعقيدة اللازمتين لهذا الأمر وتقضي على الإرهاب.

زر الذهاب إلى الأعلى