مقالات

ما بين واقع سوريا وتطلعات شعوبها

ما بين واقع سوريا وتطلعات شعوبها أو نظرتها المستقبلية فرق واضح وشاسع فمن جهة تمت تدمير مدنها وقراها, والتصفيات الجسدية لأبنائها, وأسر وخطف, وتعذيب سكانها، وظهور جماعات متطرفة تعتمد قوانين على أسس دينية ومذاهب منحرفة, تهدف إلى نشر الرعب والفوضى بين المدنيين, ومن جهة أخرى هنالك المصالح الدولية فالكل يريد بسط نفوذه في سوريا, ويقوم بإنشاء قواعد عسكرية له داخل أرضيها بأساليب شتى، والوسيلة ليست مهمة المهم هو وضع اليد على مدنها وخيراتها، ومخططاتهم تلك توضحت بشكل جلي بعد دخول الجيش التركي ومرتزقته إلى  عفرين وتدميرها؛ هذه المدينة الآمنة بأرضها ومكوناتها الذين كانوا يديرون شؤون حياتهم ويحمون مناطقهم اعتماداً على ذواتهم؛ لكنها ما لبثت أن تحولت إلى ساحة حرب ليُمارس فيها القتل الجماعي ولتُغتصب فيها حقوق المواطن وفي النهاية اللجوء إلى التغيير الديموغرافي والإبادة العرقية.

كان هدف تركيا منذ دخولها إلى لمنطقة ودعمها الفصائل الإرهابية إنهاء المشروع الديمقراطي الذي بات محط إعجاب جميع المكونات السورية كون المشروع يشكل خطراً على وجودهم داخل سوريا وتهدد مصالحهم فحل القضية السورية يعارض مخططاتهم.

السياسات الدولية أدت إلى عرقلة الحل أكثر وزادت من الصراعات بعكس ما كانت تدعو إليه من توفير الأمن والاستقرار للمدنيين، وبالأخص روسيا؛ فموقفها بات واضحاً تماماً بأن حل النزاع في سوريا يعرقل مسيرة بسط نفوذها فيها.

وكان دخول الجيش تركي ومرتزقته إلى الأراضي السورية باتفاق مع الروس بهدف إطالة عمر الثورة التي تخدم مصالحها داخل سوريا, وعلى الرغم من أن مشروع الفيدرالية هو المشروع الوحيد الذي يسعى إلى حل النزاعات والحد من الجرائم التي تُرتكب بحق الإنسان دون احترام لأي قانون.

يجري كل ذلك ويستمر الصمت الدولي تجاه هذه الأحداث, فرغم وجود اتفاق مع قوات سوريا الديمقراطية وأمريكا إلّا أن واشنطن بقيت صامتة إزاء دخول القوات التركية إلى عفرين باتفاق مع الروس.

علماً أنها تدرك جيداً بأن تركيا هي الداعم الرئيسي لداعش وكافة الفصائل الإرهابية الأخرى، وعدم معارضة الدول الإقليمية والدولية لهذا التدخل والاحتلال دليل على التورط الدولي وهذا يتعارض مع القوانين الدولية؛ فعفرين وغيرها من المدن السورية باتت لعبة دولية تهدف إلى تقسم سوريا إلى أجزاء أو مناطق حسب قواعدهم العسكرية؛ أي اتفاقية سايكس بيكو جديدة بين روسيا وأمريكا وإيران وتركيا بحيث تعطى كل جزء لدولة حسب مكتسباتها العسكرية وبات مستقبل سوريا مجهولاً ومرتبطاً بقرارات أممية.

مشروع دمقرطة سوريا هو الحل الوحيد لإنهاء الأزمة السورية ووقف سفك الدماء والتوجه نحو العيش المشترك وأخوَّة الشعوب إلّا أن هذا المشروع وعلى ما يبدو يعارض مصالح روسيا وتركيا.

إن مستقبل سوريا مرتبط بوحدة أهلها وإيمانهم بالحرية والاستقلال وإنهاء الاحتلال.

زر الذهاب إلى الأعلى