مقالات

كيف ندير الوجع الكردي بعد الآن؟

مصطفى عبدو

في وصف لما يحصل في سوريا اليوم, حقائق تراكمت وقادت إلى نتيجة طبيعية تشترك فيها فئة متفاعلة مع حقوق شعب بكامله وتوظيفها وفئة تعمل لصالح أعداء سوريا من داخل البلد وخارجه.

ولأن الإدارة الذاتية الديمقراطية لها مواقف متميزة لا تروق لمخططي وصناع وممولي ومنفذي مشاريع الفوضى والتدمير للمجتمعات في المنطقة وعلى رأسهم تركيا التي تؤلمها نجاحات هذه الإدارة وقواتها الديمقراطية فتسعى جاهدة إلى فشلها وتدميرها.

وقوات سوريا الديمقراطية التي روت تراب سوريا بأنهار من الدم, لن تقبل بصفقات ولن ترضى بأنصاف الحلول ولن تتوقف عن مكافحة الإرهاب ولن تتخلى عن الدفاع عن جميع مكونات وشعوب المنطقة, وليفهم من يريد أن يتعامل مع هذه القوات أن دوافع هذه القوات منذ انطلاقتها وطنية سورية شاملة وصادقة وواعية وليست عفوية عشوائية.. وهي عابرة للمذاهب والطوائف والقوميات وكل التنوعات التي تحتضنها سوريا. (قسد) ليست مضيفاً, (قسد) ليست وسيطاً، (قسد) مفوضة بإجماع مكونات الشعوب السورية ودعم دولي باستثناء أعداء وحدة وتراب سوريا، (قسد) مكلفة بحكم التضحيات الجسام من أجل السوريين، وبحكم التلاحم والجوار ووحدة الدم والمصير.

كردياً, الأجدى بالفرقاء وهم يلامسون الهم الوطني المتكدس والذي بلغ آخر مداه، أن ينزلوا من بروج تعنتهم في مواجهة الآخر، وأن يتحدثوا بلهجة وطنية وأجندة وطنية لا شرقية ولا غربية، ليضخو بقليل من إكسير الأمل لدى الشعب الذي يترنح من هول الانقسام.

نعم بعد تراكم الوجع لابد من إدارة الوجع والتي تحتاج إلى بناة يحسنون التشخيص والعلاج ويتمتعون بالمقبولية والانجازية معاً.

وأن كل قرار شجاع يحتاج إلى متكاءات شجاعة وليس هناك اشجع من متكىء الشعب فمن الشعوب يكتسب الآخرين شجاعتهم.

ولعل أفضل الضمانات وأولها هي ضمانة استمرار المقاومة بوصفها السند والمتكىء وبوصفها ضمانة من الاستجابة للمطالب المشروعة. ليرسم الفرقاء خارطة القادم المعلوم والمجهول، فلنتجاوز حرمة الانقسام المستحدث، ولنقدم مصلحة المجتمع الكردي على سلم أولوياتنا بعد هذه التجربة الانقسامية المريرة المارقة، فليكن الالتقاء على خير الشعب الكردي.

الجميع دون استثناء بات محبطاً ويائساً من الدعوات المطالبة بالحوار ورص الصفوف، ولدى الجميع شكوكاً في أدنى درجات التوافق وبات صوت حالهم يقول أن الأمر غاية في التعقيد والانكفاء، لقد تجسدت قناعة شبة شاملة لدي الجماهير الكردية أن التوافق المطلق بين الفرقاء، لهو ضرب من دروب المستحيل، وأن السعي لبلوغه إنما هو كمحاولة تغطية الشمس بالغربال، لذا يتوجب اليوم الابتعاد عن الخلافات قليلاً وتحجيمها والتوجه نحو بعض من الاتفاق وتعظيمه لهو الأمر الطبيعي الحميد وهو أفضل الحلول…

زر الذهاب إلى الأعلى