الأخبارمانشيت

بريت ماكجورغ: على تركيا أن تقدم تفسيراً على وجود البغدادي بمناطق نفوذها وسيطرتها وعلى مقربة من حدودها

كتب الباحث البارز غير المقيم في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، والمبعوث الرئاسي الخاص السابق في التحالف الدولي لمحاربة داعش بريت ماكجورغ مقالاً نشرته صحيفة الاتحاد الاماراتية “بترتيب خاص مع خدمة واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس “، أمس الأربعاء 30 اكتوبر، تناول قضية مقتل البغدادي والانسحاب الأميركي الذي سبق هذه العملية.
ويركز بريت ماكجورغ في مقاله على خطر الانسحاب الأميركي من شمال شرق سوريا والفراغ الذي شكله، ليشغله الروس والنظام السوري، ويتحدث عن الدور التركي في حماية البغدادي متسائلاً ” على تركيا أن تقدم تفسيراً لوجود البغدادي في شمال غرب سوريا، على مبعدة أميال قليلة من الحدود التركية، وفي محافظة إدلب التي كانت تحميها نحو عشرة مواقع عسكرية تركية منذ بداية عام 2018 “.
وكانت القوات الأميركية الخاصة وقوات سوريا الديمقراطية قد قامتا بعملية مشتركة تم على اثرها قتل البغدادي في مخبئه بقرية باريشا بمحافظة ادلب والواقعة تحت سيطرة الجيش التركي ومرتزقتها وعلى بعد أقل من 5 كيلومتر على الحدود التركية، فجر يوم 27 اكتوبر.

مقتل البغدادي وخطر الانسحاب

ويبدأ ماكجورغ مقاله المعنون (مقتل البغدادي وخطر الانسحاب) بالقول :”يمثل مقتل البغدادي أنباء رائعة للعالم المتمدن، وتوضح الغارة الأميركية في عمق شمال غرب سوريا مرة أخرى، التأثير الهائل للقوات الأميركية الخاصة وللمحللين الاستخباراتيين الذين ساعدوا في توجيه عملياتها، وتفاصيل هذه العملية تفصح أيضاً عن حقائق أكبر بشأن سوريا، وعما فقدناه نتيجة الانسحاب الأميركي المفاجئ عبر شمال شرق سوريا مؤخراً، ومازال لدى تنظيم «داعش» الإرهابي نحو 10 آلاف مقاتل في سوريا، لكن بعد خمس سنوات من الضغط المتواصل أصبح التنظيم ضعيفاً وفاقداً للسيطرة على أي أراض”.
و تابع ماكجورغ “وربما كان هذا وقتاً مثالياً لتعزيز النجاح، والعمل على ما قد يكون كنزاً من المعلومات الاستخباراتية تم الحصول عليه من المكان الذي كان يعيش فيه البغدادي، ومن المؤكد أن محللينا يعكفون على فحص هذه المعلومات الآن، مما سيقود إلى الخلايا النائمة لـ«داعش» وشبكاتها في سوريا والعراق ومناطق أخرى، لكن انسحابنا المفاجئ من سوريا سيجعل العمل على هذه المعلومات أصعب، فقد تركت القوات الخاصة الأميركية بالفعل مواقعها لمراقبة المعاقل السابقة لـ«داعش»، بما في ذلك الرقة ومنبج، التي تم التخطيط فيها لهجمات إرهابية كبيرة ضد الغرب، وهذه المناطق خاضعة الآن لسيطرة روسيا والحكومة السورية، مما يعرقل قدرتنا على العمل بناءً على هذه المعلومات”.
وفي ادانة واضحة لتركيا بحماية البغدادي وايوائه والعلاقة بين داعش وتركيا، كتب ماكجورغ :” وعلى تركيا أن تقدم تفسيراً لوجود البغدادي في شمال غرب سوريا، على مبعدة أميال قليلة من الحدود التركية، وفي محافظة إدلب التي كانت تحميها نحو عشرة مواقع عسكرية تركية منذ بداية عام 2018″.
وأضاف “ومما له دلالة أن الجيش الأميركي اختار، بحسب التقارير الصحفية، تدشين هذه العملية منطلقاً من العراق على مبعدة مئات الأميال، وليس من تركيا الحليف في «الناتو»، والواقعة قبالة الحدود مباشرة، وذكرت الولايات المتحدة أنها لم تخطر تركيا بالغارة إلا عندما اقتربت قواتنا من حدودها، وهو إخطار كان من الممكن أن نقدمه أيضاً لروسيا وسوريا”.
واستطرد ماكجورغ في ادانته لتركيا بالقول:”لقد أصبحت إدلب أكبر ملاذ للإرهابيين في العالم، فعبر تركيا، جاء معظم المقاتلين الأجانب البالغ عددهم 40 ألفاً، والذين تدفقوا إلى شمال غرب سوريا أثناء الحرب الأهلية، وحالياً تسيطر على هذه المنطقة إلى حد كبير الجماعة التابعة رسمياً لـ القاعدة، والتي استطاعت البقاء من خلال التجارة عبر الحدود، وتمتعت بعلاقات تكافلية مع جماعات المعارضة المدعومة من تركيا، ووجد البغدادي في هذه المنطقة هو وأسرته، وهذه الحقيقة ما زالت تمثل تهديداً خطيراً للأمن القومي الأميركي، وللأسف، قدرتنا على الحصول على المعلومات في هذه المناطق لا تعتمد على تركيا، بل على حلفاء آخرين هم تحديداً قوات سوريا الديمقراطية بقيادة الكرد، ولا غرابة في أن نسمع تأكيداً من الرئيس ترامب، بأن المعلومات التي قادت إلى البغدادي جاءت من هذه القوات، وهذا كان الحال بالنسبة لكل العمليات المشابهة تقريباً، والتي استهدفت قيادات داعش في سوريا.
وفي السياق ذاته قال ماكجورغ:”وقد سعت الولايات المتحدة، لبناء قوة مناهضة لـ«داعش» بدعم من تركيا، لكن إدارتين أميركيتين متواليتين وجدتا أن قوات مدعومة من تركيا سيكون بها عدد من المتشددين أكبر مما يسمح بالشراكة معها، وتكبدت قوات سوريا الديمقراطية، مع مرور الوقت، 11 ألف ضحية، ومع ما حظيت به من دعم كبير من السكان المحليين، مكنت القوات الأميركية من العمل في سوريا بأعداد صغيرة، وبمخاطر محدودة، وكلفة منخفضة”.
وأكد ماكجورغ أن “كل هذا يوضح أن قرار إخلاء المواقع، والسماح لتركيا بمهاجمة قوات سوريا الديمقراطية بقوات المتطرفين التي تدعمهم، يمثل انتكاسة استراتيجية كبيرة، إنه يفكك ما كان منطقة مستقرة في البلاد، ويدفع بنشطاء جدد إلى الذهاب نحو منطقة داعش السابقة، ويدفع مئات الآلاف من الكرد السوريين للفرار بأرواحهم، نحو منطقة كردستان العراق الهشة”.
وأوضح ماكجورغ “ربما يقلص مقتل البغدادي جاذبيةَ تنظيم داعش، وتستطيع الولايات المتحدة العمل مع شركائها حول العالم لتعزيز هذا النجاح، بشن غارات ضد خلايا التنظيم في بلدان أخرى، لكن في سوريا، أصبح تعزيز هذا الإنجاز أصعب الآن، فقد انسحبت القوات الأميركية من المناطق الآهلة بالسكان، لتتحول قوات سوريا الديمقراطية إلى روسيا، وتصبح شريكها الجديد في المدن التي كانت تتمتع فيها الولايات المتحدة، قبل شهر فقط، بالدعم المحلي وبإمكانية الحصول على المعلومات الاستخباراتية”.
واختتم بالقول:”ويستحق الرئيس ترامب، كامل التقدير على العملية التي أدت لقتل البغدادي، لكن المعلومات التي أدت إلى العملية لم تأتيه، فيما يبدو، قبل قراره السحب المفاجئ للقوات الأميركية من شمال شرق سوريا، لأن كل شيء نعلمه عن الغارة يعزز مدى قيمة وأهمية وجود أميركي مستدام هناك”.

زر الذهاب إلى الأعلى