ثقافة

فتى الجبال 3

رودي رشيد

نظرَ باز إلى ما حوله محدقاً بذهول للنيران المشتعلة وأضواء الطلقات النارية التي كانت تمرّ كالسهام من الأعلى, حسم أمره بالمغادرة إلى النقطة المتفق عليها. أسرع الخطا وبدأ جسده يتصبّب عرقاً من الغيظ رغم غوص قدمه عميقاً في الثلج. لدى وصوله رأى أحدَ زملائه ممدداً على الأرض ممسكاً بذراعه .

باز: لنرحل بسرعة (واضعاً يده حول خصر زميله ليعاونه على المسير).

أسرعوا الخطا بين الأشجار حتى لا يلاحظهم أحد. نظر باز خلفه إلى ألسنة النار المتعالية من جنبات القرية بذهول، ثم أكمل المسير دون أن يدرك سبب الوحشية.

وصلوا إلى الجبل بعد عناء طويل. مدّد باز زميله على الفراش وشقّ سترته الملتفة حول مكان الإصابة . أسرع سردار نحوهم وبدأ بمعاينة الجرح.

سردار: إصابته سطحية يا باز لا تقلق. سيتعافى بعد قليل. (يعمل دون النظر إلى أخيه)  سأعطيه إبرة ليرتاح عليها.

باز: حسناً يا أخي ( يضع يده على عينيه كأنه يريد أن يمحي تلك الصورة البشعة من ذاكرته) لقد أحرقوا القرية.

سردار: (يتوقف ثم يكمل الضماد) لا عليك الربيع قادم. علينا التحلي بالصبر فالمدنيون سيصبحون الهدف إن تحرّكنا.

باز: جسمي يحترق من الغيظ.

(يلتف الجميع حول باز والشاب الجريح)

شيرو: سننتقم منهم غداً و ….

سردار: (ينفض يديه) دعوه يرتاح الآن. سيكون بخير.

باز: لنذهب إلى الغرفة المجاورة ونتناقش.

(يغادر الجميع بعد أن يغطوه تجنبا للبرد)

باز: لقد أحرقوا القرية. دون سبب.

سردار: ألم يعلموا بوجودكم هناك.

شيرو: مستحيل فلم يمض على وصولنا دقائق معدودة. لا بد من الانتقام. (ينظر إلى باز) ستمرض هكذا فجسدك مبتل والثلج يتساقط في الخارج.

باز: لا بأس فلم يعد يهمني شيء. الأهل في خطر. سأنزل إلى الأسفل لأدعم الأهل وأنقذ ما تبقى.

سردار: (مفكراً ملياً بصوت عال) إنها حملة التطهير. (موجهاً كلامه للجميع) يريدون إفراغ قرانا بشتى الوسائل … يرغبون بتهجيرنا بأي ثمن.

شيرو: (ينهض) سأنزل حالاً (ينهض الجميع) سردار أبقى هنا مع مجموعة من الشباب.

باز: لنذهب بسرعة قبل أن يداهمنا الوقت.

نزلت نصف المجموعة إلى الغابة مقتربين بذلك من النيران التي كانت تنهش جنبات القرية. توقف الجميع عندما لاحظوا ألسنة النيران المتعالية من البيوت القريبة.

باز: لننقذ المدنيين.(يتوزعون بسرعة بين المنازل)

أمضوا عدة ساعات في إنقاذ بعض الأرواح التي احتجزت داخل المنازل.

عند طلوع النهار كانت القرية في حالة مأساوية فقد دمرت تقريبا وغادر معظم سكانها بحثاً عن الأمان والعلاج للجرحى. لم يعلم أحد ما جرى بالضبط. لم تمض سوى ساعات قلائل حتى دوى هدير المروحيات عالياً في السماء، ومن ثم تلاها أصوات سيارات فيها جنود وفريق طبي في سيارة إسعاف.

شيرو : يجب أن نغادر.

باز : المكان محاصر. لقد قتلوا المدنيين لكي يفرغوا القرية وإذا غادرنا الآن سيقتلون ما تبقى من المدنيين وإننا من أحرقنا القرية وقتلنا سكانها الأبرياء.

شيرو : وما الحل. . . . . .

ألقوا أسلحنكم وسنعفو عنكم (جاء صوت من المروحية) نحن لا نريد إراقة دماء الأبرياء يا باز

زر الذهاب إلى الأعلى