ثقافة

الشاطئ الثقافي الكُردي، غوصٌ في الإبداع أم غرقٌ في الشهرة!!؟

فكرت كثيراً بما يمكنني بدأه عند كتابة هذه المقالة، فالأفكار كثيرة والتُرهات كذلك ما أكثرها وأكثر أصحابها!!

حسناً، فلنبدأ بكلمة التُرهات وارتباطها بالمثقف؛ وما الذي يدفعني وأنا في أوج اهتمامي بكل ما يقوم به المثقفون، التفكير بالبدء بهذه الكلمة التي تبدو في الغالب بالأمر السلبي، هناك عوامل كثيرة أو مواقف تدفعنا لا بل تُجبرنا على ذلك.

في زمنٍ كثُر فيه المثقفون، الكُتب والروايات، الدواوين الشعرية …وإلى ما ذلك مما يخصُ الثقافة، هناك في الجهة المقابلة من الشاطئ الثقافي، الكثير من الآفات، الأمراض الثقافية، والتُرهات للبعض من أشباه المثقفين الذين كان ولا زال همهم الوحيد هو “الشهرة”، من خلال كتابتهم لبضعِ سطور هاوية، فعِوضاً عن الغوص في الإبداع والرقي من خلال ثقافتهم التي تصل إلى القُراء، إلا إنك تراهم بعيدون عن المثقف الحقيقي بآلاف الأميال، النتائج واضحة لكن الأسباب بالنسبة لنا كقراء غامضة، ما الذي يدفع بـ “مثقف” كما يُسمي نفسه أن يتصرف بغطرسة إلى جانب رغبته الملحة في الوصول إلى قدرِ من الشهرة التي باتت مطلباً ملحاً لهؤلاء الأشباه.

“ليس كل من حَمِل قلماً، أصبح مثقفاً”، تحت سقف هذا العنوان يوجد الكثيرون ممن يضعون قوتهم الثقافي على منصات الثقافة على إنه نتاجٌ ثقافي، ولا ننسى أن نضع مئة خطٍ أحمر تحت كلمة “ثقافي”، يمكننا تسميته بـ نتاجٍ انفرادي، نتاجٍ من وحي الهرولة نحو الشهرة على حساب أقلامٍ أخرى مستحقة، لكن بالتأكيد لا يُمكن تسميته بالنِتاج الثقافي، حيث هناك من لا تتعدى نتاجاتهم الأدبية أصابع اليد الواحدة وتراهم أصبحوا حديث الإعلام وبالتالي الجميع، وبالكاد تكون تلك النتاجات تستحق القراءة، لذا يجب أن يكون الإعلام عادلاً في توزيع الأهمية للنتاجات الأدبية وغض النظر عن النتاجات التي لا تستحق أن تسمى بالأدبية والثقافية.

النتاج الثقافي الحقيقي هو ذاك الشيء الكثير بعطاءه، هو الذي يحمل بين طياته المعرفة والأدب، إضافة إلى إنه يكون عنواناً وإشارةٍ إلى ثقافة الشعوب وانتماءهم، فهناك الكثير من المثقفين الذين لديهم نتاجات أدبية معطاءة تستحق أن توضع على صفحات التاريخ ويمتلكون موهبة كبيرة، إلا إنه يمكننا القول بأنهم مظلومون من الناحية الإعلامية، كونهم ليسوا ممن يركضون خلف أضواء الشهرة وتُرهاتها، مثلما يفعل البعض من أشباه المثقفين والذين نالوا الشهرة على “اللا شيء”، فتراهم يتكبرون ويتفاخرون هنا وهناك على منصات التواصل الاجتماعي من جهة وعلى شاشات التلفزة من جهة أخرى، ويظنون أنفسهم قد أصبحوا كتّاباً وشعراء …بعد إصدارهم لشيء ما، وهذا يعود إلى الهوبرة الإعلامية لنتاجهم الذي لا يستحق ربع هذا الزخم الإعلامي، والذي يُعتبر سرقة لفرصة إبراز مواهب أخرى تستحق كل التقدير حيال نتاجاتهم الثقافية.

يُمكننا القول إنه ليس كل من أصدر كتاباً أو رواية أو ديواناً شعرياً.. أصبح مثقفاً، فهنالك هواة يفعلونها أيضاً ولا يربطهم بالثقافة صلة، وبالمقابل هناك الكثير ممن لهم باعٌ طويل على الساحة الثقافية ورصيد حافل بالإنجازات على الساحة الأدبية لكننا لا نرى لديهم شيئاً من التكبر والعجرفة التي نراها عند البعض من أشباه “الكتّاب والشعراء…”.

“الأدباء، الشعراء، الكتاب،…” الحقيقيون يا اعزاءي لا يحتاجون إلى صيت من قِبل أحد ليثبتوا أنفسهم، قدراتهم ومواهبهم الأدبية، المثقف الحقيقي يُجبرك بقلمه الخصب على الإبحار في كتاباته وعالمه الندي البعيد كل البعد عن تُرهات أشباه المثقفين وضجيجهم في هذا العالم.

دلناز دلي

زر الذهاب إلى الأعلى