مقالات

ماذا سنقول لعوائل الشهداء

قد يستغرب المرء حينما نقول: برغم كل الدمار والقتل والتهجير الذي حصل لسكان مقاطعة عفرين وكري سبي وسري كانيه وقبلها المؤامرات التي حيكت بتقنية عالية على روج آفا وعلى وحدات حماية الشعب والمرأة؛ إن الإدارة الذاتية الديمقراطية وافقت على رغبة الشعب في روج آفا حتى تهيئ الفرصة مرة أخرى للمجلس الوطني الكردي الموالي لأنقرة ضمن ائتلاف المرتزقة الذين سفكوا دماء السوريين وشردهم وهجرهم حتى يرضى عنهم  الارهابي أردوغان من أجل بعض المال الذي اشترى به ذممهم.

هذه الأفعال وغيرها من الأعمال التي تندى لها جبين الإنسانية لا تخفى على أحد، ومع ذلك فنحن في روج آفا رحبنا ونرحب بمبادرة الجنرال مظلوم عبدي كما رحبنا ونرحب بمبادرة الإدارة الذاتية الديمقراطية في توحيد الصف والموقف الكردي رغم أننا كنا نعلم جيداً النتيجة مسبقاً بناءً على مواقفهم منذ احتلال عفرين من قبل تركيا الفاشية.

فإذا كان جاداً (المجلس الوطني الكردي) في وحدة الصف الكردي فأين هي الخطوة الأولى، والجميع يعلم ما هي الخطوة الأولى والتي تكمن في الانسحاب الكلي من الائتلاف التركي في اسطنبول، والعودة إلى روج آفا. هنا يكتمل المثل القائل: الرجوع من نصف الطريق الخطأ خيرٌ من أن تستمر في الخطأ نفسه.

ألم تتعلموا من دروس التاريخ؟؟ ألم تفتحوا صفحاته وقرأتم ماذا فعل بكم أجداد إردوغان وحتى يومنا هذا لم تتوقف هجمات المحتل التركي ومرتزقته علينا و تهديدنا في روج آفا، وفي باشور، وفي باكور؟؟ ألم يقُل أردوغان مراراً وتكراراً بأنه لن يكرر الخطأ الذي ارتكبه في العراق مرة أخرى في سوريا ايضاً؟؟ وسنصحح الخطأ الذي ارتكبناه، والقول هنا لأردوغان نفسه.

عدا عن هذا وذاك: ماذا ستقولون لعوائل الشهداء الذين استشهدوا على يد جيش المحتل التركي وكنتم الطرف المُحرِّض فيه والمبارك له  في عفرين وسري كانيه  وتل أبيض؟؟ ماذا ستقولون لأم الشهيدة هفرين خلف؟؟ هل ستقولون: لم نكن نعلم؟؟  ورغم كل هذا فإن تلك الأمهات اللواتي قدَّمنَ أبنائهنَّ من أجل حماية شعبهنَّ لن يتوانينَ في أن يغفرنَ لكم ما فعلتم؛ فقط من أجل وحدة الصف الكردي في وجه العدو التاريخي للأمة الكُردية، ووفق هذا الإطار والسياق تزال جميع الخطوط الحمراء وتبدأ صفحة جديدة.

الوضع الراهن في سوريا وفي عموم المنطقة  يفرض على شعبنا أكثر من أي وقت مضى الالتفاف حول نضال الحرية والمكتسبات المتحققة بدماء الآلاف من شهدائنا الأبرار. وفي مثل هذه المرحلة الحساسة والمصيرية التي يمر بها روج أفا وشمال سوريا نحتاج إلى السير بخطى واثقة إلى الأمام استنادا على تلك المكتسبات وتطويرها وذلك فقط يتم بالسعي والعمل الجاد من اجل تحقيق الوحدة الوطنية والديمقراطية وبالتفاف كافة أبناء شعبنا من شبيبة ونساء وعمال وفلاحين ومثقفين توحيد صفوفه بناءً على متطلبات النضال في هذه المرحلة وتمثيلها بشكل جيد سيعني إننا نحقق أماني وآمال شهدائنا.

الشهداء هم ثمن حرية وعزة وكرامة الشعوب دائماً، فما من أمة تعرَّضت لانتهاك حرماتها إلا وقدمت الشهداء من أبنائها لاستعادة كرامتها وحقوقها وعزتها ، وعندما يتقاعس أبناء شعب ما عن التضحية والفداء في سبيل الدفاع عن حريته أو حقوقه المغتصبة فإن ذلك الشعب أو تلك الأمة تسير نحو الهلاك ولا تستحق الحياة، وتصبح فريسة للطامعين. والشعب الكردي هو من أكثر شعوب الأرض تعرضاً للاحتلال واغتصاب الحقوق في التاريخ الحديث، ولكن أبناءه لم يتقاعسوا يوماً عن الدفاع عن كرامة شعبهم وأمتهم.

لذا فأن شهدائنا يشكلون ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا ووفق ذلك إذا كنا نريد مستقبلا زاهرا ومليئا بالنجاحات على أبناء شعبنا أن يلتف حول أمال شهدائه بكل قوة وعزيمة وان يطور وحدته ونضاله في كل قرية وحي ومدينة بروح نضالية عالية تليق بتضحياتهم العظيمة. وفي الوقت الذي ننحني فيه إجلالا لشهدائنا، ونستذكر تضحياتهم ونضالهم أيضا نستلهم منهم الإرادة والقوة والعزيمة لإتمام المسيرة حتى تحقيق النصر النهائي وتحقيق آمالهم وأمانيهم في حياة حرة وديمقراطية لشعبنا ووطننا.

زر الذهاب إلى الأعلى