مقالات

الإدارة في روج آفا…

كاميران شيخي

منذُ انطلاقةِ ما يسمى بربيعِ الشعوب، واشتعالِ نارِ الإطاحةِ بالأنظمةِ المستبدةِ، وامتدادِ لهيبها لأكثرِ من دولة؛ حاولَ الشعبُ الكرديُّ في سوريا أنْ يصوغَ ثورتهُ الخاصة التي اعتمدتْ على الدفاعِ لا الهجومْ، وعلى البناءِ لا التخريبْ، وعلى الحضارةِ لا التخلفِ والرجعية، وعلى إشاعةِ السلامِ لا القتلِ والدمار.

استطاعَ الشعبُ الكرديُّ باعتدالهِ وروحِ الإنسانيةِ لديهِ أنْ يجذبَ انتباهَ العالمِ المتمدنِ المتحضر، واستطاعَ أيضاً أنْ يوصلَ رسالةً إلى العالمِ عموماً، أنهُ شعبٌ كانَ ومازالَ وسيبقى التربةَ الخصبةَ للسلامِ والحضارة، لا ينكرُ أحدٌ أنَّ الأحداثَ في سورية بدأتْ سلمية، حيثُ انطلقتْ الأصواتُ تنادي بالإصلاحِ والتغييرِ ومحاربةِ الفسادِ والمفسدينْ، لكنها سرعانَ ما تعسكرتْ, نتيجةً للقمعِ والتدخلاتِ الإقليميةِ والدولية، وما إنْ جنحتْ الأحداثُ نحوَ العسكرةِ والعنفِ، حتى حاولتْ جميعَ المكوناتِ في سوريا تهيئةَ نفسها لمواجهةِ العاصفةِ الجديدة، والبحثِ عن سُبُلِ الحمايةِ تارةً، بالاعتمادِ على ما بينَ يديها، وتارةً بالاعتمادِ على الدولِ ذاتِ الوزنِ السياسيِّ والعسكريّ. الحركةُ الكرديةُ التقليديةُ آثرتْ أنْ تبقى مكبلةً بقيودِ الأمس، واستراحتْ للقلمِ والحوارِ والدبلوماسيةِ التي فشلتْ هي الأخرى في الإقناع، فبعدَ كلِّ هذهِ السنين مازالتْ الأحزابُ ترجو منْ خريجي مدرسةِ العفالقةِ تغييراً وتعديلاَ لوثيقةٍ تخشى إدراجَ عبارةِ الشعبِ الكرديِّ، وتسكتْ على الإهاناتِ الخطيرةِ بحقِّ هذا الشعبِ من قبلِ شخصياتِ الائتلاف.. وحينَ تتمعنُ في هيكليةِ المجلسِ الوطنيِّ الكرديِّ ترى الهشاشةَ، وطغيانِ الأشخاصِ، وغلبةِ المصالحِ الشخصيةِ، وتسلطَ طرفٍ أساسيٍّ كانَ يجبُ أنْ يسمى المجلسَ باسمه.. أما عن مجلسِ غربيّ كردستان؛ بدايةً والذي هو الآن TEV-DEM أي مجموعةُ الأحزابِ المنضويةِ تحته، فقدْ عرفتْ فنَّ السياسةِ العصريةِ، وسعتْ جاهدةً، ونجحتْ في دخولِ معتركِ التحالفاتِ والتوازنات، وهي الآن مدعومةٌ من أكبرِ قوتينِ عالميتينِ ( أمريكا وروسيا )… إنَّ الدعمَ الذي تتلقاهُ قواتُ سوريا الديمقراطية ومنْ ضمنِها بل على  رأسها وحداتُ حمايةِ الشعبِ، ووحداتُ حمايةِ المرأةِ لم يأتِ بالاستكانةِ والاستجداءِ والتوكلِ على أحد، بل جاءتْ ثمرةً لتضحياتٍ ونضالٍ عظيمٍ وسياسةٍ ناجحة. قد يقولُ قائلٌ إنَّ هذا الدعمَ العسكريَّ إنما هوَ دعمٌ مؤقتٌ ولغرضٍ معينٍ ..لا ..لأنَّ الدعمَ العسكريَّ هو ضمناً دعمٌ سياسيٌّ أو سوفَ يتبعهُ دعمٌ سياسيٌّ فيما بعد، أضفْ إلى أنَّ الإدارةَ نجحتْ إلى حدٍ كبيرٍ في بناءِ مؤسساتٍ تنمو يوماً بعدَ يوم في روج ٱفا وعلى مختلفِ الصُعُد، الخدميةُ منها والتعليميةُ والقضائيةُ والاجتماعيةُ والعسكرية، والمؤسساتُ التي تهتمُ بالمرأةِ وشؤونها، ولا يغفلُ الإنجازُ الكبيرُ في طباعةِ المناهجِ الدراسيةِ باللغةِ الكردية، وافتتاحِ المعاهدِ اللغويةِ والأكاديمياتِ وغيرِ ذلكَ الكثير. إنَّ هذهِ المؤسساتُ عدا عن نجاحِها سوفَ تكونُ جاهزةً دوماً لأيةِ مفاجئةٍ ليستْ في الحُسبانْ، وجاهزةً دوماً لتحقيقِ المزيدِ من النجاحِ والتطور.

زر الذهاب إلى الأعلى