مقالات

أيها المثقف, لحظة من فضلك..

عادة في الثورات والانتفاضات الشعبية والجماهيرية، وفي سبيل  التصدي للحروب ومقاومتها والوقوف ضدها واتخاذ موقف منها يبرز دور المثقف العضوي لما له من دور ريادي وثوري، بكونه يحمل أحلام وأوجاع وهموم المجتمع وتطلعاته.

دور المثقف هذا يتوسع ليشمل توجيه المجتمع واتخاذ مواقف سياسية ووطنية وثورية مسؤولة ومنحازة لفعل المقاومة، وتحاكي حركة الجماهير التي تئن وتنزف تحت سعير المعارك، وتعميق المضمون النضالي والثوري من خلال قلمه، وإعادة تعريف المفردات بشكلها الصحيح.

لا خلاف على الاختلاف, ربما يختلف المثقفون حول قضايا تخص المجتمع ومكونات المجتمع وربما تكون رؤية البعض منهم للمستقبل مختلفة عن الآخر وهذا أمر بديهي، أما إذا لم يرتق المثقف لمستوى الحدث ومستوى الكارثة التي يعانيها شعبنا في عفرين ويختلفوا فيما بينهم على قضايا جوهرية, فهذا لا يمكن تقبله بأي شكل من الأشكال.

إنه لشيء محبط ومؤسف وأليم, عندما نلاحظ أن بعضاً من مثقفينا تناسوا دورهم بل وتجردوا من آدميتهم بانحيازهم لطرف الأعداء، ليس لشيء إنما لأنهم يريدون إنهاء حساباتهم مع الطرف الآخر الذي يختلفون معه في مواقفه وممارساته وتوجهاته ومعتقداته وسلوكياته، متناسين وما يحدث ويجري لشعبنا في عفرين هو حرب إبادة جماعية يتعرض لها شعبنا بكل شرائحه وفئاته ومكوناته دون استثناء. وهو اعتداء يبطش بمكونات المجتمع ويمزق جسده, ولا يفرق بين طرف دون الآخر، ويستهدف الكرد، أرضاً وشعباً وقضية وتاريخاً وثقافة، ويهدف إلى كسر إرادة شعبنا وانتهاك حقوقه وإنهاء ثقافة المقاومة المتجذرة لديه.

ما أريد طرحه هنا أن للثقافة وللمثقفين في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة، وفي ظل استمرار الانتهاكات بحق شعبنا في عفرين، دور كبير لا يقل أهمية عن دور هؤلاء الذي يتصدون للإرهاب والاحتلال بصدورهم لا يلهيهم عن حماية المجتمع والمواطن شيء آخر.

بلا أدنى شك, لقد سطر شعبنا في عفرين صفحات مضيئة ومشرقة، واستطاع المقاتلون الكرد صنع المعجزات بصمودهم في وجه الاحتلال التركي ومرتزقته وجيشه المدجج بأحدث الأسلحة الفتاكة. وفاجأوا العالم الصامت والساكت والمتغاضي بمقاومتهم. وهذه المقاومة ستظل مثالاً يحتذى بها ويستلهم منه المثقف الكردي والسوري إبداعاته.

بالمحصلة, الواجب الوطني والإنساني والأخلاقي يفرض على المثقفين الكرد وغيرهم، الابتعاد عن التخندق التنظيمي, وتفعيل دورهم وأدواتهم الثقافية, وإدراك حجم المعاناة والفاجعة الإنسانية  التي يتعرض لها شعبنا في عفرين، وفضح ممارسات الاحتلال ومرتزقته، ورصد مقاومة شعبنا في عفرين وصياغة إبداعاته وفق ذلك والمساهمة في تعزيز وترسيخ الانتماء الوطني ودعم المقاومة الشعبية دون أي تحريض حزبي أو عقائدي، فقط بخيارات وطنية وإبداعية.

المثقف العضوي هو ما نحتاجه اليوم، ذاك الذي يعي دوره الريادي، ويسهم في صيانة وتعميق الوحدة الوطنية. وبمقدوره إحداث تغييرات في بعض السلوكيات المتراكمة، وربما القيام  بمهام خارقة.

زر الذهاب إلى الأعلى