مقالات

هل تسير الرياح بما تشتهي سفينة اردوغان في الانتخابات

إن تقديم اردوغان مع حليفه دولت باخجلي لموعد الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في العام المقبل 2019 أي بعد أكثر من سنة من الآن والإسراع في إجرائها في 24 حزيران الجاري أمر ليس من قبيل الصدفة؛ فقد أتت بعد تمسك اردوغان بزمام الأمور بقبضة حديدية مما يخوله بالإمساك بكل شاردة وواردة في تركيا والمسؤول الأوحد عنها بعد أن قام بعمليات التصفية لكل من قال له “لا” وانتقده في طرقة حكمه للبلاد والسياسة الهاوية التي يتبعها؛ فقد زج عشرات الآلاف من الأشخاص من القوى المعارضة والديمقراطية في السجون التركية ولم يترك سياسياً معارضاً أو برلمانياً أو أكاديمياً يفكر بشكل ديمقراطي إلّا وفرض عليه العيش في غرفة مظلمة؛ حتى أنه لم يترك صحفياً أو صحافةً حرةً تدلي وتعبر عن الواقع التركي؛ فقد جعل اردوغان من نفسه السلطان الأبدي الذي من دونه تتوقف الحياة في تركيا ويخاطب يومياً مريديه أنه حامل راية الإسلام والمسلمين ويستغل العقيدة الدينية وحساسيتها تجاه شعبه ضارباً القوانين كلها بعرض الحائط؛ وأصبحت حياة كل الشعب التركي مكشوفة له، وخاصة أنه يراقب الوضع في تركيا عن كثب من خلال الأجهزة الاستخباراتية وتنصته على جميع وسائل الاتصالات وخرقه لها؛ فهو يعرف تماماً وعلى الرغم من محاولاته الحثيثة لتقويته داخلياً وحمله لشعار الحفاظ على الأمن القومي التركي من خلال مهاجمته لتجربة الديمقراطية في الشمال السوري (عفرين) كان الهدف منه هو تقوية شعبيته في تركيا من أجل نجاحه في الانتخابات المقبلة ولكن حسابات البيت والسوق لا يتوافقان أحياناً.

فبالرغم من جهود اردوغان التي بذلها في الجبهة الداخلية بممارساته الوحشية ضد كل من يخالفه الرأي واحتلاله لعفرين باسم الهاجس الكردي وتشريد أهلها منها والقيام بتغير ديمغرافي عن طريق إسكان عوائل عائدة للفصائل الإرهابية في منطقة عفرين بشكل مستمر وبعد احتلاله لمناطق أخرى من الشمال السوري يحاول بأن تكون هذه الأحداث بسخونتها ملصقة بعملية إجراء الانتخابات المبكرة حتى يستفيد من ذلك لنجاحه في جولة أخرى لأنه يعلم تمام العلم أن شعبيته تتدنى بشكل يومي لصالح القوى الديمقراطية والمعادية له واستمرار انهيار اقتصاده المالي أمام العملة العالمية ولو ترك الانتخابات تُجرى في موعدها المقرر من السنة المقبلة فإنه كان سينال السقوط الحتمي بالتأكيد.

ولذلك يعقد أمله على الانتخابات المبكرة التي يراهن فيها مرة أخرى باحتمال نجاحه؛ وخاصة أن الظروف الدولية قد لا تساعده في البقاء، وكما يقال: إن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن.

زر الذهاب إلى الأعلى