مقالات

نوروز، مقاومة لا تنتهي

فوزة اليوسف

عيد نوروز عيد يحتفل به من قِبل العديد من شعوب المنطقة، إلا أن له طابعاً خاصاَ لدى الشعب الكردي، فالاحتفال والاحتفاء به هو شكل من أشكال المقاومة لدى هذا الشعب ضد كل أشكال الظلم والقهر، ولأن الكرد كانوا ممنوعين في كل مناطق تواجدهم من الاحتفال بهذا العيد، اتخذ الاحتفال به بُعداً نضالياً وبإصرار وعناد كبيرين كشكل من أشكال التعبير والتشبث بالهوية.

أعداء الكرد يعلمون ما يمثله نوروز وما يعنيه للشعب الكردي كشكل من أشكال الفعل المقاوم وتعبير عن الهوية، لذا تراهم يفعلون جهدهم حتى ينأوا بالشعب الكردي عن هذا العيد ويمنعوا ترسيخه أكثر فأكثر في وجدانه، فبقدر ما يعنيه هذا اليوم للشعب الكردي من فلسفة مقاومة ونضال وخلق حياة جديدة، بقدر ما هو يوم يقوم فيه أعداء الكرد بفعل كل ما يلزم من أجل منع أن يكون هذا العيد تجسيداً لكل المثل النبيلة تلك، لذلك نجد بأن شهر آذار مليء بالذكريات والمجازر والمآسي الحزينة التي ارتكبها أعداء الكرد ضد الكرد بدءً من قامشلي 12 آذار 2004، ومروراً بحلبجة 16 آذار 1988 ووصولاً لعفرين 18 آذار 2018، وبالرغم من ذلك ثمة حقيقة ساطعة، وهي أن هذا الشعب مُصمم على إحياء روح نوروز الذي يحاول أعداء الكرد طمسه.

ونحن مقبلون على نوروز هذا العام ما زالت مقاومة ليلى كوفن ورفاقها على أشدها وقد وصلت لمرحلة صعبة وكذلك المقاومة التي تبديها قواتنا في الباغوز ضد إحدى أشد التنظيمات الإرهابية وحشية مستمرة كشكل من أشكال الاستمرار في تقاليد نوروز.

فنوروز بهذا المعنى هو فلسفة الحياة الحرة ورفض العيش بذل، فلسفة كاوا الحداد الذي اختزل في شخصيته شخصية كل الثوار، هذا الالهام الذي انتقل جيلا بعد جيل، فتارة كان كاوا الحداد وتارة أخرى كان مظلوم دوغان وتارة كان ذكية الكان وتارة أخرى كان راهيشان وليلى كوفن أو زولكوف كزن.

فهذه الشعلة لا تنطفئ وتظل تنير طريق التائهين جيلاً بعد جيل، شعلة نار تطهر النفوس والعقول كل سنة وتعبر عن كفاح الانسان بعدم الرضوخ للظلم والقهر والجشع.

يقال بأن الثوريين لا يموتون، وهذا كلام صحيح إلى حد بعيد، فروحهم تستمر وتنتقل في أشخاص أخرين وبما أن الثورة فعل وجود مستمر، الثوار أيضاً موجودون ومستمرون إلى ما لا نهاية.

إذا كان الظلم كبيراً في مكان ما يجب أن تكون المقاومة كبيرة أيضاً وهذا ما لا يمكن أن يحققه سوى الأبطال، انظروا إلى ليلى كوفن 5 أشهر وهي مضربة مع رفاقها عن الطعام ومستمرة في فعلها الثوري فكانت بحق مع رفاقها شخصيات نوروزية، شخصيات لا تقبل بضيم والعيش في ظلام الظلم، شخصيات تواقة للحرية والربيع المزهر.

من المهم جداً فهم واستِعاب هذه الفلسفة التي تجسدها ليلى ورفاقها في نضالهم وشخصيتهم ويجب علينا أن ندعم ونساهم في إيصال نضالهم الى هدفهم النهائي، إلا وهو النصر. نعم المقاومة هي السبيل الوحيد لعملية الخلق لدينا كشعب، لذلك بقدر ما نقوم بتطويرها وتعظيمها بقدر ما نكون قد حققنا ما نصبو إليه، لذلك يجب أن لا نترك هؤلاء الأبطال لوحدهم و نفهم في كل لحظة أنهم يحرقون نفسهم لنعيش نحن بعزة و كرامة… إنهم القِبلة التي تحدد مسارنا والسير وراء مطالبهم هو عبادة يجب أن لا يتم التهاون فيها.

كل نوروز وأنتم بألف الخير

 cejina Newrozê li we pîroz be

نقلاً من روناهي

زر الذهاب إلى الأعلى