مقالات

من عثمان الأول الى أردوغان خط عريض من الدم


رودين محمد
منذ القدم سعت وتسعى الدولة التركية الى توسيع نفوذها على حساب الدول الاخرى، ومنذ عهد السلطان عثمان الأول وابنه آروخان وتاريخ الدولة التركية(العثمانية)حافل بالاحتلالات والتجاوزات، والتي بدأها آروخان مع البيزنطين من آسيا الوسطى الى أوروبا وحدود البلقان والشام والحجاز واليمن والكويت ومصر والبحرين وقطر بدواعي نشر الاسلام وطرد المستعمرين بحسب وصفهم، وفي الحقيقة هذه كانت الأهداف المعلنة بل هي كانت للهيمنه وتوسيع رقعة نفوذها، وعلى العكس أهانت كرامة شعوب تلك الدول ومنها الدول العربية خاصة، حيث عملت على استعباد شعوبها في أرضهم ومارست بحقهم كل أنواع الاضطهاد من خطف للنساء وتسخير للاطفال وقتل وتعذيب ممنهج وبكافة الاشكال، بالاضافة لزج الشعوب في معارك لا ناقة لهم فيها ولاجمل كحروب السفربرلك، فقمعوا من كان يعارضهم وأحرقوا المدن والمكتبات، وارتكبوا العديد من المجازر التي مازالت راسخة في صفحات التاريخ كمجازر سيفو بحق الأرمن والآشوريين والسريان، ومجزرة ديرسم بحق الكرد، وهدم آلاف القرى في باكوري كردستان وتهجير أهلها، وحتى عصرنا الراهن لا زالت هذه العثمانية المقيتة تهدم مدن وقرى الكرد بشكل كامل مثل مدن آمد و سور، والعديد من قرى شمال كردستان، لطمث حقيقة وتاريخ الشعب الكردي، وهاهي تركيا تعيد مرة اخرى مافعله أجدادهم العثمانيون من خلال داعش وهجماتها على شنكال وكوباني متجاهلة كل القوانين الدولية والانسانية.

وما تفعله اليوم حكومة حزب العدالة والتنمية وحليفتها الحركة القومية بقيادة الديكتاتور اردوغان الفاشي هي حرب إبادة للشعوب بكل معنى الكلمة، حيث يستغل الجيش التركي الصمت الدولي، ويسعى بكل السبل الى انهاء الوجود الكردي في سوريا و العراق و إيران، والذي تجسد مؤخرا من خلال الهجوم  التركي تحت مسمى “مخلب النسر”، على أهلنا وشعبنا في شنكال وجبال كردستان و مخمور، وهذا السلوك هو بالتأكيد سير على نهج  الإبادة التركية بحق شعوب المنطقة، وخاصة الشعب الكردي، وماحدث في عفرين و سر كانيه وكري سبي على مستوى روج افا دليل على وحشية هذا النظام الإرهابي، فحكومة أردوغان ترى وجودها في إبادة إرادة الشعب الكردي وأنهاء أي كيان كردي يخدم القضية الكردية والإنسانية، واليوم هذا المحتل يسعى من خلال هذا العدوان  على مخمور وشنكال ومناطق الدفاع المشروع (جبال كردستان) ما هي إلا محاولات للقضاء على إرادة المقاومة الكردستانية، وكذلك محاولة جعل شنكال أرضية خصبة لعودة داعش ومرتزقته على حساب أهالي المنطقة الاصلاء، وما الاتفاق الذي وقعته قيادة الديمقراطس الكردستاني مع بغداد، إلا فصلاً جديداً من فصول المؤامرة على الكرد بدفع ورعاية تركيتان،  كما ويسعى من خلال سياساته الى تهجير الأهالي واحداث تغير ديمغرافي للمناطق الكردية ، كما هو الحال في روج افا كردستان، من خلال الجماعات الإرهابية التي تعمل تحت قيادة اردوغان، وبأمر من الميت التركي.

والهدف الثاني لدولة الاحتلال التركي من خلال هذا العدوان و الغزو، هو ضرب أي تقارب كردي كردي، ناهيكم عن محاولاتها لضرب الداخل الكردي بتوظيف جهات كردية لخدمة. أن عقلية النظام التركي الإرهابي (الكردي الجيد هو الكردي الميت)، فتركيا لا تقبل بالكردي سوى كونه (عسكر أو عميل).

والسؤال الذي يطرح نفسه: هل القوى الكردستانية مدركة لهذا الفكر التركي ومشروعه في المنطقة، والتي تسعى من خلاله الى محاربة الكرد؟.  والإستفتاء الأخير في اقليم كردستان دليل آخر وقوي  على أن تركيا لا تحارب كردياً بعينه بل هي تستهدف وجود الكرد عموماً أيما كانت الذرائع، فهل يثوب الكرد لرشدهم؟.

نحن اليوم نعيش مرحلة حساسة وعلينا أن نكون أكثر واقعية و موضوعية من خلال تحليلنا لهذا العدوان والغزو التركي على أهلنا وشعبنا، ويجب ان نسعى لخلق آليات ضغط تتيح لنا التأثير على المجتمع الدولي، ومنظمات حقوق الإنسان، ومجلس الأمن الدولي، والمطالبة بموقف أخلاقي واضح، ووضع حد لإرهاب الدولة التركية المنظم بحق الشعب الكردي.

الوقت الحالي والمناخ العام للشعب الكردي مناسب اكثر من اي وقت مضى، للعمل المشترك و التصدي لهذا الإرهاب وهذا العدوان وحرب الإبادة و الصهر بحق الشعب الكردي الذي يكتب التاريخ في مقاومة العصر و الكرامة، ومن نافل القول أن تركيا مهما فعلت لن تستطيع كسر إرادة هذا الشعب العظيم.

ومما لا ريب فيه أن الكرد الذين قاوموا الانصهار والسحق طوال سنوات، لن تثنيهم عن عزيمتهم في خلق مشروع ديمقراطي يستوعب كل مكونات المنطقة، أي عدوان أو إحتلال مؤقت ليكسر على صخرة المقاومة .

العثمانية الجديدة هي امتداد لتاريخ طويل من الدموية والهمجية للدولة الطورانية التركية، وهي محاولة لاعادة انتاج الامبراطورية العثمانية مع قدوم المئوية على لوزان وتأسيس الجمهورية التركية، وبدلاً من أن تثور الشعوب التي كانت ضحية لاتفاقية لوزان 1923، يحاول الجلاد التركي الانقلاب ليبدأ فصلاً جديداً من احتلال المنطقة وسحق شعوبها، ولكن اليوم ليس كالأمس، والكردي الجيد هو الكردي الذي يحارب العثمانية وسلطانها أردوغان.  

زر الذهاب إلى الأعلى