مقالات

من جعلهم مرتزقة تحت الطلب أرتساخ حرب الآخرين يخوضها سوريون؟؟!

ياسر خلف

في مستهل الحديث عن ظاهرة الارتزاق وما يتعلق بها يمكننا بداية التعرف عليها من خلال تعريفها لغة واصطلاحا وخاصة في ما يتعلق بالنزاعات المسلحة حيث تدل جميع التعاريف الى أن مفهوم الارتزاق هو كل عنصر التحق بالقتال الى جانب أحد أطراف النزاع ولا تربط بينهما أي صلة سواء كانت وطنية أو إقامة، ولا يحمل جنسية أحد أطراف النزاع فهو يتخذ من القتال مهنة لجني المال، وقد يكون تجنيده إجبارياً أو طواعيةً. فيعمل المرتزق في النزاعات المسلحة الدولية لصالح أحد أطراف النزاع المتحاربة وهو ليس من رعاياها او يقوم بذلك لدعم طرف محارب بناء على رغبة طرف ثالث، وكل ذلك يحدث من أجل الاستعمار أو الاحتلال بالإضافة الى ذلك فهي تستخدم من أجل إخماد حركات التحرر الوطنية التي تسعى إلى تقرير مصيرها لذلك فهي (ظاهرة الارتزاق)تعتبر مخالفة حتى لمبادئ القانون الدولي الإنساني القائم على إدانة العنصرية، وهذا ما نصَّت عليها المادة 47 لعام 1977 الفقرة 2 من البروتوكول الإضافي الثاني  للأمم المتحدة على أن المرتزق هو :

 1- أي شخص يجري تجنيده خصيصاً أو محلياً أو في الخارج ليقاتل في نزاع مسلح.

2- يشارك فعلاً أو مباشرة في الأعمال العدائية.

3- يحفزه أساساً للاشتراك في الاعمال العدائية الرغبة في تحقيق منفعة شخصية ويبذل له فعلاً من قبل طرف في النزاع أو نيابة عنه بتعويض مادي يتجاوز بإفراط ما يوعد به المقاتلون ذو الراتب والوظائف المماثلة في القوات المسلحة لذلك الطرف أو ما يدفع لهم.

4- ليس من رعايا طرف النزاع ولا متوطنا بإقليم يسيطر عليه أحد أطراف النزاع.

 5– ليس عضواً في القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع.

 6- ليس موفداً في مهمة رسمية من قبل دولة ليست طرفاً في النزاع بوصفه عضواً في قواتها المسلحة.

ومن هنا يمكن القول أن تركيا وعبر رئيسها اردوغان يسعى إلى استعادة أمجاد السلطنة العثمانية البائدة عبر الانكشارية العثمانية الجديدة والتي ذكرناها في مقال سابق بانهم مجاميع من المرتزقة واللقطاء والعبيد وأسرى الحروب لخدمة السلطان وتحقيق مصالحه الشخصية بعيداً عن سلطة الدولة أو موازية لها فأردوغان ونظام حكمه  يعمل على التدخل في معظم شؤون دول المنطقة، ويقوم بالتهديد والوعيد مراراً وتكراراً مستنداً على مجاميع مرتزقة إرهابية تكفيرية متشددة تستند في أيديولوجيتها على الفكر القاعدي الذي تسيره وتديره جماعات الاخوان المسلمين برئاسة مرشدها  الفعلي اردوغان.

لم يعد خافياً على أحد وخاصة بعد أن أصبحت صفة الارتزاق مرادفاً للمجاميع المسلحة المرتبطة بتركيا ابتداءً من داعش والنصرة ومروراً بما يسمى (الجيش الوطني) وفصائله المسلحة بمختلف تسمياتها بأن اردوغان عمل على استغلالهم وخاصة في ما يتعلق بقضايا المهجرين واللاجئين حيث كانت نوايا الدولة التركية واضحة من بداية الأزمة السورية لاستخدامهم كورقة ابتزاز وانتقام من دول الاتحاد الأوربي التي رفضت طلب انضمامها بسب سلوكها وممارستها البعيدة عن قيم الديمقراطية الغربية ليستغل بذلك مأساة السوريين وتحويلهم إلى مرتزقة تحت الطلب في أبشع صورة عرفها التاريخ الحديث من تشويه للسوريين وتحويلهم الى مأجورين وقتلة وإرهابيين منبوذين ومجرَّدين من القيم الإنسانية وهذه الصفات التي كانت ولاتزال من خصائص العثمانية البائدة المتجددة على يد سلطانها الجديد اردوغان. فأردوغان لم يأتِ بجديد إنما يستند إلى ميراث دموي من الحقد والكراهية والعنصرية والإرهاب والتطرف الديني القومي واستلهم ذلك من إرث الانكشارية العثمانية للقيام بإبادة الشعوب الأصيلة في المنطقة كما حدث سابقاً للأرمن والسربان والكرد والعرب وإجراء التغيير الديمغرافي والتتريك للمناطق التي يحتلها كما يحدث الآن في كل من عفرين وسري كانيه وكري سبي ومحاولة إلحاقها بتركيا تماماً مثلما يحدث في جزيرة قبرص التي تسعى تركيا إلى سلخها من اليونان. يبدو أن مساعي اردوغان التوسعية باتت واضحة بشكل جلي وسعيه الى إحياء العثمانية البائدة  أصبح يطفو على منهجه وسلوكه وخطابه الشعبوي فهو لا يفوت فرصة يظهر فيها إلا ويوجه خلالها التهديد والوعيد لإحدى دول المنطقة حتى أمست تركيا شبه معزولة في عهده، ودولة على شفير الهاوية اقتصادياً وخاصة بعد أن أدركت الدول العربية باستثناء قطر وتلمست الخطر من السياسة التركية العدائية لأغلب الدول العربية والتي بدأت تطلب علناً مقاطعة البضائع التركية والتجارة معها، وخاصة مصر ودول الخليج العربي واتجهت نحو التطبيع مع إسرائيل في ضربة قاصمة وجهتها الى السياسة التركية التي كان البعض من سياسييها يطالبون بطرد السفير الإماراتي إبان التطبيع بدلاً من السفير الإسرائيلي الذي يقبع معززاً في انقرة في مفارقة مضحكة ومقرفة وازدواجية وقحة.

يبدو أن الدولة التركية عبر سلطانها العثماني اردوغان لن يتوانى عن استغلال واستثمار المرتزقة السوريين في حروبه الانكشارية ولن يهتم حتى لو أُبيدوا عن بكرة أبيهم فهم أرخص ثمناً وأقل قيمة وخاصة ان المكنة الاخوانية وأبواقها الدعوية من أمثال القرداغي والقرضاوي يحضون على الجهاد في سبيل اردوغان وسلطانه سعياً لإحياء خلافة موهومة عبر وعود ملغومة للذين غُرِّرَ بهم من المرتزقة السوريين حيث تشير آخر الإحصاءات الحقوقية والإعلامية بأن ما يقارب 600 مرتزق من السوريين قتلوا في كل من ليبيا وإقليم ناغورني قرباغ، وهنا اقتبس من ما جاء في تقرير المرصد السوري لحقوق الانسان ومصادر أخرى حيث تقول: (مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في إقليم “ناغورني قره باغ” المتنازع عليه من قبل أذربيجان وأرمينيا، توقفت عملية إرسال الدفعة الجديدة من “مرتزقة الفصائل” الموالية لأنقرة التي كان من المقرر أن يتم نقلهم خلال الساعات والأيام القليلة القادمة. ولا يعلم ما إذا كانت الحكومة التركية ستتوقف عن استخدام المقاتلين السوريين كـ “مرتزقة” تخدم مصالحها الإقليمية والدولية أم لا.

ووفقاً لإحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن أكثر من 588 مقاتل من الفصائل السورية الموالية لأنقرة، قُتلوا في معارك ليبيا وإقليم “ناغورني قره باغ”، 481 منهم في ليبيا و107 في قره باغ، فضلاً عن إصابة وفقدان الاتصال بالمئات منهم، بعد أن حولتهم المخابرات التركية إلى مرتزقة، في استغلال ولاء تلك الفصائل الكامل لتركيا بالإضافة للإغراء المادي.

يُذكر أن تعداد المجندين الذين ذهبوا إلى الأراضي الليبية حتى الآن، بلغ نحو 18 ألف “مرتزق” من الجنسية السورية من بينهم 350 طفلاً دون سن الـ 18، وعاد من مرتزقة الفصائل الموالية لتركيا نحو 9300 إلى سوريا، بعد انتهاء عقودهم وأخذ مستحقاتهم المالية، في حين بلغ تعداد الجهاديين الذين وصلوا إلى ليبيا، “10000” بينهم 2500 من حملة الجنسية التونسية.

كما بلغ تعداد المقاتلين السوريين الذين جرى نقلهم إلى أذربيجان، ما لا يقل عن (1450 مرتزق”)

يمكن القول في نهاية المطاف إن الدولة التركية عبر سلطانها العثماني قد شوه صورة السوريين وثورتهم وحولهم الى مرتزقة تحت الطلب خدمة لمخططاته ومآربه التوسعية وبعد انقضاء الدور الموكل إليهم سيتخلص منهم كما هو معهود، والتاريخ العثماني البائد ذاخر بهكذا نماذج كيف لا وهم المعروفون بقتل الأخ لأخيه والابن لأبيه من اجل السلطة واستلام الخلافة.

فهل يتعظ المرتزقة السوريون ومن معهم من المغفلين ويعودون إلى رشدهم قبل فوات الأوان!!؟؟.         

زر الذهاب إلى الأعلى