مقالات

من المستفيد من خطاب البعث

دوست ميرخان –

يشن النظام البعثي في سوريا حملة خطيرة من خطاب التعصب القائم على الكراهية ضد الإدارة الذاتية ومكوناتها الإدارية والشعبية ومما يثير الأسف أن هذا الخطاب بات مألوفاً خاصة على منصات التواصل ووسائل الإعلام التابعة للنظام السوري دون أي رادع مهني أخلاقي.

وليس عجباً بأن نشاهد مسؤولاً أو إعلامياً / إعلامية ممن تشربوا نهج البعث الشوفيني ينشر السموم هنا وهناك وبين أواسط المجتمع السوري الذي عانى الويلات على مدى عقود.

خطاب الكراهية الذي زرعه البعث منذ تأسيسه بين الشعوب والمذاهب وحتى بين أقرب المقربين له يعكس مدى ضعف النظام على كافة المستويات الإدارية والسياسية وعدم مقدرته على التخلص من هذا الاسلوب البغيض في الحكم على اعتباره قائداً للدولة وللمجتمع.

لاشك بأن هذا السلاح الرخيص أخلاقياً وسياسياً وإن كان يؤثر بشكلٍ مباشر في توليد شحنات التطرف وحالة من الاحتقان الشعبي، إلا أن مصيره الفشل فبالرغم من التجييش والتحشد الذي يعمل عليه البعث بشوفينيته إلا أنه فشل في تحقيق أهدافه في ضرب المكونات بعضهم ببعض حتى في أكثر الحالات اضطراباً كما شاهدها السوريون أجمع ما حدث في الحسكة من خلال محاولات النظام دفع المنطقة نحو اقتتال بين المكونات التي وجدت الأمان والتعايش المشترك في ظل الإدارة الذاتية التي قدمت ما لم يقدمه البعث طيلة فترة حكمه والمستمرة إلى الآن.

الجميع بات يعي تماماً كواليس هذا الخطاب المؤجج والدافع وراء تصعيده في هذه المرحلة خاصة بعد أن أيقن العالم أجمع أن مستقبل سوريا يمر عبر نموذج الإدارة الذاتية الديمقراطية وبأن قوات سوريا الديمقراطية باتت الجزء الرئيسي من منظومة الأمن والدفاع ليس فقط عن سوريا إنما عن الإنسانية وقيمها في سوريا والمنطقة عموماً.

وفي الوقت الذي تحشد فيه الإدارة الذاتية بكل مؤسساتها السياسية والادارية والعسكرية والثقافية لمواجهة مثل هذه الخطابات والتوجهات النعراتية الشوفينية، وهي التي دفعت أثماناً باهظة في سبيل إخماد كل النعرات والوقوف بوجه أكثر التنظيمات تطرفاً في العالم وأتاحت كل الفرص الممكنة لتحقيق السلم والأمن ليس فقط في جغرافية الإدارة وإنما في عموم سوريا, يعمل النظام وأطراف مرتزقة ومأجورة لدى التركي على تهديم كل ما أُنجز بجر أبناء المنطقة إلى حربٍ بينية كارثية الرابح فيها قوى السلطة والشر التي تسببت في قتل الآلاف وتهجير ملايين السوريين.

خطاب البعث والثلة المأجورة هو بمثابة هجوم على التنوع والتسامح وحالة التعايش بين المكونات عموما وهذا ما لم تشهده سوريا طيلة عهود، كما أن هذا الخطاب يقوض الجهود الساعية للحل في سوريا وفي الوقت ذاته يؤزم الوضع في المنطقة ويوجهها نحو العنف وهذا الأمر بحد ذاته يعبر عن حقيقة مثل هذه الأنظمة المارقة.

ما يثير القلق أن هذا النوع من الخطاب شبيه إلى حدٍ كبير بخطاب داعش وتوجهه لكن بصورة أخرى فداعش تنظيم إرهابي والنظام السوري يمثل دولة لها تمثيل دولي وأممي كان من المفروض أن يتخلص من مثل هذه النزعات وأن يزيل من على كتفه كل الصدأ المتراكم وأن يتجه نحو توحيد السوريين لإيجاد حلٍ سياسي ديمقراطي للأزمة القائمة; لكن وبعد عقد من الأزمة أخشى أن تكون سوريا على شفا جحيمٍ آخر يمد بعمر الأزمة إلى عقود أخرى.

لا شك أن تجربة الإدارة الذاتية تعكس الجهود التي عكفت من قبل مكونات المنطقة الأصليين؛ الكرد والعرب والسريان  والمكونات الأخرى طيلة السنوات السابقة في صون حرية وحقوق كل المكونات بالرغم من حالة الحرب الدائرة التي تواجهها هذه الإدارة على كافة الجبهات والأصعدة.

لاشك أن ما حدث بمثابة دق ناقوس الخطر لفتنة يثيرها أزلام البعث الشوفيني الذي يكره كل مغايرٍ له لدرجة وصلت كراهية أنصاره لأقرب الناس إليهم, ثقافة تربى عليها أجيالٌ بعثية وهذا ما يعلمه جميع السوريين.وهنا لا ننسى دور المنظمات المدنية ووسائل الأعلام الحرة  حتى تلك المتعلقة بالدولة, عليها أن تعي واجبها ومهامها في ما يجب القيام به خاصة فيما يتعلق بنشر ثقافة التنوع والتعايش السلمي، فمثل هذه الخطابات الخطيرة محدقة بالجميع, لذا على الجميع محاربتها ونبذها فسوريا أمام استحقاقات مرحلة جديدة تتربص لها قوى الشر والإرهاب الإقليمية والدولية.    

زر الذهاب إلى الأعلى