مقالات

ملاحظات حول الوحدة والانفكاك

عبد الكريم ساروخان

هناك من يروج كثيراً في هذه الايام بضرورة قطع علاقة الإدارة الذاتية بقنديل وربطها مع جنوب كردستان، بحجة المحافظة على مكتسبات روج افا، وباعتبار أن الجنوب لهم علاقاتهم الإقليمية والدولية، سيحمون بها روج افا من التدخلات الدولية والإقليمية ويتناسون بأن هذه المسألة أكثر تعقيداً مما هم يتصورونه، ولنسأل أنفسنا هل تقبل حكومة الإقليم بتلك العلاقة؟ وهل هي التي قَبِلت بتلك العلاقة ورفضتها الإدارة الذاتية؟
كنا ومازلنا مع تمتين العلاقة مع إقليم كردستان وهذا يدخل في خدمة القضية الكردية بشكل عام وروج افا بشكل خاص ولكن الجميع يدرك تمامًا بانهم لا يستطيعون، كون علاقاتهم متشابكة مع القوى الإقليمية وبشكل خاص مع تركيا، فحكومة الإقليم ورئاسة الإقليم وقيادة حزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتحكم برئاسة الإقليم ورئاسة الحكومة، يرفض إقامة أي علاقة متوازنة مع الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، وليس له أي موقف اتجاه احتلال تركيا لمناطق شمال وشرق سوريا، مع أن الإدارة الذاتية مستعدة وفي كل وقت لإقامة أفضل العلاقات مع حكومة الإقليم بشرط أن تكون هي أيضا مستعدة لذلك.
والنقطة الاخرى المهمة هي مسألة الانفكاك عن حزب العمال الكردستاني، لنسأل هنا ما هو نوع هذا الارتباط حتى يتم الدعوة للانفكاك؟ هل قالت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في يوم ما إنها جزءا من منظومة المجتمع الكردستاني وحزب العمال الكردستاني حتى يعلن اليوم انفكاكها عنها؟
هذه مجرد حجج تتحجج بها تركيا ومع الأسف بعض المثقفين ايضاً يصدقون ذلك ويسخرون اقلامهم للحرب الخاصة التي تشنها تركيا، ولو دققنا قليلا وسألنا أنفسنا “هل التدخل التركي في ادلب وليبيا وقبرص وحتى في شؤون مصر ودول الجوار كانت بسبب وجود حزب العمال الكردستاني في تلك المناطق والدول”؟
رغم ان روج افا تدار من قبل مكوناتها الكردية والعربية والسريانية وصرحت مراراً وتكراراً حول هذا الموضوع ولكنهم يحاولون ربط روج افا بقنديل حتى تكون لهم ذريعة بالتدخل ومع الاسف مثقفينا ينجرون إلى تلك اللعبة سواء عن وعي أو بدون وعي وكأنهم صدقوا تلك الاكذوبة.
وتصريحات السيد نيجيرفان البرزاني الذي دعا فيها إلى انفكاك العلاقة مع قنديل، كان تبرير للعدوان على روجآفا، وكان الأجدر بمثقفينا والسيد نيجيرفان البرزاني أن يلعبوا دوراً ايجابياً في هذه المرحلة العصيبة ويدعوا الى وحدة الصف الكردي في روج افا ووحدة الموقف السياسي الكردستاني والعمل على تقوية الوحدة الوطنية لا العمل على إقصاء جهة كردستانية من أجل مراضاة تركيا.
حزب العمال الكردستاني لم يتدخل في روجآفا ولم يفرض اي شيء على مكوناته، بل على العكس ساعد ودافع عن روجآفا والإقليم وقدم المئات من الشهداء في شنكال وكركوك وحتى على أسوار أربيل التي كادت تسقط بيد داعش، ومن المفروض تقديم الشكر لهذا الحزب احتراما لتضحياته على الأقل وتقوية اللحمة الوطنية وليس التهجم عليه إرضاءً لتركيا التي لا تقبل حكومتها ورئيسها حتى مجرد التلفظ بكلمة كردستان والذين كانوا أشد من وقفوا ضد الاستفتاء .
المطلوب في هذه المرحلة هي الدعوة لوحدة الصف الكردي والكردستاني ، وتشجيع كل الأطراف السياسية للدخول في حوار من اجل المصلحة العليا، ومن أجل عقد مؤتمر وطني كردستاني وتشكيل مرجعية سياسية ووضع استراتيجية وطنية لا أن نسخر اقلامنا ومواقفنا وتصريحاتنا لخدمة ما تريده تركيا، ومن أجل ذلك على جميع القوى السياسية تحديد مواقفها من أجل الاسراع في عقد المؤتمر الوطني بدون أي أعذار وحجج.

زر الذهاب إلى الأعلى