مقالات

ما بين السلطة والإدارة الذاتية

تطرق فيلسوف الأمة الديمقراطية عبد الله أوجلان إلى السلطة والإدارة الذاتية الديمقراطية في مراجعاته مشيراً إلى إن:

“الخطر الأكبر الذي يهدد الديمقراطيات والإدارات شبه المستقلة في عصر الحداثة الرأسمالية يأتي من السلطات الدولتية القومية فالدولة القومية التي كثيراً ما تموَّه نفسها بستار الديمقراطية ترسخ المركزية الأكثر صرامة, قاضية بذلك كلياً على حق المجتمع في الإدارة الذاتية …وكذلك جميع القضايا القومية الكلاسيكية الرائجة في راهننا انما تنبع من قمع الدولة القومية المركزية للديمقراطية والإدارات الذاتية وبالتالي فولوج هذه القضايا على درب الحل أيضاً غير ممكن إلا بالتغلب على أرضية اغتصاب الحقوق…”

نجد أن هذه الرؤية هي في توقيتها الصحيح اليوم  وإذا ما تم الوقوف عليها بشكل جدي فأنها ستفتح صفحة جديدة من التعايش والمساواة بين أبناء المجتمعات المختلفة.

ففي الوضع السوري وقبل كل شيء، فإن التغلب على هذه التناقضات وتنوير العقل الجمعي السوري هو ضرورة أخلاقية ملحة.  خاصة عندما يؤدي هذا الأمر إلى صراعات وحروب. وعندما تزيد هذه التناقضات من هشاشة المجتمع , وتكون مصدراً رئيسياً للقلق لدى مكونات المجتمع. ففي عالم يزداد ترابطاً يوماً بعد يوم، نجد أن معالجة حالات الهشاشة في المجتمع السوري تصب في مصلحة الجميع، لضمان استقرار المجتمع السوري وازدهاره.

 ومن هنا يتحتم على الجميع فتح صفحة الحوار بمشاركة جميع شرائح ومكونات المجتمع ,فالتاريخ السياسي العام يطلعنا بأن الانتصارات العظيمة في الشمال السوري تحققت في المنعطفات الحرجة عندما تمت بمشاركة مختلف مكونات المجتمع.

 من هنا فأي حوار لابد وأن يكون توافقياً بين جميع مكونات المجتمع لتكون له مخارج ايجابية ، وهذا الأمر لا يتم إلا عندما تتجرد الأنظمة  ومن يمثلها من الذهنية الشمولية والإقصائية .واعتبار الآخر شريكاً وليس عدواً . وعليها أن تتعاطى مع الوقائع والأحداث بواقعية ، بعيدة عن روح الإقصاء والتشنج ليتمكن الجميع من التغلب على المعوقات والمصاعب بروح من المسؤولية.

المرحلة القادمة تتطلب تغيير نمط الخطاب السياسي تتطلب تقديم أفكار وتحديد أولويات وتقييم التجارب والمشاريع السياسية المجدية والقابلة للتطبيق ، ليضمن الكل ديمومة الحركة في المجتمع وليس خارجه، وهكذا نكون قد خلقنا لأنفسنا وللشعب والمجتمع استقراراً دائماً.

 فما يريده الشعب هو الحوار حوار يشمل جميع مكونات الشعب السوري، حوار يجمع كل الأطراف، يسوده الصراحة والوعي والالتزام ، لأن واقع المرحلة الجديدة لمجتمعاتنا يتطلب التعاطي بمنطق (الوعي).

في هذه الأجواء تظهر للوسط قوة الحل وقد باشرت أداء دورها بوصفها بديلاً منيعاً في وجه الحداثة الرأسمالية وقدرتها على حل القضايا المجتمعية العامة ,ولجم القمع والاستغلال في وقت تعجز الأنظمة القومية عن حل هذه القضايا .

حل ينعش العلاقات الاجتماعية التي مزقتها النزعة القومية ويفعم الهويات المتباينة بروح الوفاق والسلام.

زر الذهاب إلى الأعلى